المصالحة الوطنية؛ الحل الوحيد لوصول البحرين إلى حالة الاستقرار
مضی أکثر من خمس سنوات علی انطلاق الحرکة السياسية والمدنية لمعارضي النظام السياسي في البحرين، وفي هذه الأثناء يعدّ حزب “جمعية الوفاق الوطني الإسلامية”، الحزب الرئيسي والأكثر رسوخاً لمعارضة أسرة “آل خليفة” الحاكمة. وبعبارة أخرى، فإن الوفاق يعتبر رائد الاحتجاجات على طريقة حكم آل خليفة.
ومن الملامح الرئيسية لحزب الوفاق على مر السنين، کان النضال السياسي، النهج السلمي ودعم عملية الإصلاح والامتناع عن الأساليب الإسقاطية.
کان المطلب الرئيسي للمعارضة، هو إزالة “الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة” رئيس الوزراء وابن عم “حمد بن عيسى” ملك البحرين – والذي يتولی منصب رئاسة الدولة منذ عام 1971- والقضاء على التمييز ضد الأغلبية الشيعية في هذا البلد. وعلى عكس الدعاية الحكومية، فإن التيار المعارض السائد في البحرين والذي يعدّ “الوفاق” الحزب الأكثر أهميةً فيه، لم يسعَ لإسقاط النظام السياسي في هذا البلد، بل طالب فقط بإضفاء الطابع الديمقراطي والدستوري علی السياسة والحكومة في هذا البلد.
هذا في حين أن الحكومة البحرينية قد اعتمدت نهجاً قمعياً ضد الاحتجاجات في البلاد. وأحد أحدث مظاهر هذا النهج القمعي للحكومة البحرينية، هو الحكم بالسجن لـ “الشيخ علي سلمان” أمين عام جمعية الوفاق. وقد شدَّدت محكمة الاستئناف العليا البحرينية برئاسة القاضي “محمد بن علي آل خليفة” يوم الإثنين من الأسبوع الماضي (30 أيار (مايو) 2016)، حکم حبس الشيخ علي سلمان الذي اعتقل في الثلاثين من مايو 2014، من 4 سنوات إلی 9 سنوات.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إصدار أحكام قاسية ضد المتظاهرين في البحرين. فوفقاً للإحصاءات التي نشرتها مؤخراً منظمات حقوق الإنسان مثل “منظمة العفو الدولية” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” من البحرين، وبمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الاحتجاجات في هذا البلد، شهدت الاضطرابات والاحتجاجات التي عمّت البحرين منذ خمس سنوات إلی الآن، مقتل 166 شخصاً وإصابة أكثر من أربعة آلاف و 300 شخص. وبناءً على هذه المعلومات، فقد تعرض للتعذيب نحو ثلاثة آلاف شخص في السجون البحرينية. وخلال هذه الفترة تم حرمان 115 مواطناً بحرينياً من الجنسية.
في هذه الأثناء فإن إصدار مثل هذا الحکم ضد زعيم مجموعة تعرف بالاعتدال في البحرين، يظهر العناد الذي تتسم به حکومة المنامة ضد التغيير في هذا البلد. وبعبارة أخرى، يمثِّل مثل هذا الحكم تجاهل وإهمال إرادة المحتجين البحرينيين.
من ناحية أخرى يبدو أن الحكومة البحرينية وعبر إصدار هذا النوع من الأحكام القاسية، تريد إرسال رسالةً للمعارضة مفادها أنه يجب عليهم التخلي عن مطالبهم، لأنهم بخلاف ذلك سيواجهون تعاملاً حاداً. وبعبارة أخرى، فإن الغرض من إصدار هذه الأحكام، هو رفع تكلفة الاحتجاج السياسي بهدف القضاء على مظاهر الاحتجاج في هذا البلد.
وعلى الرغم من هذا النهج الذي يتخذه آل خليفة، فقد أثبتت التجربة في كثير من البلدان، أن قمع الاحتجاجات بالرغم من أنه قد يقلل من حدتها في المدى القصير، ولکن هذا القمع نفسه سيؤدي على المدى الطويل إلى تراكم الغضب والاستياء وانفجارهما في منعطفات غير متوقعة.
ولا يمكن للحكومة البحرينية أن تبقی بمنآی عن هذه التهديدات. ومن هنا فلا خيار أمام آل خليفة ومن أجل توفير الاستقرار في البلد، سوی التراجع عن السياسات القمعية والاعتراف بمطالب المتظاهرين في فتح الفضاء السياسي. فإذا شعر الناس بأن أصواتهم تُسمع، وهم يشاركون فعلاً في عملية صنع القرار، فإن الاحتجاجات ستنتهي والاستقرار سيعود إلی هذا البلد.
بالنظر إلى هذه الظروف، إذا كانت الحكومة البحرينية جادةً في حل المشاكل السياسية في هذا البلد، ولديها النية الحسنة في ذلك، فإن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي إعلان المصالحة الوطنية، والإفراج عن السجناء السياسيين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
المصدر / الوقت