يضمن ترشيحه والديمقراطيون ينقسمون حول الكيان الإسرائيلي
تعيش الإنتخابات الأمريكية حالة من الصراع المرافق للمفاجآت. فقد ضمن دونالد ترامب، ترشيحه من قبل الجمهوريين. فيما يعيش معسكر الديمقراطيين حالة من الصراع، كانت المفاجأة فيها مسألة المزايدة على العلاقة مع الكيان الإسرائيلي. وهنا فإن هذه الأمور قد تكون جديدة من ناحية الشكل ليس المضمون. إذ أن ترامب الجديد على عالم السياسة، يُشكل بحد ذاته محط دهشة العديد من السياسيين في العالم. فيما صراع الديمقراطيين، وإن كان شبه مُحتدم، فهو لن يُؤثر على سياستهم الإستراتيجية. فماذا في آخر التطورات المتعلقة بملف الإنتخابات الأمريكية؟
ترامب يفوز بترشيح الجمهوريين
قطع رجل الأعمال دونالد ترامب خطوة تاريخية أمس الخميس، بحصوله على العدد اللازم من المندوبين ليفوز بترشيح “الحزب الجمهوري” للإنتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي ستحصل في تشرين الثاني 2016. وأعلن ترامب، في مؤتمر صحافي في بيسمارك أنه تجاوز العتبة المطلوبة، وذلك بعدما توقّعت وسائل إعلام عدة أنه حصل على 1237 مندوباً على الأقل، بفضل تأييد العديد من المندوبين الذين لم يكونوا في صفّه. وقال ترامب: “هذا شرف لي…إن الذين وقفوا إلى جانبي أتاحوا لنا تجاوز العتبة” المطلوبة، مُبدياً استغرابه من حصول ذلك بهذه السرعة. وسخر من منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون التي لا تزال تتصارع مع بيرني ساندرز، مشيراً الى أنه يُحب أن يرى هيلاري وبيرني يتشاجران بحسب تعبيره.
وكانت وكالة أنباء “أسوشييتد برس” أول من نقل أمس الخميس، أن ترامب بات يحظى بتأييد 1238 مندوباً أي أكثر بمندوب واحد من العدد المطلوب، فيما ذكرت محطة “اي بي سي نيوز” أنه نال تأييد 1239 مندوباً، وقالت “سي ان ان” إن لديه “1237 مندوباً” نقلاً عن مندوبين غير ملزمين قالوا إنهم سيدعمونه في مؤتمر التعيين الذي سيُعقد في كليفلاند (اوهايو-شمال) بين 18 و21 تموز المقبل. واجتاز ترامب عتبة 1237 مندوباً، وهي الأغلبية التي كان من المؤكد أن يحصل عليها في 7 حزيران في آخر الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في ولايات عدة بينها كاليفورنيا.
وتعهّد ترامب في خطابه في اختتام أكبر مؤتمر أمريكي حول “غاز الشيست” (الصخري)، بإلغاء العديد من التشريعات التي أصدرها الرئيس الحالي باراك اوباما حول الطاقات الأحفورية. كما وعد بالتراجع عن المعاهدة الدولية حول المناخ المُوقّعة في باريس. مؤكداً سعيه المستقبلي لبلوغ استقلال تامّ في مجال الطاقة عبر تشجيع إنتاج النفط والغاز.
ولم يعد أمام ترامب أي منافس منذ ثلاثة أسابيع، وبات المُرشّح الجمهوري بحكم الأمر الواقع للإنتخابات الرئاسية. لكنّه لم يكن جمع عدد المندوبين المطلوب لضمان فوزه بالتعيين حتى اليوم. واستطاع ترامب بفضل سياسة الأرض المحروقة، التفوّق على 16 مرشّحاً جمهورياً آخر في الإنتخابات التمهيدية، وبينهم جيل جديد يملك تمويلاً كبيراً مثل تيد كروز وماركو روبيو، واللذين هزما أمام الملياردير البالغ من العمر 69 عاماً، على الرغم من أنه جديد العهد في السياسة.
وكان آخر منافسي ترامب سلّموا بالهزيمة إثر الانتخابات التمهيدية في انديانا (شمال). وإثر هذه الانتخابات حصل ترامب على تأييد المزيد من مسؤولي الحزب باستثناء رئيس مجلس النواب بول ريان الذي اشترط لدعم ترامب أن يُقدّم تنازلات ايديولوجية.
كلينتون ومعسكر الديمقراطيين
في معسكر “الديموقراطيين” من غير المتوقّع أن تفوز هيلاري كلينتون بترشيح حزبها، إلا في 7 حزيران بعد حصول الإنتخابات التمهيدية في كاليفورنيا وخمس ولايات أخرى. حيث يُواصل منافسها بيرني ساندرز حملته بنشاط، في وقتٍ كان قد طلب إعادة فرز الأصوات في كنتاكي حيث فازت كلينتون بصعوبة، وأكدت السلطات المحلية النتيجة الخميس.
من جهةٍ أخرى فإن المرشح الجمهوري دونالد ترامب، بدأ يُوجّه هجماته ضدّ منافسته الديموقراطية كلينتون، معتبراً إياها المرشحة المنافسة له على منصب الرئاسة، في حين يصفها بأنها “غير نزيهة”. وهو الأمر الذي سعى لتأكيده من خلال استغلال تقريرٍ نشره الإعلام الأمريكي الأربعاء، لوزارة الخارجية، ينتقد بشدة لجوء هيلاري كلينتون إلى خادم رسائل الكترونية خاصّ، حين كانت وزيرة للخارجية بين عامي 2009 و 2013. ويرى جمهوريون وأغلبية من الأمريكيين أن هيلاري كلينتون ليست أهلاً بالثقة.
من جهتها ردّت كلينتون، في مقابلة مع “سي ان ان” الخميس بأن هذه ليست مسألة من شأنها التأثير على حملتها أو رئاستها. في حين أكدت أنها في حال هُزمت في 7 حزيران أمام بيرني ساندرز، فإن ذلك لن يُعرقل فوزها المفترض، لكنّه سيؤثر حتماً على صورتها كجامعة للديموقراطيين التي تسعى لرسمها.
وهنا وفي تطورٍ لافت، روّجت صحيفة “نيويورك تايمز” لوجود انقسام يُهدّد الحزب الديموقراطي، خلال مؤتمره العام الذي سيعقد في تموز لاختيار المرشح عن الحزب. ولكن هذا الإنقسام لن يكون على ترشيح ساندرز أو هيلاري كلينتون، بل حول الكيان الإسرائيلي.
وبحسب الصحيفة، فإن آخر ما توصّل إليه ساندرز من اعتراضات على سياسات حزبه تصب في خانة “عدم التوازن” في موقف الحزب من النزاع بين الكيان الإسرائيلي والفلسطينيين. وفي هذا الإطار، قام ساندرز بتعيين سيناتورين في لجنة صياغة مبادئ المؤتمر العام للحزب، انتقدا بدورهما الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزّة، معتبرين أن صفوف وكوادر الحزب الديموقراطي لم يعودوا مرتبطين بموقف الحزب التقليدي، بالنسبة للحكومة الإسرائيلية.
وأشار التقرير إلى أن ساندرز اختار كلاً من كورنيل ويست وجيمس زغبي، للمشاركة في صياغة مبادئ اللجنة، التي تعبّر عن مواقف الحزب العامة أثناء الإجتماع الرسمي للحزب في تموز، في مدينة فيلادلفيا، حيث سيتمّ اختيار المرشح الرسمي للحزب في الإنتخابات الرئاسية.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن ويست قوله: “لن يتم تحقيق العدالة للفلسطينيين من دون إنهاء الإحتلال”، مشيرة إلى أن ويست يعترف بأهمية تحقيق الأمن لليهود، الذين عانوا لسنوات طويلة من الكراهية، لكنه يرى أن بيان الحزب يجب أن يكون متوازناً، ويعترف بمأساة الشعب الذي يقع تحت الاحتلال.
وهنا فإن الصحيفة والتي أكدت أن هذه المواقف ليست مواقف الحزب وهي لا تعبِّر عنه بالإجماع، لكنها ستؤثر في وحدة الحزب، فيما يتعلق بقضية حساسة تفتح للنقاش العام. وهو ما يشكل تحدياً لكلينتون، لا سيما أنها المرشحة الأوفر حظاً حتى الآن، والتي ستحاول توحيد الحزب واجتذاب الناخبين، الذين لا يريدون انتخاب دونالد ترامب.
إذن على رغم وجود تباينات، فإنها لا تتخطى كونها مسألة دعاية انتخابية. في وقتٍ تسعى فيه الإدارة الأمريكية الحالية، لإنهاء ولايتها عبر كسب إنجازاتٍ في المنطقة والعالم. الأمر الذي يجعل السياسة الدولية، تعيش حالة الصراع الأمريكي الداخلي لا أكثر.
المصدر / الوقت