التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, سبتمبر 22, 2024

قراءة في مشروع الجدار الاسمنتي في باطن الارض وفوقها حول غزة 

القلق والرعب يسيطران على حكومة العدو الاسرائيلي وكيانها الغاصب من انفاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، آخر فصول مواجهة هذه الانفاق مشروع تقدمت به وزارة الدفاع الإسرائيلية لبناء جدار اسمنتي يمتد عشرات الامتار للإحاطة بقطاع غزة الفلسطيني في باطن الأرض وفوقها، الاعلان عن هذا المشروع قابله رسائل واضحة من المقاومة الفلسطينية متناغمة ومنسجمة مع خيارتها في الثبات على المواجهة وتحرير الأرض، والحديث عن الاهداف من وراء الاعلان عن هكذا مشروع والذي سبقه ورافقه ضغط اعلامي من ان الحرب على غزة لم يعد ببعيد. فماذا حول المشروع الاسرائيلي وما سبقه؟ وموقف فصائل المقاومة الفلسطينية منه؟

ماذا حول المشروع الاسرائيلي وما سبقه

وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن منظومة الامن الاسرائيلية كانت في وقت سابق قد قدرت كلفة الجدار بعشرات المليارات من الدولارات، إلا أن الخطة الجديدة التي أقرتها ما تسمى بوزارة الأمن الإسرائيلية، ستشيد هذا الجدار بتكلفة ستصل 2.2 مليار شيقل، هذا المشروع يأتي الثالث من نوعه، فقد أقام الاحتلال أول منظومة عام 1994، وهي عبارة عن سياج بطول ستين كيلومترا، ومن ثم منظومة أخرى عام 2005 بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة.

الاحتلال شنّ عدواناً على قطاع غزة الفلسطيني في صيف 2014 بحجة القضاء على انفاق المقاومة من دون احراز اي من الاهداف، فيما الكلام الاعلامي اليوم تحدّث عن الهدف من الاعلان عن هكذا مشروع امني من جهة، وطرحه امام وسائل الاعلام، والتساؤل عن الجدوى الممكنة ان تتحقق من هكذا مشروع من جهة أخرى.

موقف فصائل المقاومة الفلسطينية

جاءت مواقف فصائل المقاومة الفلسطينية كعلامة فاصلة ورسائل واضحة، فقد أكدت ألوية “الناصر صلاح الدين”، الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة، أن أي آليات إسرائيلية تعمل على بناء جدار تحت الأرض، في المناطق الحدودية بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، ستكون هدفاً لنيران مقاتليها.

هذا وصرح “إسماعيل رضوان” القيادي بحركة حماس، من إن إعلان الاحتلال بناء جدار اسمنتي حول غزة، دليل على فشله في مواجهة الأنفاق، مؤكدا أن هذا الإجراء لن يحد من قدرة المقاومة في الدفاع عن أبناء شعبها. وأكدّ “رضوان” أن المقاومة قادرة على التكيّف مع كل الظروف؛ لأجل مواصلة مسيرتها في مشروع التحرير.

واعتبر “خضر حبيب” القيادي في الجهاد الإسلامي، أن المقاومة لن تسمح للاحتلال بفرض أمر واقع على حدود قطاع غزة. وقال إن محاولات الاحتلال العبث بالمناطق الحدودية، وفرض وقائع ميدانية تتعلق ببناء جدار اسمنتي أو فرض منطقة عازلة داخل حدود غزة، ستواجه بقوة وحزم.

من جانبه، أكدّ “ذو الفقار سويرجو” القيادي في الجبهة الشعبية، أن المقاومة لن تسمح للاحتلال بفرض وقائع جديدة على حدود غزة، حتى لو أدّى ذلك لفتح جبهة جديدة، لأن ذلك يشكل عدوانًا على غزة، ويعتبر مسمارا في نعش المقاومة، وهي لن تسمح بحدوثه”. وقال “سويرجو”: “لا صوت يعلو على صوت المقاومة والثوابت الفلسطينية التي ستجمع القوى كافة على دعمها وتأييدها”.

أمّا “طلال أبو ظريفة” القيادي في الجبهة الديمقراطية، فأكدّ أن محاولات الاحتلال فرض الامر الواقع على الحدود، أمر لا يمكن القبول به. وقال أبو ظريفة: “على الكيان الاسرائيلي أن يدرك أن الجدار الاسمنتي لا يوفر له أمنًا، وأنه ليس الطرف الوحيد في المعادلة، بل إن المقاومة اليوم تشكل الجزء الأساسي التي لن تسمح له بفرض وقائعها هناك”. وأشار إلى أن كل محاولات الاحتلال توفير الامن على المناطق الحدودية باءت بالفشل، محذرًا في الوقت نفسه “بعض الأطراف الإقليمية والدولية” من المساهمة في توفير الدعم المالي للاحتلال لمساعدته في بناء الجدار، لأن ذلك لا يستفيد منه سوى أعداء المقاومة”.

قراءة في مشروع الجدار

اولاً: مشروع الجدار يعكس المستوى الذي حققته معادلة الردع الفلسطينية، ففي السابق، ولمواجهة مشاريع المقاومة، كان يلجأ الكيان الاسرائيلي لشن الاعتداءات في سبيل مواجهتها، وهو ما حدث مثاله مؤخراً في صيف عام 2014، حيث جاء العدوان بهدف القضاء على مشروع انفاق المقاومة. اذن اليوم المعادلة تغييرت بالكامل، اصبح الحل البديل للكيان الاسرائيلي اللجوء الى حلول مادية لتفادي الخسائر الاكبر.

الحلول المادية هذه ايضاً تعتبر من اسلحة المقاومة الفلسطينية، فهي استنزاف اقتصادي مالي وجهدي للعدو الاسرائيلي، فلبناء الانفاق سيلجأ الكيان الى ضخ مليارات الدولارات في سبيلها، وبعد ان كان العائق من بنائه فيما سبق التكلفة المقدرة ب3.85 مليار شيكل، اصبح اليوم وفق دراسة اخرى 2.2 مليار شيكل، وهو ما يعكس العجز المالي الذي يقف عائقاً امام مشاريع الكيان الاسرائيلي في حماية كيانه والاراضي التي اغتصبها.

ثانياً: الكيان الاسرائيلي يبحث عن اي خطوة ممكنة تكون كرسائل تطمين للمستوطنين الاسرائيليين، رسائل التطمين هذه تشتد ضرورة الحاجة اليها اليوم اكثر من اي وقت مضى، خاصة بعد الفشل الواضح في مواجهة انتفاضة القدس التي اثارت الرعب في نفوس قيادات الكيان الاسرائيلي العسكرية منها والسياسية. الحديث عن مشروع الجدار يرافقه ضغط اعلامي نفسي من ان عدواناً مرتقب على غزة لم يعد ببعيد، وهو ما يأتي في سياق مسعى ارباك المقاومة الفلسطينية من جهة، وتطمين الجبهة الداخلية الاسرائيلية من جهة اخرى.

ثالثاً: طالما ان المقاومة موجودة وحاضرة، فهذا يعني ان مشروع الجدار وأي مشروع آخر لن ينجح، وتجارب السابق خير دليل على ذلك، فإذا كان مشروع الجدار سينجح، لنجح مشروع القبة الحديدية، ذاك المشروع الذي لطالما تفاخرت فيه اسرائيل واعتبرت انه قادر على اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية، لكنه فشل وأثبت عدم جدواه. ايضاً مشروع الجدار هذا سبقه جدارين الا ان تأثيرهما يكاد يكون معدوماً، كذلك الحال بالنسبة لاستخدام الماء بهدف تدمير الانفاق والذي على ما يبدو وكأنه لم يكن موجود. اما رسائل المقاومة واضحة من ان الأنفاق خط احمر، ومعادلة رسمت لا يمكن تجاوزها، والأسابيع القليلة الماضية التي حاولت فيها آليات وفرق هندسية اسرائيلية للإقتراب من الخط الزائل وواجهتها المقاومة خير دليل على جهوزيتها للتصدي والذهاب في كافة الخيارات.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق