ما الاسباب التي تكمن وراء التنازلات السعودية في اليمن وانقلاب السياسة السعودية تجاه هذا البلد؟
بعد ان شنت السعودية عدوانها على اليمن تحت عنوان “عاصفة الحزم” نجد انها قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق النتائج التي اطلقت هذه العاصفة من اجلها، وبات قصف طيرانها لاهداف مدنية يعطي نتائج عكسية تماما محليا ودوليا.
فما هو السر الذي يكمن خلف تحول السياسة السعودية عن افعالها وتحولها من فرض الشروط الى المباحثات والتنازلات في الملف اليمني؟
بعد ان نشر المغرد السعودي الشهير “مجتهد” سلسلة تغريدات له على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” تضمنت بنود إتفاق مبدئي بين السعودية وانصار الله بات جليا السبب في انقلاب الموقف السعودي، حيث أورد “مجتهد” ملفا نصيا تضمن بنودا للاتفاق المبدئي بين السعودية وأنصار الله إضافة لمعلومات عن المفاوضات.
والاتفاق ينص على النقاط التالية:
*هدنة دائمة على الحدود
* تشكيل حكومة انتقالية تشارك فيها انصار الله
* تشكيل مجلس حكم محلي للعاصمة صنعاء
* يتم دفع تعويضات لانصار الله وترضيات لبعض القيادات القبلية بغية إعادة الإعمار
* رفع درجة التمثيل التفاوضي لجميع الأطراف
* استكمال المفاوضات في الأردن لمناقشة تفاصيل هذه النقاط وطريقة تنفيذه.
فرغم الاتفاق المبدئي فإن المطلعين يقولون ربما تنفجر الأوضاع على الأرض في أي لحظة وينهار الاتفاق فالسعودية لاتفهم ما هو الحوار والمفاوضات والسلم حيث يتساءل مراقبون عن البند الاخير في هذه الاتفاقية فما ان تعلن السعودية عن المفاوضات يتراى للاذهان المعارضة السورية ”وفد الرياض” هذا الوفد الذي يضم قادة فصائل ارهابية تقوم بالقتل وتنفيذ الهجمات الارهابية التي تزهق عشرات الارواح من الابرياء على الاراضي السورية هذة المعارضة التي حوتها ومولتها السعودية والتي تدعي رغبتها بالتفاوض والسلمية.
فضلا عن وجود تعهدين سعوديين بغاية الاهمية وهما: الاعتراف بانصار الله كمكوّن سياسي رئيسي في اليمن، والتعهد الثاني: التنازل عن قرار مجلس الأمن الملزم بخروج انصار الله من المدن وتسليم السلاح.
فلما جاء التنازل الاكبر من قبل السعودية التي اطلقت “عاصفة الحزم” من اجل قتل المدنيين والابرياء وتدمير البنية التحتية لليمن، فما هي الاسباب الرئيسية في الانقلاب المفاجئ في الموقف السعودي؟
الأول: استسلام وانهزام علني للسعودية باليمن ضمن محاولة سعودية بالابتعاد عن عبارات الانهزام
ان فشل “عاصفة الحزم” وغاراتها المكثفة على مدى اكثر من 11 شهرا في فرض الاستسلام على انصار الله بات واضحا وجليا وبشكل خاص بعد أن تناولت اوساط اعلامية ان عدد القتلى السعوديين في اليمن منذ بدء ما سمي بالعاصفة قد يصل الى حوالي 3000 جندي وضابط.
الثاني: انتقاد دولي للغارات السعودية وسط تعالي الاصوات بان السعودية قد ارتكبت جرائم حرب
تصاعد الانتقادات للغارات السعودية في اليمن، والحصار الموازي لها في اوساط الدول الغربية، واتهام البرلمان الاوروبي للمملكة بارتكاب جرائم حرب، ومطالبته حكومات بلاده بفرض حظر على بيع اسلحة للسعودية.
فكانت صحيفة “هافينغتون بوست” الأمريكية قد نشرت مقابلة مع عضو الكونغرس الأمريكي، تيد ليو، الذي اكد أن حجج أوباما تجاه دعمه السعودية في حربها على اليمن واهية مؤكداً أن أمريکا والسعودية ارتكبتا جرائم حرب مضمناً بذلك هو وثلاثة نواب آخرين إلى اقتراح يمنع بيع المزيد من القنابل والصواريخ الأمريكية للسعودية حتى تقدم إدارة أوباما ضمانات جديدة على السلوك السعودي.
الثالث: تململ سعودي داخلي من الحرب في اليمن
ان السعي السعودي الى تفكيك جماعة “أنصار الله” والإتيان بنظام كرتوني جديد في اليمن يدار من قبلها وينفذ سياساتها ويخدم مصالحها باء بالفشل الذريع ولكن واضح بان الحسابات السعودية لم تكن دقيقة، بل كانت تعبيراً عن إحتقان وردة فعل متسرعة بغية التعويض عن الفشل السعودي في الملفات العراقية والسورية واللبنانية والبحرانية.
فها هي حالة التململ في الداخل السعودي تزداد ضراوة من جراء اطالة امد الحرب في اليمن، وتحولها الى حرب استنزاف عسكري ومالي وبشري، وتصاعد مشاعر الكراهية للسعودية في اوساط الرأي العام العربي والعالمي، وانهيار التحالفات التي تم انشاؤها لتوفير الغطاء الاسلامي والعربي لهذه الحرب، قبل ان تنشأ.
الرابع: السعي السعودي لايقاف النفقات المالية الهائلة على هذه الحرب
سعت السعودية عن طريق قبولها بالمفاوضات الى ايقاف النفقات الضخمة لحربها المزعومة والتي تقدرها بعض الاوساط بمليارات الدولارات شهريا، والتي تشمل تغطية نفقات القوات العربية المشاركة فيها، وتعويض المعدات والذخائر والغارات الجوية لاكثر من مئتي طائرة حيث بلغ عددها ثمانية آلاف طلعة جوية، ناهيك عن تقديم مساعدات مالية لحكوماتها، ودول اخرى مثل مصر وباكستان والصومال وجيبوتي وجزر القمر، لكسب ودها، او حيادها على الاقل.
ويبقى السوال عن حيثيات التحالف السعودي الاسرائيلي حول اليمن فيأتي الإعلان السعودي بالحرب على اليمن، وتشكيل حلف عربي إقليمي لهذه الغاية، بتأييد امريكي- تركي اوروبي غربي، وترحيب خاص من الكيان الاسرائيلي لهذه المهمة مكللاً الان بالفشل.
ان السعودية هي حليف للكيان الاسرائيلي وبات هذا التحالف علنيا بعد أن اعلنت وزارة الدفاع الامريكية “البنتاغون” ارسال وزارة الخارجية اشعارا الى الكونغرس، بالموافقة على صفقة سلاح كبيرة بقيمة 5.4 مليارات دولار.
وتشمل هذه الصفقة أنواعا من الأسلحة والذخائر كان الكيان الاسرائيلي اعترض على وصولها لدول عربية، ومن بينها 600 صاروخ “باتريوت” من طراز “باك3 بالطبع الاعتراض لايتضمن السعودية لان الكيان على علم كامل بان هذه الصواريخ سوف تستخدم ضد من وعلى من.
ان السعودية اعلنت “عاصفة حزمها” من واشنطن، تيمناً بعاصفة الصحراء الأمريكية التي شنت على العراق من اجل تدميره، ومن ثم إحتلاله، وبررت تدخلها العسكري وإستباحة سيادة دولة مستقلة، تحت سمع وبصر المؤسسات الدولية وجامعة الدول العربية، بأنها تأتي من اجل دعم للشرعية التي قامت بانتهاكها مرارا وتكرارا.
والمفارقة العجيبة الغريبة هنا، بأن هذا التحالف وتقريباً بنفس المكونات، هو الذي جند كل العصابات والإرهابيين والمرتزقة من كل أصقاع وبقاع الدنيا، ووفر لها كل مقومات القوة من مال وسلاح ورجال وتدريب وايواء وإقامة ودعم لوجستي وسياسي وإعلامي من أجل تدمير سوريا وتفتيت جغرافيتها، والعمل على تحويلها لدولة فاشلة، في تعدٍ صارخ ووقح على سيادة دولة مستقلة وعضو في هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ليخرج نبيل العربي ويصادق على العدوان وإستباحة أرض اليمن تحت يافطة وذريعة معاهدة الدفاع العربي المشترك، تلك المعاهدة التي طال إنتظار الفلسطينيين لها لأكثر من ستة وستين عاماً دون جدوى.
يشار إلى أن “العدوان” الذي يقوده نظام آل سعود ضد اليمن أدى إلى مقتل عدد كبير من اليمنيين معظمهم من النساء والأطفال وألحق أضرارا كبيرة بالبنى التحتية والمنشآت الحيوية والخدمية والمباني والأحياء السكنية وشرد آلاف العائلات من منازلها.
المصدر / الوقت