ما تأثير مقتل “الملا أختر منصور” على العلاقات الأفغانية – الباكستانية؟
بعد إعلان أمريكا وأفغانسان عن مقتل زعيم حركة طالبان “الملا أختر منصور” في ضربة جوية أمريكية قبل عدّة أيام، قالت باكستان إن هذه الغارة أدت إلى مقتل عنصرين من طالبان ولم يكن منصور أحدهما.
وأكد رئيس الوزراء الباكستاني “نواز شريف” خلال زيارته إلى بريطانيا إن إسلام آباد لا تؤيد خبر مقتل “الملا منصور”، ولا زالت تحقق في هوية الشخص أو الأشخاص الذين قتلوا في الغارة الأمريكية التي نفذت السبت الماضي بطائرة من دون طيار في منطقة “بلوشستان” جنوب غربي باكستان.
وتتهم أفغانستان الملا منصور بالتورط في التخطيط لكثير من الهجمات التي إستهدفت منشآت في العاصمة كابول وباقي الأراضي الافغانية، والتي شكّلت تهديداً مباشراً للمدنيين وقوات الأمن الأفغانية.
وتقول إسلام آباد إن الغارات الجوية الأمريكية التي تحصل بين الحين والآخر داخل أراضيها تتم دون التنسيق معها. وفي الآونة الأخيرة إنتقد نواز شريف هذه الهجمات واصفاً إيّاها بأنها تمثل إنتهاكاً للسيادة الباكستانية.
يأتي هذا في وقت زعمت فيه كل من أمريكا وأفغانستان بأن باكستان لا تتعاون معهما في مجال محاربة الإرهاب، فيما تتهم الحكومة الأفغانية نظيرتها الباكستانية بدعم حركة “طالبان الأفغانية”.
فبعد التفجير الأخير الذي نفذته طالبان في العاصمة الأفغانية كابول وأدى إلى مقتل وجرح الكثير من الأشخاص، أعلن الرئيس الأفغاني “أشرف غني أحمد زي” أمام البرلمان الأفغاني بأن حكومته لن تطلب بعد الأن مساعدة من إسلام آباد بشأن التفاوض مع طالبان وستتخذ إستراتيجية جديدة لمواجهة هذا التنظيم.
وتؤكد السلطات الأفغانية بإستمرار على ضرورة ضرب مقرات ومواقع طالبان داخل الأراضي الباكستانية التي تتخذها هذه الحركة منطلقاً لشن هجمات داخل الأراضي الأفغانية. كما تتهم السلطات الأفغانية الأجهزة الأمنية والإستخبارية الباكستانية بدعم طالبان في تنفيذ هذه الهجمات.
ورغم إتهام أمريكا وأفغانستان لباكستان بدعم الجماعات الإرهابية، تنفي الأخيرة هذه الإتهامات وتؤكد بأن أمريكا والدول الغربية الحليفة لها هي مصدر الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة. كما تتهم إسلام آباد أمريكا وحلفائها الغربيين بالإزدواجية في التعامل مع الحركات الإرهابية والمتطرفة.
وترى باكستان بأن مواجهة طالبان تتطلب من الحكومة الأفغانية إتخاذ إجراءات عملية في هذا المجال وعدم الإكتفاء بالدعوة إلى إجراء مفاوضات مع هذه الحركة من أجل إقرار السلام وتعزيز الأمن والإستقرار في أفغانستان.
وتجدر الإشارة إلى أن باكستان لديها مصالح مباشرة في أفغانستان، وفي حال تم القضاء على حركة طالبان، فلن يكون هناك من يستطيع الضغط على الحكومة الأفغانية من أجل تأمين هذه المصالح. ولهذا يعتقد المراقبون بأن إسلام آباد تدافع عن حركة “طالبان الأفغانية” في نفس الوقت الذي تسعى فيه للقضاء على حركة “طالبان الباكستانية”.
وفي حال تم التأكد من مقتل الملا أختر منصور، فإن ذلك سيؤثر حتماً على الأوضاع السياسية والأمنية في أفغانستان ومن بينها المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، والذي سيؤثر بدوره على العلاقات الأفغانية – الباكستانية من جهة، وعلى الأوضاع السياسية والأمنية في باكستان إلى حد ما من جهة أخرى.
وتستدل أفغانستان لتبرير إتهاماتها لباكستان بدعم الجماعات الإرهابية بمقتل عدد من زعماء هذه الجماعات داخل الأراضي الباكستانية. وفي هذا الخصوص أشار مساعد وزير الدفاع الأفغاني “عبد الجبار قهرمان” مؤخراً إلى أن مقتل “أسامة بن لادن” زعيم تنظيم “القاعدة” و الملا أختر منصور زعيم “طالبان الأفغانية” وزعماء آخرين لعدد من الحركات الإرهابية داخل أفغانستان يدلل على أن إسلام آباد لها يد في دعم هذه الحركات والتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية في داخل أفغانستان ودول أخرى في المنطقة والعالم.
أخيراً ومن خلال قراءة هذه المعطيات يمكن التوصل إلى نتيجة مفادها بأن الإتهامات المتبادلة بين أفغانستان وباكستان والتي تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد إعلان أمريكا وأفغانستان عن مقتل “الملا أختر منصور” ستؤدي إلى تفاقم التوتر بين كابول وإسلام وآباد من ناحية، وعرقلة مفاوضات السلام في أفغانستان من ناحة أخرى وتهيئة الأرضية لمزيد من أعمال العنف والتفجيرات الدموية في هذا البلد من ناحية ثالثة. وكل هذه الأمور من شأنها أن تشتت جهود الحكومة الأفغانية لمواجهة طالبان والجماعات المسلحة الأخرى التي تهدد الأمن والإستقرار في عموم البلاد.
المصدر / الوقت