اللعبة المتكررة لإنقاذ تنظيم داعش الإرهابي في الفلوجة
بالتزامن مع جهود القوات الحكومية والشعبية العراقية لهزيمة داعش وإخراجه من مدينة الفلوجة، بدأ بعض المسؤولين ووسائل إعلام عربية حملات دعاية واسعة النطاق ضد القوات العراقية، بهدف الإخلال بعملية تحرير هذه المدينة الهامة والتشويش عليها.
ويبدو أن موقف وسائل الإعلام والمسؤولين العرب عندما باتت القوات العراقية على أعتاب إلحاق هزيمة ساحقة بالجماعات الإرهابية أصبح إجراءً يُتخذ کلما نقترب من حسم معرکة ما ضد الإرهاب، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في عمليات تحرير الفلوجة. هذه المدينة التي تبعد حوالي 60 كيلو مترا شمال غرب العاصمة بغداد، تعد تاريخياً واحدة من أهم مناطق تواجد الجماعات الإرهابية. والأمريكيون بعد غزو العراق، ومن أجل تطهير الفلوجة من عناصر القاعدة، نفذوا عمليتين رئيسيتين فيها تسببتا في مقتل عدد كبير من القوات الأمريكية.
في عام 2014، كانت الفلوجة أول مدينة هامة سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي، ومنذ ذلك الحين بذلت القوات العراقية جهوداً مكثفةً لاستعادة السيطرة على المدينة، وأخيراً باتوا على وشك السيطرة عليها بعد عامين من احتلالها. ولكن يبدو أن سعي القوات العراقية لطرد ميليشيا واحدة من أكثر المجموعات الإرهابية خطورةً في العالم، لم ترُق لبعض الدول العربية.
حيث قال “خالد بن أحمد آل خليفة” وزير الخارجية البحريني عبر تغريدة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: “أعان الله أهل العراق … فهم بين نار إرهاب داعش ورمضاء سليماني”.
الهجوم علی الحشد الشعبي الذي يقاتل الإرهاب الداعشي
وبالتزامن مع تصريحات مسؤولي بعض الدول العربية ضد القوى التي تلعب دوراً قيادياً في هزيمة داعش، شنَّت وسائل الإعلام التابعة لهذه الدول أيضاً حملات دعاية سلبية ضد القوات العراقية. كما أن صحف هذه الدول قد امتلأت بالرسوم التي تحاول إظهار القوات العراقية بأنها تهاجم الفلوجة جنباً إلى جنب إرهابيي داعش.
حتی أن بعض الصحافيين في وسائل الإعلام التابعة للدولة العربية قد تجاوزوا ذلك، وحاولوا القول بشكل غير مباشر إن سكان الفلوجة يفضلون داعش علی القوات العراقية. من جملتهم فيصل قاسم كبير مراسلي قناة الجزيرة والذي أجری على صفحته في التويتر استطلاعاً للرأي يشير إلی أن 61 في المئة يفضِّلون داعش علی الحشد الشعبي.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها وسائل الإعلام التابعة لبعض الدول العربية وعلى وشك إلحاق الهزيمة بالإرهابيين، جدلاً نفسياً واسع النطاق. ففي أثناء تحرير مدينة تكريت، امتلأت وسائل الإعلام التابعة لبعض الدول العربية بالتقارير والبيانات، ضد القوات العراقية التي كانت تحاول تحرير المدينة أيضاً. وقد تكَّرر ذلك في عمليات تحرير الأنبار وحتى بعض المدن السورية بما في ذلك حلب أيضاً.
قلق وسائل الإعلام والمسؤولين العرب تجاه عمليات تحرير الفلوجة، واجه ردود فعل النشطاء العراقيين. حيث تساءل حيدر الخوئي محلل الشؤون العراقية في معهد “تشاتام هاوس” في صفحته علی التويتر: “لماذا لم يدعم العرب أهل الفلوجة عندما تعرضوا لهجوم داعش بالقدر نفسه الذي دعموهم أثناء عمليات قوات الأمن العراقية؟.”
رسالة آية الله السيد علي السيستاني إلی القوات العراقية
من ناحية أخرى فقد بذلت هنالك جهود فعالة للتعامل مع هذه الدعايات، بما في ذلك رسالة آية الله السيستاني فيما يتعلق بعملية الفلوجة، إذ دعا المقاتلين العراقيين إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات والتوجيهات خلال عمليات تحرير المدينة. وقال “إننا نكرر على مسامع المقاتلين ضرورة الالتزام بتوجيهات المرجعية الدينية العليا خلال عمليات التحرير”. مؤکداً أن “للجهاد آدابٌ عامّة لابدّ من مراعاتها حتى مع غير المسلمين”، مضيفاً أن “على المقاتلين التعامل مع البغاة والقتلة وفق ما أوصانا به أمير المؤمنين”.
وفي الوقت نفسه، تنشر وسائل الإعلام العراقية المؤيدة صوراً لقوات الحشد الشعبي، تظهر کيف أن الشيعة يساعدون النساء والأطفال السنة لإخراجهم من الفلوجة ونقلهم إلی أماکن آمنة.
المصدر / الوقت