دبلوماسية آل سعود التكفيرية (1)
فالثابت راهناً في تقدير الأحرار والشرفاء وأنصار العدالة أن مواقف الرياض الجديدة والقديمة معاً، برهنت على أن عوامل التقادم الزمني وتطور عالم الإتصالات وتسارع وتيرة الإنفتاح الإنساني بين الأُمم والشعوب، لم تؤثر كلّيا أو جزئياً على السلوكيات السعودية المتعجرفة حتى بعد مضي ما يقارب 100 سنة على تأسيس دولتهم السلفية بدعم مباشر من قبل سلطات المخابرات والجيش في بريطانيا الإستعمارية، وذلك بالتنسيق مع اللوبي اليهودي العالمي الذي كان قد رأى في آل سعود والوهابية ظهيرا لمشاريعه التآمرية على مستوى اغتصاب فلسطين ومن ثم التوسع منها لمزيد من الإحتلال والعدوان والإرهاب الدولي المنظم تحت يافطة “اسرائيل” التي اعلن عن تأسيسها في أيار 1948.
النظام السعودي هو تركيبة بدوية تكفيرية دموية تماما، وقد استحدث للإساءة ـ وبكل وحشية وضراوة ـ إلى القيم السماوية والتعاليم السمحاء للقرآن الكريم والسُـنّة النبوية الشريفة، وإن ممارساته السلبية برهنت على ذلك، ما صار يثير استنكارا عارماً حتى في مؤسسات الإدارة الاميركية والحكومات الاوروبية وفي اوساط الشعوب الغربية كافة بسبب ما تعرضت له من أعمال ارهابية مروعة بواسطة عصابات”داعش” في باريس وبروكسل ومناطق اخرى من “القارة العجوز”.
وإزاء ذلك يعتبر المراقبون أن جولة وزير دفاع آل سعود “ولي ولي العهد” محمد بن سلمان في فرنسا والى الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً، هي (عملية استجداء مهينة للحصول على شهادة حسن سلوك) أقدمت عليها السعودية ابتغاء إرشاء صناع القرار الاوربيين والأميركيين وشركات البترول والأسلحة والطائرات والسفن الحربية التي يمثلونها، للحصول على مساعدتهم الكفيلة بإسكات أصوات الغضب والويل والإدانة الرسمية والشعبية في بلدانهم، والتي أخذت تضيق ذرعا بجرائم الجماعات التكفيرية في أنحاء العالم، محمّلة الأموال والسياسات السعودية والفتاوى الوهابية مسؤولية استيلاد التطرف الديني الأعمى والإحتقان الطائفي المريب طيلة الأربعين عاما الماضية.
ويرى خبراء الاسلحة والطاقة الدوليون، بأنه سيترتب على “الرياض” لاحقا ضخ المزيد المزيد من الأموال والرساميل والإستثمارات ومن النفط والغاز الى أوروبا وأميركا في عملية سياسية ودبلوماسية استباقية للتخلص من ما يتم تحضيره من استعدادات للقيام بملاحقات قضائية وحقوقية وإنسانية غربية ضد “آل سعود والعقيدة الوهابية التكفيرية”.
القدر المتيقن منه هو ان هذه الملاحقات لا تمت صلة بما يرتكبه آل سعود في الوقت الحاضر من جرائم حرب بربرية في اليمن المغدور والتي يندى لها الجبين، ومن تدخلات فتنوية سافرة في البحرين ولبنان وسوريا والعراق وأفريقيا وفي مناطق ايران الحدودية، بل هي ترتبط بمطالبات جزائية يكفلها القانون الدولي لفائدة عوائل ضحايا مهاجمة البرجين التوأم في نيويورك (11 سبتمبر 2001)، الى جانب هجمات اخرى تعرضت لها المصالح الغربية هنا وهناك قديما وحديثا، باعتبار ان الدم الأميركي والأوروبي غال وان التقادم لا يفسد للتعويض قضية، سيما وأن الهجمات طاولت زعماء القوة والمال في عقر دارهم وفي مركز التجارة العالمية.
لكن المثير للتعجب والحيرة بل وللإشمئزاز وإلى حد كبير، هو ان يسفر “الدبلوماسي السعودي عادل الجبير” عن نزعته المتغطرسة والإقصائية والحقودة حيال قوات الحشد الشعب العراقي الذي طرد عصابات “داعش” مؤخرا من الفلوجة.
فهؤلاء المجاهدون التضحويون فخورون بأنهم قدموا خدمة عظيمة للمسلمين والعرب والبشرية كافة على مستوى تطهير مدينة الفلوجة كبرى معاقل التكفيريين استعدادا لقطع دابرهم الى الأبد.
لكنهم تفاجأوا بتطاول “مهندس دبلوماسية آل سعود التكفيرية” عليهم وهو متمرغ في حضيض الإستعطاف والإستجداء والخضوع للغرب المتصهين، طالبا منه الصفح والمغفرة والعفو عن الدواعش الذين هم “أبناء الزنا السعودي ـ الوهابي”، ومناشدا مساعدت اوروبا وأميركا، لتأمين هروب فلولهم المنهارة من أرض الرافدين وذلك بفعل الضربات القاصمة لأبناء العراق البواسل من منتسبي الجيش والحشد الشعبي وقوات مكافحة الأرهاب.
وفي ضوء هذه الإزدواجية الحقيرة التي انعكست في مواقف “عادل جبير” وأولياء نعمته، لا يمكن التردد في القول بأن “آل سعود” هم مرآة واقعية للخصال الجاهلية الأعرابية المنافقة التي استنكرها القرآن الكريم.
حميد حلمي زادة