التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

هل يمتلك إقليم كردستان العراق مقومات الإنفصال؟ 

دعا رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني قبل أيام، جميع القوى والأطراف السياسية الكردية إلى إجتماع خاص لبحث إجراء إستفتاء بشأن إستقلال الإقليم. وقال بارزاني في بيان “إن المنطقة تمر بمرحلة جديدة، ولا يمكن تفويت هذه الفرصة لإعلان الإستقلال”.

والسؤال المطروح: هل يمتلك إقليم كردستان العراق مقومات الإنفصال، ولماذا يطرح هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات؟ خصوصاً إذا ما علمنا بأن الإقليم يمتلك برلماناً خاصاً به ووزارات وجيشاً “البيشمركة” وأجهزة أمنية خاصة به، وممثليات دبلوماسية وقنصليات في معظم بلدان العالم، بالإضافة إلى علاقاته الوطيدة مع الكثير من الدول لاسيّما الغربية وفي مقدمتها أمريكا.

قبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع لابد من الإشارة إلى أن النظام الفيدرالي الذي إعتمده العراق في دستوره الجديد عام 2005 سمح لإقليم كردستان بالتمتع بإستقلال غير رسمي لكنه شبه كامل عن الحكومة المركزية في بغداد في مختلف المجالات.

ويعتقد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني لاسيّما زعيمه مسعود بارزاني بأن الأوضاع المضطربة في العراق والتي تفاقمت بعد إحتلال تنظيم “داعش” الارهابي لمناطق كثيرة منه قبل نحو سنتين لاسيّما محافظة الموصل المحاذية لإقليم كردستان، وفّرت فرصة لإعلان إستقلال الإقليم، خصوصاً وأن الحكومة المركزية في بغداد منشغلة الآن بمواجهة “داعش” ولا تسمح لها ظروفها المعقدة والصعبة بأن تمنع الإقليم من ترجمة هذا الطموح على أرض الواقع، لكن هناك في الحقيقة جملة من التحديات تحول دون تحقق هذا الأمر يمكن الإشارة إليها بشكل مختصر على النحو التالي:

التحديات الداخلية

يفتقد إقليم كردستان العراق للتوافق السياسي بشأن موضوع الإنفصال. ففي الوقت الذي يتحدث فيه بارزاني عن إجراء إستفتاء في الإقليم حول الإستقلال يرى الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني وحركة التغيير “كوران” بزعامة “نوشيروان مصطفى” وجوب توفر إجماع في كردستان من أجل المضي بإقامة إستفتاء بخصوص الإنفصال عن العراق.
يواجه الإقليم أزمة سياسية حادّة بسبب تعطيل برلمانه منذ نحو 9 أشهر بالإضافة إلى الخلاف بشأن مستقبل رئاسة الإقليم بعد إنتهاء مدة ولاية مسعود بارزاني بشكل رسمي في 19 آب/أغسطس 2015م، حيث لا تسمح القوانين الراهنة بإعادة إنتخابه لولاية جديدة. وكان الحزب الديمقراطي قد خسر الكثير من مقاعده في برلمان الإقليم بعد تمكن تحالف “حزب الإتحاد الوطني” و”حركة التغيير” من الفوز بأغلبية المقاعد، وهذا الأمر من شأنه أن يقلب المعادلة السياسية في الإقليم لصالح تحالف “الإتحاد والتغيير” الذي لا يفضل إنفصال الإقليم “في الوقت الراهن على أقل تقدير”.
يواجه الإقليم تحديات إقتصادية نجمت عن إنخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، والذي إنعكس سلباً على عائدات نفط الإقليم المصدر إلى الخارج عبر تركيا، والذي أدى بدوره إلى تراجع قدرة كردستان على دفع رواتب الموظفين وتنفيذ مشاريع إقتصادية مهمة بسبب العجز الشديد في الميزانية.
يعارض معظم شيعة العراق وقسم كبير من سنّته تقسيم البلاد على أسس قومية أو طائفية. وهذا الأمر يشكل بحد ذاته عائقاً مهماً أمام إعلان إستقلال إقليم كردستان سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.
أثبتت التجارب أن عمليات الإنفصال التي حدثت في دول أخرى بينها السودان تسببت في صراعات عنيفة حول المناطق المتنازع عليها. وهذا الأمر قد ينسحب على إقليم كردستان بشأن مدينة كركوك الغنية بالنفط. فهناك إنقسام تعيشه الساحة الكردية بسبب وجود قوتين رئيسيتين إحداهما في أربيل تابعة للحزب الديمقراطي، وأخرى في السليمانية تابعة للإتحاد الوطني. وهو ما يعتبره المراقبون بأنه شكّل ضربة للإتفاق الإستراتيجي القائم بين الجانبين منذ سنوات لتقاسم السلطة وفق مبدأ المناصفة، ويشددون على أن الخطوة الأشد إلحاحاً في الوقت الحاضر يجب أن تتركز على ترميم البيت الداخلي.
التحديات الإقليمية والدولية

هناك رفض إقليمي لمخطط إقامة دولة كردية مستقلة في العراق، لأنه يهدد بمطالبات مماثلة في دول مجاورة (تركيا وسوريا وإيران) التي ترفض أن تفرط بجزء من أراضيها.
رغم إتهامها من قبل الکثیرين بالسعي لتقسيم العراق علی المدی البعید ترفض أمريكا إنفصال إقلیم کردستان في الوقت الراهن لأسباب متعددة منها أنها تعتقد بأن إنفصال الإقلیم من شأنه أن یثیر مشاکل في دول صدیقة لها في المنطقة بینها ترکیا.
تخشى روسیا من إستقلال إقلیم كردستان بسبب إرتباطاته بدول وعواصم لا تنسجم سیاساتها مع سیاسة موسکو في کثیر من المجالات وفي مقدمتها أمريكا.
لهذه الأسباب وغيرها يعتقد معظم المراقبين بأن دعوة بارزاني إلى الإنفصال في هذا الوقت بالذات غير مجدية، ويرون أن المعوق الأساسي لإستقلال الإقليم يرتبط بالخلافات الداخلية (الكردية – الكردية)، إذ لا يمكن الإعلان عن الإستقلال في ظل إدارتين منفصلتين. ثم لنفترض أن كردستان نالت إستقلالها فمن يضمن ألّا يتحرك الأكراد في الدول المجاورة للمطالبة أيضاً بالإستقلال الأمر الذي تترتب عليه مخاطر جسيمة تحيق بالمنطقة بأسرها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق