الخبير اليمني في شؤون الإغاثة الإنسانية : قرابة ثلاثة ملايين نازح يمني لم يصلهم سوى 5% مما يحتاجو إليه
صنعاء- الرأي – رأفت الجُميّل –
قال فاتك عبدالله الرديني مدير عام منظمة يمن للإغاثة الإنسانية والتنمية (مُنى): إن الوضع الإنساني الحالي في اليمن مأساوي للغاية، ويعتبر من أسوأ الأوضاع التي شهدتها البلاد خلال الفترات الماضية، وهناك أكثر من 2.7 مليوني وسبعمائة ألف نازح داخلي بين المدن.
وأكد الرديني وهو خبير في شؤون الإغاثة الإنسانية في تصريحات خاص للوكالة، أكد أن النزوح الداخلي بين المدن تسبب في خلق أعباء إضافية على المدن والمجتمعات التي لم تتمكن من إحتضان هؤلاء النازحين ولم تتمكن من توفير أساسيات الحياة الضرورية لهم كالمأكل والمشرب للعيش والبقاء على قيد الحياة، فمن الطبيعي أن هؤلاء النازحون يحتاجون إلى خدمات، الأمر الذي أدى إلى تعقيد الأمر.
ولفت إلى أن معظم النازحين هم من المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة كالبيضاء مأرب وصعدة والجوف وتعز، بالإضافة إلى وجود نزوح من المناطق الجنوبية صوب المناطق الشمالية هرباً من العنف المتواجد هناك.
وأوضح أن عدد النازحين في نهاية ديسمبر 2015م، بلغ 2.4 مليوني واربعمائة ألف نازح، وإزداد عدد النازحين مع مطلع العام 2016م، ليصل إلى 2.7 مليوني وسبعمائة ألف نازح، وهذا بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وإستغرب الرديني صمت المنظمات الدولية إزاء هذه الكارثة الإنسانية، ففي حين تتزايد أعداد النازحين بشكل يومي، إلاّ أنه لا يوجد أية جهود محلية أو دولية تتوائم مع الزيادة المهولة لأعداد النازحين الذين يفتقرون لأبسط الخدمات كالإيواء والإغاثة، فهذا العدد الكبير من النازحين المتركزين في أمانة العاصمة صنعاء وإب وذمار وعمران مثلاً، هؤلاء جميعهم لم يحصلوا على أية مساعدات سوى ما نسبته 5% مما يحتاجون إليه.
وأشار إلى أن هناك إنتشار طفيف جداًً لمخيمات الإيواء في محافظة حجة إلاّ أنها لم تحصل على المساعدات بالشكل اللازم، مضيفاً: قمنا بزيارة ميدانية إلى تلك المخيمات ولاحظنا بإن معظم المخيمات باتت مهترئة بفعل الحرارة المرتفعة وكذا الأمطار، ولم تعد تصلح للعيش إطلاقاً، والنازحين الذي نتحدث عنهم هنا، هم فقط المتضررين والفارين من مناطق الصراع، وأضيفت أعداد جديدة لقوائم النازحين كالمتضريين من الأمطار والسيول التي حصلت في محافظات كعمران والحديدة وحجة، وتوجد أعداد كبيرة من هذه الأسر فقدت منازلها ولم تقدم لها المنظمات الدولية أية مساعدات تُذكر.
وحول إغاثة المتضررين بداخل المناطق التي تشهد مواجهات، قال الرديني: حاولنا توصيل مساعادات غذائية إلى مناطق الصراع في تعز ومأرب والجوف والبيضاء، المكتب التابع للمنظمة في تعز حاول التنسيق لدخول المساعدات، ولكن كثيرين قدموا لنا النصائح بخطر الدخول لتلك المناطق لأنها تعتبر ساحة مواجهات، ورخضنا للأمر الواقع حفاظاً على حياة طاقم المنظمة، لكن لدينا مشاريع مستقبلية في هذه المناطق وهي موجودة ضمن أجندتنا وبمجرد إستقرار الأوضاع هناك سنصل إليهم بإذن الله.
ونفى وجود تعاون مع المنظمات الدولية، فالتعاون الوحيد كان مع منظمة الهجرة الدولية للقيام بمشاريع دعم نفسي واجتماعي للأطفال المتضررين من الحروب ونفذنا هذا المشروع مع دول صديقة، وكان لنا شرف مدهم بالمتطوعين وتم تأهيلهم حتى استطاعوا أن يعكسوا مهاراتهم على مستوى أدائهم في العمل والوصول للفئة المستهدفة.
وبخصوص الفقر الذي إستفحل في اليمن، قال الرديني: إن حالة الفقر في المجتمع ارتفعت بمعدل كبير جداً نتيجة الحصار الاقتصادي والحرب، وهو ما يظهر جلياً من خلال إزدياد أعداد المتسوّلين في كل محافظات الوطن، والوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه اليمنيين اليوم جعلهم غير قادرين على النزوح إلى خارج البلاد، وإكتفوا بالنزوح الداخلي بين المحافظات.
واستعرض أهم العراقيل والصعوبات التي تواجهها المنظمة منها الحصار المغروض على بلادنا والذي يعيق عملية التواصل مع المنظمات الدولية للحصول على المساعدات، وكذا الوضع الاقتصادي الذي أثر على البيوت التجارية وأدى إلى توقف أعمالها وبالتالي توقفت عن دعم المنظمات، مضيفاًً: نحن نقوم حالياً بشكل شخصي بالتواصل مع عدد من البيوت التجارية والمؤسسات المحلية لتوفير عدد من السلال الغذائية وبعض الأدوية ونقوم بتوزيعها للمحتاجين والنازحين وفق المسح الذي نقوم بعمله مسبقاً.
ووجه الرديني دعوة لكل القادرين على دعم أنشطة المنظمة من أجل الوصول إلى أكبر عدد من النازحين والفقراء والمتضررين، فالمنظمة تعتمد بدرجة رئيسية على الداعمين المحليين والشركات المحلية.
الجدير بالذكر أن منظمة يمن للإغاثة الإنسانية والتنمية (مُنى) هي واحدة من المنظمات المحلية التي أُنشأت حديثاً للمساهمة في إغاثة النازحين، ونشاطاتها لا تقتصر فقط على الجانب الغذائي، فقد قدمت مساعدات إيوائية ومساعدات غذائية، ودعمت مطابخ داخلية لبعض المراكز التي تأوي المعاقين وذوي الإحتياجات الخاصة ودور الأيتام، ووزعت بحدود عشرة آلاف سلة غذائية في بعض محافظات الجمهورية، وأيضاً أكثر من 2000 بطانية لمواجهة برودة الشتاء في أكثر من محافظة، وإستطاعت أيضاً تقديم مساعدات علاجية، وكذا مساعدات مالية للنازحين الذين لم يتمكنوا من دفع إيجارات المنازل، ويعتبر هذا جزء من نشاط المنظمة منذ تأسيسها في أكتوبر 2015م.
وكان لمنظمة (مُنى) نشاط خيري قبل إفتتاحها رسمياً، من قبل مجموعة من الخيرين والصحفيين الذين قاموا بتأسيس هذه المنظمة بجهود شخصية لتلمس حالة النازحين والمحتاجين.
وتعتبر منظمة (مُنى) الوحيدة التي تقوم بالمسح الميداني قبل البدء بأي مشروع، ويعقب المسح الميداني توزيع المساعدات.
وكان آلالاف من النازحين والمحتاجين والمتضررين قد إستفادوا من برامج ومشاريع منظمة منى خلال العام الحالي، فقد تم توزيع أكثر من عشرة آلاف سلة غذائية وقرابة 2000 بطانية وكذا عشرة آلاف قطعة ملابس، بالإضافة إلى توزيع مواد غير غذائية كمواد وتجهيزات المطابخ، وتم تسليم دعم مالي قدمته المنظمة لمراكز النازحين في العاصمة صنعاء لشراء ملابس عيد الأضحى.
يذكر أن أهم برامج المنظمة للعام الحالي 2016م، وهي الوصول إلى المتضررين الذين لم يصل إليهم أحد، والتركيز بدرجة رئيسية في الوقت الحالي على المساعدات الغذائية والإيوائية، وسيتم العمل على كسر الحاجز والوصول للمناطق التي شهدت مواجهات كالبيضاء ومأرب وصعدة والجوف وتعز.انتهى