التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

التطرّف المتطرّف؛ تداعيات الداخل والخارج لتعيين ليبرمان في حقيبة الدفاع 

تعيش الحكومة الإسرائيلية حالة من التخبّط تكرِّر نفس المشهد الذي سبق صعود النازية وأنظمة دكتاتورية إلى الحكم، إلا أنه وبعيداً عن الضوضاء التي شهدها الإعلام الإسرائيلي مؤخراً، وبصرف النظر عن الواقع الحكومي الإسرائيلي الجديد، أدخلت مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالأمس على تكليف القومي المتطرف افيغدور ليبرمان حقيبة الدفاع، الحكومة في مرحلة جديدة وضع فيها نتنياهو كل المعترضين خلف ظهره، وفي مقدّمتهم وزير البيئة المستقيل آفي غباي الذي وصف الحكومة الجديدة بالمتطرّفة.

كثيرة هي التبعات المحتملة لهذا الوزير المتطرف في نظر أبناء جلدته حيث قلّل العديد من الخبراء من الوعود التي تقدّم بها وزير الحرب الإسرائيلي الجديد على إعتماد سياسة “متوازنة”، بإعتبار أن تجربته في الخارجية، تفضي إلى خلاصة واحدة: متطرّف المتطرفين.

المرحلة الجديدة تحمل في طياتها جملة من التساؤلات، ولعل إعتراض وزير الحرب المستقيل “موشيه يعلون” على تعيين ليبرمان في هذه الحقيبة، يكشف حجم القلق الداخلي الإسرائيلي من وصول رجل متطرّف إلى حقيبة ساخنة في ظل أوضاع نارية يسعى نتنياهو للنفخ فيها. لم يكن إعتراض يعالون الذي شاطره فيه جزء كبير من الإسرائيلين وغيرهم، لأنه حمل وديع، بل بإعتبار وصول ليبرمان إلى حقيبة الدفاع يعكس نزعة هجومية غير مسبوقة تعرّي هذا الكيان في ظروف إعتبرتها العديد من قيادات الجيش الإسرائيلي الأنسب منذ العام 1948.

الأيام المقبلة ستكشف إنعاكاسات تواجد ليبرمان الرجل الطموح في رأس الهرم العسكري في الكيان الإسرائيلي رغم أنه لم يتولَ قطّ منصباً رفيعاً في الجيش، فليبرمان الذي بدأ مسيرته السياسية كمدير عام لمكتب رئيس الوزراء خلال ولاية نتنياهو الأولى عام 1996، بات اليوم أحد أبرز الأقطاب الإسرائيلية، ما يعزز فرضية طموح الرجل بإزاحة نتنياهو، ومن يعرف ليبرمان عن كثب يدرك براغماتيته المتطرّفة التي تجعل منه رجلاً عسكرياً في الدفاع يسعى لحصد الإنجازات التي تكرّسه كزعيم قوي في الداخل الإسرائيلي على شاكلة أرئيل شارون.

تغيير المعادلات الإسرائيلية الداخلية

نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي في مايو/ أيار 2015 في نيل الثقة لحكومته بالأغلبية الضيقة (61 من أصل 120)، وذلك بعد أن توصل نتنياهو إلى اتفاق مع حزب البيت اليهودي اليميني ، لتتشكّل حينها حكومة من 5 أحزاب يتزعمها الليكود وتضم إلى جانب “البيت اليهودي” كلا من حزب “شاس” و”يهودات هتوراة” الدينيين وحزب “كلنا”. ليبرمان الذي إختلف مع نتنياهو حينها، إنسحب من الإئتلاف مع اليكود، ليضم الأخير حزب البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينت إلى إئتلافه الحكومي بإعتبار أن القانو الإسرائيلي يعطي الحق للحزب الذي يحصد النسبة الأكبر من تشكيل الحكومة، وفي حال لم تصل النسبة إلى النصف زائد واحد يتوجّب تشكيل إئتلاف حكومي يصل للنسبة المذكورة.

اليوم، وبعد إنضمام ليبرمان إلى الحكومة، باتت حكومة نتنياهو المتطرّفة تستحوذ على 67 مقعد من أصل 120، ما يمنح رئيسها ووزير دفاعها قدرت أكبر على تنفيذ المشاريع المتوخاة، كما أن إستقالة يعالون لنتؤثر على الحكومة في الكنبست الإسرائيلي.

السيطرة على الإنتفاضة وكيفية التعامل مع السلطة الفلسطينية

مع إنطلاق الإنتفاضة الثالثة للشعب الفسطيني، رفع وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون من التنسيق الأمني مع السلطات الفلسطينية، لإعتقاده بأن هذا التنسيق سيقطع الطريق على أي إنتفاضة الأمر الذي أثار صخب العديد من الإسرائيلين في مقدّمتهم وزير الأمن جلعاد اردان الذي أكّد أن القبضة الحديدة هي السبيل لمواجهة الإنتفاضة. كذلك رفض يعالون الكثير من الدعوات لهجوم عسكري على قطاع غزّة بسبب “أنفاق حماس”، متقدّماً بمذكرة رسمية للكنيست طلب فيه الحفاظ على الهدوء ومن التصريحات الإستفزازية التي تسبّب سوء فهم حماس يعالون، دعم أيضاً السير القانون لمحاكمة الجندي الإسرائيلي المتهم بقتل جريح فلسطيني (الشهيد عبد الفتاح شريف).

في المقابل، تظهر تصريحات ليبرمان تجاه الإنتفاضة والتعامل مع الفلسطينيين حجم التفاوت مع سلفه. لطالما أردا ليبرمان خلال السنوات الماضية إغتيال قيادات حماس، الهجوم على قطاع غزّة، قطع العلاقة مع محمود عبّاس ورفع مستوى الخشونة في التعاطي مع الفلسطينيين إلى الحديث عن ضربهم بالفؤوس. بعض المحللين في الداخل الإسرائيلي وجد في تعيين ليبرمان دخول مرحلة جديدة في التعاطي مع الفلسطينيين تهدف للعودة إلى سياسة الإغتيالات ومواجهة الإنتفاضة بشتى الطرق، وقد بدأت ملامح المرحلة بالتجلي سريعاً حيث طالب اليمن الصهيوني ليبرمان بتكثيف الإستيطان ومنع البناء الفلسطيني.

ليبرمان وإبان تواجده في الخارجية قال: لا تضيعوا الفرصة بالتفاوض مع الفلسطينيين… توجهوا لبناء علاقات مع العرب المعتدلين، ليضيف: أصبح يوجد هناك تفهم لاول مرة لدى العرب أن التهديد الحقيقي ليس اسرائيل أو اليهود أو الصهيونية بل ايران والجهاد العالمي وحزب الله والقاعدة.

المعادلات الدولية

رغم الخلاف الجذري في المواقف بين يعلون وسلفه، إلا أنهم يشتركون في العداءلإيران كإستراتيجية عامة للكيان الإسرائيلي، بخلاف قائد الأركان “غادي إيزنكوت” الذي نشر عقيدة عسكرية إعتبرت التهديد الأول لبلاده يأتي من المنظمات الإسلامية “كحزب الله وحماس القاعدة وغيرها”، في حين إعتبر خطر إيران بدرجة أقل بإعتبارها تخوض حرباً بالوكالة عبر حزب الله والمقاومة الفلسطينية.

يعتبر ليبرمان من أبرز المعارضين للجهود الدولية لمفاوضات السلام (المبادرة الفرنسية على سبيل المثال)، وكذلك الحوار مع الفلسطينيين. وبالتالي، تعيين ليبرمان الذي يعيش في إحدى مستعمرات العام 1967 في حقيبة الدفاع يعني إستمرار المعركة بين حكومة نتنياهو والدول الأوروبية التي إتخذت تدابير مقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات. عتصرية ليبرمان طالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون التي دعت “اسرائيل” للتراجع عن قرار بناء مزيد من المستوطنات، ليخاطبهاعلى صفحته على “الفيس بوك”: أنت لا تفقهين شيئاَ فالعالم منشغل في الملف الأوكراني والسوري وأماكن صراع أخرى في العالم وأنت ما يشغلك فقط الاستيطان”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق