بن علي يلدرم، صديق أردوغان المطيع وطريقه نحو السلطنة
يبدو أن وزير النقل والاتصالات التركي بن علي يلدرم، أو “رجل المشاريع” كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، على وشك البدء بأهم مشروع في حياته، ألا وهو العمل إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتغيير نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي.
فقد تم مؤخراً تسمية بن علي يلدرم وزير النقل والاتصالات التركية، رئيساً جديداً للحزب الحاكم خلفاً لـ “كيسنجر تركيا” رئيس الوزراء المستقيل أحمد داوود أوغلو، وهو ما مهد بشكل تلقائي لتسلمه بعد أيام قليلة مفاتيح قصر “طولمه باغجه” العريق على ضفاف مضيف الباسفور في مدينه اسطنبول بوصفه رئيساً للوزراء.
وفي أول تصريح له بعد ترشحه لمنصب رئيس الحكومة، تعهد يلدرم بالتنسيق المطلق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما كان متوقعاً بعد استقالة داوود أوغلو نتيجة خلافه مع أردوغان، حيث فهم الجميع أن المطلوب هو رئيس وزراء أكثر طوعاً للرئيس التركي. ويجمع المراقبون أن مجيء يلدرم سيكون مقروناً بتغييرات تاريخية جديدة على الصعيد السياسي التركي.
لماذا يلدرم؟
بعد أن صرح داوود أوغلو ضمنياً أنه غير قادر على الاستمرار بالتعاون مع أردوغان فيما يخص بعض الملفات، تم طرح عدة أسماء لخلافته، كسلجوق البيرق، صهر أردوغان ووزير الطاقة، وغيره، إلا أن يلدرم كان الخيار النهائي لهذا المنصب. حيث يُعتبر بن علي يلدرم وزير النقل والاتصالات التركي، الصديق والرفيق القديم لأردوغان، وقد كان ملازماً له منذ حقبة التسعينات عندما كان رجب طيب أرودغان يشغل رئيس بلدية مدينة اسطنبول آنذاك، وكان التنسيق بينهما عالياً. ومنذ أن تسلم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان زمام الحكم في تركيا، شغل يلدرم منصب وزير النقل والاتصالات لثلاث دورات متتالية، ويُعزى إليه الفضل في أعمال التنمية للعديد من البنى التحتية في تركيا، ولذلك كان يسمى “رجل المشاريع”.
وبعد أن فقد أردوغان رفقاء مسيرته السياسية، بدءاً من الرئيس السابق عبدالله غل، ووصولاً إلى رئيس الحكومة داوود أوغلو الذي لم يكن على تنسيق في جميع الملفات مع أردوغان، يبرز اسم “بن علي يلدرم” كنموذجاً عن الوفاء في حق الرفيق القديم. وفي حال استطاع يلدرم بالتعاون مع أردوغان تغيير نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، يكون قد أنجز أهم مشروع في حياته، ألا وهو تجاوز ميراث أتاتورك.
ارتبط اسم يلدرم بالعديد من المشاريع الهامة، كشق الطرق وبناء الجسور وتشييد المطارات و بناء خطوط السكك الحديدية السريعة، إضافة إلى المشاريع العملاقة كتشييد نفق مرمرة، والجسر الثالث على مضيق البوسفور، ووضع حجر الأساس لبناء أكبر مطار في في العالم في مدينة اسطنبول.
وخلال المدة الطويل التي قضاها في منصب وزير النقل والاتصالات، نال “بن علي يلدرم” شهرة واسعة في مجال تنفيذ المشاريع الكبرى، وطبعاً هذا لا ينفي وجود بعض التشكيك ضمن الأوساط السياسية التركية بجهوده الانمائية، إلا أن هذا الأمر أسهم بالإضافة إلى قربه من أردوغان، في زيادة فرصه لتسلم منصب رئاسة الحكومة التركية.
الجدير بالذكر أنه لا ينظر في الأوساط التركية إلى يلدرم على أنه شخص ديموقراطي، فقد ارتبط اسمه باغلاق مواقع يوتيوب وتويتر في عام 2014، كما ووُجهت إليه الكثير من تهم التمييز بين الجنسين، خاصة بعد تصريحات يصف فيه الاختلاط بين الجنسيين في بغير المقبول.
كيف تم انتخاب يلدرم؟
أعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك تشريح بن علي يلدرم لرئاسة الحزب بعد استطلاع رأي أُجري بين أعضاء الحزب. وأضاف جليك أنه بعد ساعات من البحث والتدقيق واستناداً إلى الاستطلاع الذي أجري بين أعضاء الحزب، تبين أن يلدرم هو المرشح الوحيد الجدير بمنصب الأمين العام للحزب. ولم يأت جليك على ذكر أي دور لأرودغان في ترشيح يلدرم، فيما أكد أن 80% من أعضاء الحزب قد وافقوا على انتخابه رئيساً لحزب العدالة والتنمية. وفي 22 مايو/أيار تم انتخاب يلدرم رئيساً للحزب، وقد أبدى يلدرم ردود إيجابية على ذلك قائلا: “فخر لي أن اتسلم قيادة حزب العدالة والتنمية، وأشكر جميع أعضاء الحزب الذين انتخبوني وهذا دليل على التنظيم الجيد الذي يتحلى به حزب العدالة والتنمية” وقد حمل خطاب يلدرم هذا رسالتين أساسيتين، الأولى التأكيد على صلابة بنية حزب العدالة والتنمية وأنه الحزب لم يتعرض للتشتت بعد الخلاف بين أرودغان و أوغلو، والثاني أن يلدريم سيتلزم التنسيق المطلق مع أردوغان.
ما التحديات أمام بن علي يلدرم؟
يواجه بن علي يلدرم تحديين أساسيين، الأول تغيير الدستور التركي بما يوائم تغيير النظام في تركيا إلى رئاسي، والثاني تنفيذ مشروع رفع الحصانة القضائية عن 138 عضو في البرلمان التركي. وإذا كان مشروع اقرار النظام الرئاسي، مشروعاً طويل الأمد نسبياً، إلا أن رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان التركي والتي تهدف إلى اقصاء الأعضاء الأكراد، هو من المهام الفورية التي لا تقبل التأجيل لرئيس الحكومة المقبل. حيث وافق أعضاء الحزب الحاكم في تركيا خلال الأيام القليلة الماضية على مشروع قرار يلغي الحصانة عن بعض أعضاء البرلمان، وتفيد المعلومات أن مشروع القرار قد صدر بإيعاز ضمني من القصر الرئاسي، وأن رئيس الوزراء السابق داوود أوغلو كان متحمساً له أيضاً، إلى أن استقالته من رئاسة الحكومة، جعلت الكرة في ملعب يلدرم.
وتأتي هذه التحديات على خلفية اتخام أرودغان لأعضاء البرلمان الأكراد، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بالاتصال مع منظمة ب ك ك الارهابية، إلا أن الحصانة التي يملكها النواب، تحول دون اتخاذ أي اجراء ضدهم. فطالب أردوغان في أحد خطاباته تغيير الدستور التركي، بما يسمح بإلغاء الحصانة القضائية عن النواب الذين يشتبه بصلتهم بالمجموعات الارهابية.
حيث يمثل هذا التغيير في الدستور الخطوة الأولى التي ينبغي على يلدرم القيام بها، تمهيداً لاحداث تغيير جذري في الدستور التركي مستقبلاً يسمح دون عقبات بارساء مشروع النظام الرئاسي، وتتويج أردوغان سلطاناً على المملكة العثمانية الحديثة.
المصدر / الوقت