الحشد الشعبي، رمز انتصار الأمة
ان تصوير حرب الفلوجة بانها حرب ضد الطائفة السنية في العراق وقبل انطلاق العمليات الحربية يكشف ان عملية تشويه صورة الحشد الشعبي الجارية حاليا هي عملية مدبر لها حتى قبل اعلان الحرب.
يتعرض الحشد الشعبي منذ بداية تأسيسه وحتى اليوم الى حملة تشويه كبرى تشترك فيها قوى عظمى تحاول الهيمنة على العراق، فالحشد الشعبي الذي تشكل بفتوى مباركة من قبل المرجعية الرشيدة في العراق اصبح رمز الانتصارات في البلد، وبجهوده تحررت المدن وتحرر الإنسان وبقوته قمع طغيان “داعش”.
ومنذ البداية تحركت قوى الظلام الداعمة لداعش محلياً واقليمياً ودولياً بتوجيه النقد للفتوى التي اطلقتها المرجعية الرشيدة بالعراق باعلان الجهاد الكفائي لمكافحة تنظيم داعش الارهابي وذلك بعد تمدده في الاراضي العراقية واحتلاله لعدد من مدنه واعتبرت تلك القوى ان الفتوى تثير الحزازيات الطائفية.
فتوى المرجعية بالجهاد الكفائي اصبحت مثار نقد قوى الهيمنة العالمية لأنها تسببت بوقف تمدد التنظيم الارهابي وساعدت العراقيين على صنع ارادتهم وتكوين قوتهم الشعبية، فتلك القوى الغاشمة التي ساعدت بصنع داعش صنعت من ذي قبل تنظيم القاعدة وهي لاتريد ان ترى قوى وطنية تحقق النصر في العراق، ولاتريد ان تسمع عن فتاوى يتصاعد تأثيرها الى مستوى تفعيل ارادة الأمة وتشكيل جيش شعبي يحقق النصر تلو النصر في كل المعارك التي يخوضها.
لاأحد يستطيع ان يزايد على موقف المرجعية اتجاه اهل السنة فمنذ البداية اعتبر المرجع السيستاني ان اهل السنة ليسوا اخواننا فقط بل هم انفسنا واستمرت المرجعية في كل مواقفها وبياناتها على هذا النهج العظيم الذي لم نر له مثيلاً لدى جميع الطوائف الاسلامية وغير الاسلامية.
لكن السؤال المثير للإهتمام هو كيف تمكنت قوى الهيمنة والظلام من ان تسرق اسم اهل السنة والجماعة لتتحدث بالنيابة عنهم وتشوه الحقائق باسمهم، فمنذ الأيام الاولى والاعلام لدى تلك الدول يتحدث عن حرب الفلوجة وكأنها حرب ضد اهل السنة.
ان تصوير حرب الفلوجة بانها حرب ضد الطائفة السنية في العراق وقبل انطلاق العمليات الحربية يكشف ان عملية تشويه صورة الحشد الشعبي الجارية حاليا هي عملية مدبر لها حتى قبل اعلان الحرب.
فمعارضة الولايات المتحدة الاميركية لاشتراك الحشد الشعبي في معركة الفلوجة ليست بسبب الانتهاكات المزعومة لأنهم يعرفون بان الحشد الشعبي هو اكثر تعاطفاً مع الاهالي من الساسة الذي يدعون تمثيلهم وقد شاهدنا عبر التلفاز كيف يحمل ابطال الحشد اطفال الفلوجة ويحاولون انقاذهم كما يفعلون مع اخوانهم وابنائهم.
المعارضة الأميركية لمشاركة الحشد في معركة الفلوجة تذكرنا بمعارضتهم السابقة لمشاركة الحشد في معركة تحرير صلاح الدين والسبب الحقيقي لتلك المعارضة ان مشاركة الحشد الشعبي في تحرير المناطق السنية سيحبط جميع المخططات الاستعمارية لتقسيم العراق.
فالمخطط الأميركي الذي يرمي الى تقسيم العراق جغرافيا يقوم في المرحلة الأولى على تحقيق الانقسام الطائفي في العراق وهم عملوا لسنوات على تأليب السنة على الشيعة وعلى تفجير المناطق الشيعية واتهام السنة بها او تفجير المساجد السنية واتهام الشيعة بها، ويعملون كل ذلك بغرض تمهيد الأجواء والأوضاع لدخول تنظيم داعش الى العراق ومن ثم سيطرته على المدن السنية لفصلها عن العراق وتسهيل انفصال كردستان عن الجسم العراقي في المرحلة الثانية وتجزئة العراق كمرحلة نهائية.
يبدو ان الحشد الشعبي وبسبب تفانيه وبسالته في تحرير المناطق السنية في العراق حطم كل المخططات التي بذل البيت الأبيض لأجل انجاحها مليارات الدولارات، فالدم الشيعي في معارك الفلوجة وصلاح الدين سيختلط بالدم السني وهذا مرفوض وفق مفهوم قوى الهيمنة والاستكبار ويطيح بكل المخططات السابقة.
وعندما تعجز قوى الهيمنة والاستكبار عن منع الحشد الشعبي عن المشاركة في تحرير المناطق السنية ستعمد الى تشويه صورة تلك الانتصارات التي يحققها الحشد وستملئ الإعلام بالاخبار الملفقة والصور وافلام الفيديو التي تظهر اساءة الحشد الشعبي لأهل الفلوجة، وستحاول بشتى الطرق والوسائل لمنع الانصهار الشيعي بالسني وتضخيم الهواجس لدى اهل السنة بأنهم لن يكونوا آمنين اذا سلموا امورهم للحشد الشعبي وان عناصر الحشد سينتقمون من الفلوجة في حالة سيطرتهم عليها.
معركة الحشد الشعبي بلا شك هي ليست ضد اهل السنة ولو كان الامر كذلك لكان الحشد قد تشكل في وقت كان الشيعة يتعرضون فيها لعمليات القتل والتفجير في أسواقهم وبيوتهم وحسينياتهم بل تأسس الحشد بعد دخول تنظيم داعش للأراضي العراقية واستيلائه على مدينة الموصل وتكريت والفلوجة، وهبوا لنصرة شعبهم وتحرير ارضهم بعد فتوى الجهاد التي اصدرتها المرجعية العليا في النجف الاشرف.
ومن اجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي والوطني نوجه رسالة للقادة السياسيين من اهل السنة في العراق بان لا ينخرطوا في المؤامرة التي يراد منها تشويه صورة الحشد الشعبي وان لا يسمحوا باستغلال عنوان اهل السنة من قبل قوى لا تريد الخير للعراق، وربما هم يتظاهرون بانهم يريدون الخير والصلاح لاهل السنة لكنهم في الواقع يريدون الشر بكل اهل العراق سنة كانوا او شيعة فلا تنخدعوا بالكلمات التي يطلقونها من اجل ضرب الحشد الشعبي والوحدة الوطنية في العراق فهم يهدفون الى تقسيم العراق في المرحلة الاولى طائفياً وجغرافيا في المرحلة الثانية.
ويجب التفكير بشكل جدي بطريقة لمنع قوى الأستعمار والهيمنة من استغلال عنوان اهل السنة لإثارة الحساسيات بين ابناء الشعب الواحد ونحن نرى الإعلام الاميركي الذي هو بالاساس لا يعترف بالهويات الدينية والطائفية بانه يدافع عن السنة اكثر مما يفعله السنة انفسهم ويهاجم الحشد الشعبي اكثر شدة مما يفعل داعش نفسه .
لكل واحد الحق في ان يسأل لماذا يجب ان تصر البي بي سي على تقسيم العراقيين الى سني وشيعي في اخبارها، اليس من الافضل ان نصر على تلاحمنا ووحدتنا في وقت يراهن الجميع على تقسيم العراق، لقد عرف الجميع بعد سيطرة داعش على مقدرات الأمور في بعض المدن السنية انه لا مناص من ان يعيش العراقيون الى جوار بعضهم وسيعرف السني انه عندما يقع في المخمصة لن يأتي من ينقذه عبر المحيطات بل سيأتي من ينقذه من الوسط والجنوب بالضبط هو (الحشد الشعبي).
• طاهر القزويني – شفقنا