ماذا لو أسر حزب الله ضابطين غربيين في حلب؟
تتوالى التعليقات الإعلامية في حادثة شهادة القائد الجهادي الكبير مصطفى بدر الدين الذي سقط شهيداً الأسبوع الماضي بصاروخ أطلقته الجماعات التكفيرية، وفي آخر المستجدات كشف مصدر لبناني مطلع في بيروت، استنادا إلى معلومات أمنية وُصفت بالـ”مؤكدة”، أن أحد كبار قادة “معارضة الرياض” وضابطين من الاستخبارات الأمريكية والفرنسية وقعوا في قبضة حزب الله، في حين لم يتسنّ لنا التأكد من صحّة هذه المعلومات.
وقال المصدر حسب موقع جريدة الثبات اللبنانية: ان حزب الله اعتقل هؤلاء عبر عملية أمنية معقَّدة قادت نخبة من مقاتليه إلى غرفة عمليات مستحدَثة باشر ضباط فرنسيون وأمريكيون وسعوديون بإدارته قبل سقوط خان طومان بأيام، في منطقة لم تُحدَّد، تخضع لسيطرة تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي في حلب.
وتوضح المعلومات المتوفّرة أن العملية الأمنية التي نفّذها حزب الله في “عقر دار جبهة النصرة” في حلب، أتت رداً على هجوم خان طومان، و”ضربة“ استهداف مجموعة المستشارين الإيرانيين في خان طومان، من قبَل طائرات أمريكية وليس من الميليشيات المسلَّحة، انطلقت من قاعدة إنجرليك في تركيا، مشيرة إلى أن قصف غرفة عملياتهم جاء بناء على معلومات استخبارية “إسرائيلية”، وكان المقصود بها الجنرال قاسم سليماني، الذي لم يكن موجوداً حينها في سوريا. وربطاً بالأمر، لفتت المصادر إلى أن مشاورات حثيثة تجري بين طهران وموسكو، التي نقلت رسالة إيرانية “من العيار الثقيل” إلى واشنطن، مفادها “وصلت الرسالة.. وردُّنا لن يقف عند هذا الحد”.
العملية المعقدة وفق مصدر أمني، تعيد إلى الأذهان تلك التي نفّذها حزب الله في شهر آذار 2014 – حين توغّلت مجموعة من مقاتليه في نقطة بعمق منطقة القلمون، كانت تخضع حينها لسيطرة الميليشيات المسلحة، ونجح في تصفية خمسة من قادة خبراء تفخيخ السيارات التي كانت تصل إلى الضاحية الجنوبية عبر عرسال – وكشفت أن الاستخبارات الأمريكية رجّحت أن يتم نقل الأسرى إلى لبنان.
فسارعت واشنطن إلى طلب المساعدة العاجلة من تل أبيب؛ في محاولة لإنقاذ الوضع، فيما وضعت مصادر صحفية أخرى علامات استفهام حول قصف الرتل، والإمكانية الكبيرة لتعريض حياة الأسرى للخطر، لترجِّح احتمال تقصُّد تصفيتهم قبل بلوغهم “مناطق نفوذ” حزب الله.
وكانت مصادر قالت ان “غارة إسرائيلية استهدفت رتلاً لحزب الله كان ينقل أسلحة من سوريا إلى لبنان”، تمّ نفيه من قيادة الحزب، وكذلك فعل الکيان الإسرائيلي.
وحسب ما كشفت المعلومات أيضاً، فإن الغارة “الإسرائيلية” استهدفت رتلاً من السيارات على طريق محاذٍ للحدود اللبنانية، اعتقدت الاستخبارات الأمريكية و”الإسرائيلية” أن المُختطَفين موجودون ضمن هذا الرتل، ليتبيّن لاحقاً بعد انقشاع غبار القصف، أنها سيارات خاصة تنقل مهرّبين لبنانيين وسوريين، وقد قُتل منهم ثلاثة أشخاص، اثنان منهم من بلدة سعدنايل البقاعية اللبنانية.
وبدأ عمل استخباري جبّار للرد على عملية الأسر.. هدف صعب موضوع على لائحة الاستهداف “الإسرائيلي” منذ سنوات طويلة، هو القيادي مصطفى بدرالدين، الذي توّجه الكيان الإسرائيلي على رأس قائمة المتَّهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري، بعد عجزه عن تصفيته أمنياً، ولاحقه على مدى عشر سنوات عبر المحكمة الدولية دون جدوى. وتشير المعلومات إلى أن استهداف بدرالدين تم عبر عملية استخبارية ضخمة، خطّطت لها الاستخبارات الأمريكية و”الإسرائيلية”، بمؤازرة سعودية، ونفّذتها فرقة خاصة في “جبهة النصرة”، تمّ تدريبها منذ العام 2012 على أيدي ضباط في جهاز “أمان الإسرائيلي”، لهدف يشمل حصراً قيادات رفيعة المستوى في حزب الله على الأراضي السورية، من دون إغفالها التأكيد على أن منفّذي العملية باتت أسماؤهم وجنسياتهم بحوزة الجهاز الأمني للحزب.
لو صحّت عملية الأسر فهناك قواعد جديدة يتعيّن على الجيش السوري وحلفائه بدءاً من الضاحية مروراً بطهران وصولاً إلى موسكو إتخاذها، أولاً الكشف للرأي العام العالمي حقيقة الحضور الأمريكي المباشر مع جبهة النصرة. ثانياً، كيف أن واشنطن خدعت موسكو وجرّتها إلى طاولة المفاوضات في حين أنها تقاتل في الميدان سواءً في تل العيس أو خان طومان، فكيف سترد موسكو؟ وهل توعّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بإستهدام الفصائل التي لا تلتزم بالهدنة الروسية يأتي في هذا السياق؟. ثالثاً، يحق لطهران الرد على إستهداف أي تواجد عسكري أمريكي سواءً في أفغانستان أو العراق أو حتى سوريا، بشكل غير مباشر، تماماً كما فعلت واشنطن في خان طومان. رابعاً، إن هذا التواجد يؤكد نيّة كل من واشنطن وأنقرة والرياض على المضي في الحرب السورية التي حصدت مئات الآلاف من الضحايا، وبالتالي يهدف مؤتمر جنيف لتمرير الوقت. أخيراً، تتحمّل كل من واشنطن والكيان الإسرائيلي جزءاً من دماء الشهيد بدر الدين، وبالتالي يترتّب عليهم تحمل جزءٍ من النتائج، مهما كانت.
أول أمس، تحدّث السيد نصرالله مطولاً في أسبوع الشهيد القائد بدر الدين دون أن يتطرّق للحديث عن العملية الأمنية التي نقلتها المصادر الأمنية، ولعل تكتّمه على الأمر لو حصل يعود لأسباب خاصّة تتضح فيما بعد، إلا أنه رسم قواعد إشتباك جديدة في الساحة السورية التي إستشهد عليها السيد بدر الدين. ورغم أن قواعد الإشتباك ركّزت على إستهداف هذه الجماعات وإجتثاثها بعد إسقاط وتدمير المشروع التكفيري في سوريا، إلا أن السيد لم يبرئ الكيان الإسرائيلي موضحاً أنه عندما تكون هناك معطيات حول مسؤولية الکيان الإسرائيلي عن أي عملية لا نخفي ذلك، مضيفاً “اذا امتدت يدكم الى أي مجاهد من مجاهدينا سيكون ردنا واضحا ومباشرا مهما كانت التبعات وخارج مزارع شبعا”.
المصدر / الوقت