أيهما أحرص على أهل الفلوجة، الحشد الشعبي أم المتاجرون بهم؟
في الوقت الذي تتناقل وكالات الانباء العالمية قصصا مأساوية، تنقلها عن اهالي مدينة الفلوجة حول ما حصل لهم اثناء هروبهم من المدينة، والتي تكشف عما هو مكشوف عن وحشية واجرام الدواعش، الذين جعلوا منهم دروعا بشرية وورقة لمساومة القوات العراقية التي تسعى لتحرير المدينة، نرى وسائل الاعلام الخليجية وفي مقدمتها السعودية والقطرية، تغطي على فظاعات “داعش”، وتعمل في المقابل على تشويه من يتصدى ل”داعش” ويحاربها، وهم قوات الحشد الشعبي، التي تقدم الغالي النفيس لانقاذ اطفال ونساء وشيوخ الفلوجة من قبضة “داعش” المجرمة.
وكالة رويترز نقلت عن مصادرها من “أن مسلحي داعش يطلقون النار على العائلات التي تفر من مدينة الفلوجة عبر نهر الفرات في وقت يسارع مقاتلو الحشد الشعبي لانقاذهم ومساعدتهم”، شهادة رويترز هذه، دعمتها بقصص سردتها بعض النسوة، حيث ذكرت احداهن انهم هربوا بالزورق، ونصف من كانوا معها غرقوا عندما تعرضوا لاطلاق نار من قبل “داعش”. واضافت اخرى: خرجنا من منطقة العلمية من عشيرة الهيتاويين ليلا سيرا على الاقدام الى جسر العناز، ووصلنا الى شرطة العامرية واستقبلونا، وعاملونا معاملة جيدة جدا.
من هذه الشهادات الموثقة التي ذكرتها تقارير وكالات الانباء العالمية، ممارسة داعش ضغوطا على الأطفال ليجندهم في صفوفه، كما اكدت وجود حالات انتحار بين الاهالي داخل الفلوجة، وتحدثت إحدى النساء إلى الأمم المتحدة عن حالات أحرق فيها اشخاص أنفسهم، ونساء أغرقن أطفالهن.
حالات الانتحار بين اهالي الفلوجة، الذين تتخذهم “داعش” كرهائن، اكدها كريستوف ويلك الباحث في شؤون العراق في منظمة هيومن رايتس ووتش، بقوله إنه سمع عن حالات انتحار للمرة الأولى في شهر آذار مارس الماضي، حين سمع عن نساء ألقين أنفسهم مع أطفالهن في نهر الفرات.
اما اتخاذ “داعش” لاهالي الفلوجة كدروع بشرية، فهي حقيقة اتفق عليها جميع الاسر التي نجحت بالهروب من المدينة عبر ممرات آمنة وفرتها قوات الحشد الشعبي، فقد ذكرت هذه العوائل إن مقاتلي “داعش” طلبوا منهم الانتقال من السجر (على اطراف الفلوجة) إلى الفلوجة نفسها في محاولة واضحة لاستخدامهم كدروع بشرية، الا انهم اختبأوا، و حدث إطلاق نار وقذائف مورتر واشتباكات، الا انهم ظلوا مختبئين إلى أن أتت القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي، ورافقتهم إلى مركز النازحين، الا “الدواعش” وفقا لهذه الروايات أخذوا مئات الأشخاص وماشيتهم معهم إلى الفلوجة.
اما القيادات الميدانية من جيش وحشد شعبي، فقد عقدت يوم السبت 11 حزيران / يونيو مؤتمرا صحفيا مشتركا اكد فيه قائد عمليات غرب بغداد اللواء الركن سعد حربية ان “قوات الحشد الشعبي هي اول من بادر لفتح ممرات امنة للمدنيين”، في حين اشار نائب محافظة الانبار مصطفى العرسان الى ان “للحشد الشعبي دورا مهما في الحفاظ على ارواح النازحين ونقلهم الى اماكم امنة”، وخاطب العرسان اصحاب النوايا الغبيثة والفضائيات الطائفية المغرضة قائلا:”جئنا اليوم الى هذا المؤتمر الصحفي المشترك”.
هذه كانت بعض شهادات اهالي الفلوجة التي وثقتها تقارير الامم المتحدة ووكالات انباء عالمية محايدة، وكذلك شهادات قيادات من الجيش ومن ابناء محافظة الانبار، كلها تؤكد وبشكل واضح وصريح الدور الهام الذي تقوم به قوات الحشد الشعبي في الدفاع عن اهالى مدينة الفلوجة، والعمل على تحريرهم من عصابات “داعش” التي استعبدتهم واذلتهم واعتدت عليهم، وقتلت خيرة ابناءهم وانتهكت الاعراض، وقدمت قوات الحشد الشعبي على هذا الطريق الالاف من الشهداء، منذ ان حررت تكريت والرمادي وبيجي، واعادت اهالي تلك المناطق اليها بعد ان شردتهم “داعش”.
امام هذه الصورة الواضحة للعراقيين، نرى انظمة خليجية صاحبة سجل طويل عريض في اثارة النعرات الطائفية في العالمين العربي والاسلامي، وفضائياتها التي تبث على مدار الساعة سموما لبث الفوضى والاضطرابات بين العرب والمسلمين، عقدت العزم لقلب هذه الصورة رأسا على عقب، واظهار ما يجري من اعمال بطولية في الفلوجة لتحريرها وتحرير اهلها من انياب “داعش”، على انها حرب “ابادة تقوم بها ميليشيا شيعية ضد السنة في الفلوجة”، في خدمة مجانية ل”الدواعش”، وكذلك في محاولة للابقاء على اهالي الفلوجة تحت الاستعباد والذل “الداعشي”،وللاسف الشديد لاقت هذه الحملة الظالمة والتضليل الاعلامي ضد الشعب العراقي، تجاوبا من بعض ممثلي اهالي الانبار في مجلس النواب العراقي، من الذين لا يمكن وصفهم الا بالطابور الخامس ل”داعش” في اجهزة الدولة العراقية والبرلمان، حيث لا يمر يوم الا وتنطلق من حناجر هؤلاء النواب تصريحات تدعو الى وقف المعركة ضد “داعش” في الفلوجة، تحت ذريعة رفض مشاركة الحشد الشعبي في المعركة، رغم ان الجميع وخاصة العراقيين يعرفون ان معركة الفلوجة تشارك فيها قوات الجيش، وجهاز مكافحة الارهاب، والحشد العشائري، والشرطة الاتحادية، الى جانب قوات الحشد الشعبي، الامر الذي يكشف وبصراحة ووضوح ان هناك جهات عربية وغربية، تعمل على ابقاء الاوضاع في العراق كما هي عليه الان، حفاظا على “داعش” اولا، والابقاء على ورقة “داعش” لاستخدامها ضد الحكومة والجيش والعملية السياسية برمتها، بهدف الضغط لاعادة الاوضاع الى ما قبل عام 2003، ان امكن وفي حال فشل تحقيق هذا الهدف، يتم العمل على تقسيم العراق.
من خلال ما تقدم بات واضحا من الذي يعمل على ابقاء اهالي الفلوجة وباقي المدن الغربية للعراق تحت ظلم “داعش”، ومن الذي يستخدمهم كورقة في المساومات السياسية، ومن الذي يذرف عليهم دموع التماسيح من بعض الانظمة العربية، في الوقت الذي يعمل على وضع العراقيل امام كل تحرك عراقي لتحريرهم من “داعش”. وفي المقابل بات واضحا ايضا من هي الجهة التي تضحي بابنائها الابرار من اجل انقاذ فتيات ونساء الفلوجة من شذاذ الافاق والمجرمين من “الدواعش” والتكفيريين، وقدموا في مقابل ذلك الالاف من الشباب قرابين لصون شرف الفلوجيات، الشرف الذي تحول لدى بعض المحسوبين على اهالي الفلوجة من “داعش السياسة” و”داعشية الاعلام” الى ورقة سياسية رخيصة يتاجرون بها.
اخيرا لو كان الحشد الشعبي البطل، كما تحاول الانظمة الرجعية والفضائيات المملوكة لها، اظهاره، لكان قد انهى تحرير الفلوجة في ايام معدودة، وليسقط من الضحايا ما يسقط، كما تفعل بعض الانظمة العربية صاحبة الجيوش الجراره في حق اخوة لهم في القومية والدين والجيرة، دون ادنى تأنيب ضمير او خجل، الا ان الحشد الشعبي الذي يضم خيرة ابناء العراق من الذين لبوا نداء المرجعية الدينية العليا في النجف، يفكر الف مرة قبل ان يطلق رصاصة واحدة صوب الفلوجة، خوفا على اهلها، وهذا الامر هو بالضبط ما يحول دون تحرير المدينة لحد الان، كما اعلن امين عام منظمة بدر هادي العامري، عندما اعتبر الخوف على اهالي الفلوجة، هو الذي يعرقل تحرير المدينة، من ياترى الحريص على ارواح اهل الفلوجة الحشد الشعبي ام المتاجرين بهم من دواعش السياسة والاعلام والذبح؟.
المصدر / العالم