التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

ازدواجیة السعودیة؛ القاعدة في اليمن من ناحية، ومفاوضات الكويت من ناحية آخرى 

لايزال التعطيل سيّد الموقف على طاولة الكويت، تارةً عبر تعليق المفاوضات المباشرة، وأخرى عبر الغياب عن الجلسات المقرّرة مسبقاً، تماماً كما حصل في الجلسة المسائية بالأمس للجنة الأسرى والمعتقلين ومن هم قيد الإقامه الجبرية حيث عطّل وفد الرياض الجلسة قبل موعد انعقادها بخمس دقائق وبذريعة عدم اكتمال قوام أعضائهم ومندوبيهم.

لم يكن تعطيل جلسة الأمس الأول من نوعه، إذ سبق وعطل وفد الرياض اجتماعات لذات اللجنة وأخرى للجنة التنسيق والتهدئة، كما أنه بالتأكيد لن يكون الأخير فيما لو تابعنا سير المفاوضات والميدان حيث تسعى الرياض لتضعيف اليمن أمام الرأي العام العالمي والعربي تحت ذريعة القاعدة. تقوم الإسترتيجية السعودية الحالية على تعويم مواجهتها مع تنظيم القاعدة للضغط على أنصار الله من ناحية، وإظهار دور سعودي معاكس لما أثبتته الرياض خلال عام ونيف من العدوان الذي حصد الألاف من الشهداء.

لم تكن الرياض لتلجئ لهذه الخطوة لولا نجاحها في تحقيق الأهداف التي رسمتها لعملية “عاصفة الحزم”، إلا أن فشل العملية العسكرية في تحقيق أهدافها بسبب الحضور الميداني للجيش واللجان الشعبية، دفع بالرياض للإنتقام من اليمنيين عبر القاعدة التي غزّزت صفوفها في الجنوب اليمني خلال العام المنصرم.

رغم تركيز الإعلام السعودي على القاعدة في اليمن من ناحية، ومفاوضات الكويت من ناحية آخرى، إلا أن القوات السعودية لازلت تنتهك الهدنة رغم مرور حوالي الشهر والنصف على دخولها، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى التالي:

أولاً: لن تتوقف السعودية عن إنتهاكها للهدنة في اليمن مستفيدة من شمّاعة القاعد التي تبرّر، أمام المجتمع الدولي، الوجود السعودي في السماء اليمنية بإعتبار أن القاعدة في اليمن من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، فضلاً عن كونها ستار يعزيز سياسية عض الطرف الأمريكية بإنتظار نتائج الإنتخابات الرئاسية المقبلة، والإدارة الأمريكية الجديدة. لهذا تهدف السعودية لتضعيف الجانب اليمني، أنصار الله والمؤتمر الشعبي وحلفائهم، بغية شرعنة نفوذها إلى اليمن في ظل وجود ذريعة معلّبة تسمّى القاعدة.

ثانياً: لا يقتصر تضغيف السعودية للجانب اليمني على أنصار الله والمؤتمر الشعبي، بل تحاول الرياض تضعيف كافّة اليمنيين ولعب دور المحامي والمدافع عن هذا الشعب الذي خسر البشر والحجر إزاء العدوان. لن تتوان الرياض عن تضعيف حلفائها حتّى، ولا نستغرب أن تستعين مجددا ببعض أدواتها التي ستطالب بتعزيز الدور السعودي في اليمن، ولكن هذه المرّة ضد تنظيم القاعدة، وبالتالي تعتقد السعودية من خلال هذه الخطوة أن ستمحي عن جبينها عار عام ونيف من العملية العسكرية ضد الشعب اليمني.

ثالثاً: إن الإستراتيجية السعودية الحالية في اليمن لا تحتلف عن تجربة السنوات الخمس في الأزمة السورية، فكما دعمت في سوريا العديد من التنظيمات المسلحة، إرهابية وغير إرهابية وفق تصنيف الأمم المتحدة، نفّذت الخطوة نفسها في اليمن عبر دعم جهات مختلفة، بدءاً من قوات هادي وليس إنتهاءً بتنظيم القاعدة نفسه. كذلك، وكما عمدت إلى إفشال المفاوضات السورية بعد فشلها في إسقاط الرئيس الأسد هاهي تمارس الخطوة نفسها في اليمن، لتعود إلى الميدان كما فعلت في سوريا قبل فترة. هنا تجدر الإشارة إلى أن الإستراتيجية السعودية متشابهة، من حيث المضمون وإن إختلفت في الشكل، في كل من سوريا واليمن على حد سواء.

يبدو أن السعودية بدأت مرحلة جديدة في معركتها ضد اليمنيين، معركة عنوانها الزج بالقاعدة في المشهد القائم لخلط الأوراق وقلب الطاولة على الجميع حيث لا تريد أن تكون الخاسر الوحيد، ولعل الإنتقال إلى مرحلة جديدة تهدف تعزز أوراقها على الصعيد الدولي. إن مراقبة الخروقات السعودية تظهر خلاصة واحدة عنوانها: “أنا أضرب إذاً انا موجود”، لكن هذا لا يعني عدم إنتهازها أي فرصة للسيطرة على مدينة تعز أو الدخول صنعاء من مأرب عبر مديرية نهم، وبالتالي نسف الطاولة وكافّة جهود ولد الشيخ للحل السلمي. “ما دامت السعودية غير مقتنعة بالحل السياسي في سوريا، سوى بإلغاء الطرف الآخر، فهي كذلك في اليمن”، بهذه العبارة يلخص مصدر عسكري مطّلع، على الأزمتين السورية واليمني واكب المفاوضات اليمنية في الكويت والسورية في جنيف، الإستراتيجية السعودية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق