هكذا فعلها رجال العراق
عبدالرضا الساعدي
هكذا عادت هذه البقعة المسلوبة إلى حضن الوطن بعد معاناة ومكابدات وصبر طال انتظاره ، بفضل التضحيات العظيمة من جيشنا البطل وحشدنا المقدس ، وهكذا هزم الدواعش شرّ هزيمة بعد أن توهموا كثيرا في تأسيس دولة سوداء بغيضة على أرضنا الناصعة الطاهرة .
هكذا وفّى الرجال الشرفاء بوعدهم ، ورفعوا علم العراق الشامخ في قلب الفلوجة المحررة وليتجهوا قدما فيما بعد إلى تحرير بقعة وطنية أخرى من رجس الأوغاد ، وهي الموصل الحبيبة ، حيث لا مكان للدخلاء على أرض الرافدين ، في الوقت الذي يترقب أهلنا هناك وفي سائر البلاد لهفة العودة محررين ومنتصرين وبحوزتهم حياة جديدة خالية من الظلام والإجرام التكفيري الوهابي الذي سلبهم حقوقهم في الحياة والعيش بكرامة وإنسانية وحرية.
اليوم تحررت الفلوجة ليتخلص من سموم القهر والظلم والإرهاب ، ليتنفس الجسد بعمق من هواء العراق النقي وتنطلق الروح إلى آفاقها الجديدة السامية باتجاه البناء والاستقرار والرخاء بعيدا عن التلوث الداعشي الثقيل الأسود.
هكذا فعلها رجال العراق الأوفياء بسلاحين ، سلاح القوة وسلاح الرحمة ، القوة بوجه عدو قبيح لا يميز بين الأخضر واليابس فحرق الاثنين ، وسلاح الرحمة للمدنيين من أهل المنطقة ، مع توجيهات بتوفير المساعدات الإنسانية لهم ، يرافقها توجيهات بحماية الممتلكات العامة والخاصة ، وهذه أخلاق الفرسان النجباء الكرام ، التي تواجه أخلاق شراذم الجريمة والشر والعدوان الإرهابي لدواعش اليوم.
اليوم نعلن فرحة عراقية إلى الشعب وإلى كل المناصرين لنا في العالم ، الفرحة النصر بعودة جزء غالٍ علينا جميعا، والفرحة بانجاز الدرس البليغ في وحدة البلد والشعب لمواجهة عدو مشترك وهو داعش ومن يدعمهم ويناصرهم ممن توعدونا بدولة متخلفة للفتنة والتقسيم والذبح التكفيري دونما رحمة وإنسانية .. درس سيلطم دعاة التفريق والتقسيم والنكسة ، على وجوههم ، وسيدحرهم إلى الأبد ، سيلطم دولا وجهات عدة راهنت على تحويل البلد إلى ثكنات طائفية وقومية متقاتلة ، راهنت على الفتنة كحريق يشمل الجميع ، تحت شعارات ويافطات مزيفة كوصايا خارجية لا تنتمي لهذا الشعب وحضارته وأصالته ووطنيته الممتدة جذورها في العمق. هزمت تلك الدول التي وقفت تغذي هذه الجرثومة القاتلة ( داعش )، ونراها اليوم تتباكى على أهلنا في الفلوجة تحت تخريجات باطلة مبعثها الانتهاكات والاحتياجات والحقوق الإنسانية بينما تتصدر هذه الدول ذاتها ،في قوائم الأمم المتحدة ، كدول بارزة في الانتهاكات وخرق الحقوق الإنسانية في دول اليمن وسوريا ، وتسببت بكوارث مروعة يندى لها جبين الإنسانية على مر العصور.
لقد هُزم داعش في الفلوجة ، بينما يزحف الوطنيون الشرفاء الشجعان من جيشنا الغيور وحشدنا المقدس وهم يحملون في قلوبهم الإيمان بقضيتهم العادلة والإصرار على المضي قدما بتحرير كل الأراضي المدنسة ، يحملون قلبا عراقيا خالصا ومحبا لكل الطوائف والأديان والقوميات دونما تمييز أو تفرقة ، فالقضية الرئيسة هي الوطن والشعب والحياة بكرامة وحرية وأمان..
تحية إجلال وإكرام للشهداء الخالدين الذين سقوا الأرض بعطر دمائهم كي تفوح وردا وجمالا ونقاء ، وتحية أخرى لجرحانا الأبطال الذين جعلوا من الجراحات أوسمة فخر لهم ولأهلهم وبلدهم ، وتحية كبيرة لشعبنا المجاهد الصبور الكريم الذي لا يُقهر مهما تكالبت عليه مخالب الظلام والحقد والإرهاب .