تونس تواجه خطر العائدين من معسكرات الإرهاب
تونس ـ امن ـ الرأي ـ
أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن عثورها على مخزن يضم عشرات الأسلحة، خلال عملية أمنية في مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا.
وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية التونسية إن قوى الأمن ضبطت ترسانة كبيرة من الأسلحة، ضمت رشاشات وقاذفات صواريخ؛ بالإضافة إلى ألوف الطلقات النارية من أعيرة مختلفة؛ وذلك خلال عملية دهم أمنية.
وارتفعت خلال الفترة الأخيرة وتيرة الهجمات التي تستهدف المدن التونسية، خاصة تلك الواقعة بالقرب من الحدود مع ليبيا؛ بسبب تسلل مقاتلين معظمهم تونسيون، ينشطون في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي، من ليبيا إلى تونس لتنفيذ عمليات لصالح التنظيم.
وتشير التقديرات، التي يقدمها مسؤولون أمنيون في تونس، إلى أن ما بين 4 و6 آلاف تونسي انخرطوا في صفوف الجماعات المتطرفة، وغادروا البلاد للالتحاق بمعسكرات “داعش” وغيرها من الجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا؛ حيث كانت سوريا الوجهة الأولى لهؤلاء المقاتلين، قبل أن تصبح ليبيا المعقل الرئيس لقادة تونسيين بارزين في “داعش”، استقطبوا عددا من الشباب.
وبدأ العشرات من مسلحي التنظيم في العودة إلى تونس بعد تلقي التدريبات الكافية للقيام بعمليات إرهابية؛ حيث تمكن عناصر عائدون من معسكرات التنظيمات “الجهادية” من تنفيذ هجمات دامية في مناطق مختلفة من تونس.
فقد أعلنت قوات الأمن التونسية أن منفذي هجمات متحف باردو في العاصمة تونس العام الماضي هم إرهابيون تلقوا تدريبات في ليبيا. كما ألقت الشرطة القبض في وقت سابق على سبعة وثلاثين شخصا، عائدين من ليبيا وبحوزتهم أسلحة وذخائر، وذلك خلال حملات دهم في العاصمة.
وتبذل السلطات التونسية جهودا مضاعفة للسيطرة على الوضع في المناطق الحدودية، وخاصة في مدينة بنقردان، التي تشكل المعبر الرئيس بين ليبيا وتونس.
ولا تزال بنقردان تمثل خاصرة رخوة لتونس؛ حيث يتسلل إرهابيون عبر الطرق الصحراوية الوعرة، ليصلوا إلى بنقردان، معقل المقاتلين في صفوف “داعش” حاليا وتنظيم “القاعدة” قبل ذلك.
وازدادت حدة الهجمات الإرهابية، بعد أن شنت القوات الأميركية غارات مباغتة ضد مقاتلين في صبراتة الليبية، وقتلت قائدا ميدانيا تونسيا هو نور الدين شوشان المتهم بقيامه بالتخطيط لقتل سياح على شاطئ مدينة سوسة وداخل متحف باردو بالعاصمة.
لكن الكثيرين من التونسيين يعتقدون اليوم أن سبب تنامي ظاهرة الإرهاب في المناطق الحدودية مع ليبيا هو انتشار الهشاشة والفقر المدقع وغياب الأمل في التغيير؛ وهو ما دفع بشباب المنطقة إلى الالتحاق بالإرهاب والعودة لتوجيه فوهات بنادقهم تجاه وطنهم.
أما سكان منطقة بنقردان، فيعتمدون على عائدات تهريب الوقود والبضائع من ليبيا، ويرفضون بشكل قاطع إغلاق المنطقة الحدودية خوفا من قطع مورد رزقهم الوحيد كما يقولون؛ هذا الوضع الهش شكل بيئة اجتماعية ملائمة لتكاثر الجماعات الإرهابية.
ويعيش سكان مدينة بنقردان الحدودية في حالة حرب دائمة بفعل تكرار حملات الدهم والاشتباكات، التي تندلع من وقت لآخر بين الأمن ومشتبه بهم.
وتبدو المقاربة الأمنية الخيار الحالي للسلطات التونسية، رغم أنها لم تأت بنتائج تذكر فيما يتعلق بتأمين البلاد وتخفيف حدة التوتر في المناطق الحدودية.
وتتجلى الاستراتيجية الأمنية في تشديد المراقبة، ووضع عشرات الأشخاص رهن الإقامة الجبرية بموجب قانون الطوارئ، وإقامة سواتر ترابية وحفر خنادق على طول الحدود المشتركة مع ليبيا واقتناء طائرات مراقبة متطورة، لمنع تسلل الإرهابيين التونسيين الذين يتخذون من ليبيا نقطة تخطيط وانطلاق لتنفيذ هجمات داخل التراب التونسي.
لكن، في المقابل بدأت وزارة الشؤون الدينية في اتخاذ تدابير للحد من التطرف الديني من خلال توزيع خُطب معتدلة على أئمة المساجد في كل من بنقردان ورمادة الحدوديتين.
وبالتوازي مع تشديد الرقابة الأمنية؛ تحتاج المناطق الحدودية مع ليبيا إلى مشروعات تنموية قادرة على امتصاص البطالة، وخلق آفاق جديدة للشباب، وهو ما يسعى له الاتحاد الأوروبي الذي يمول مشروعا في هذا الشأن.
وإلى حين تحققِ آمال سكان المناطق الحدودية الهشة؛ تُبْقي تونس قواتها الأمنية على أهبة الاستعداد، تحسبا لهجمات جديدة قد تنفذها خلايا نائمة داخل البلاد.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق