التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 30, 2024

آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اقتصادها 

صوت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي يضع خامس أكبر اقتصاد في العالم في مواجهة حالة من الضبابية الشديدة التي تكتنف آفاق نموه وجاذبيته المستثمرين، وقد تضر اقتصادات أخرى في أوروبا وغيرها.

ومن المتوقع أن يكون لهذا التصويت أثر سلبي على النمو في بريطانيا في المدى القصير على الأقل، وقد يدفع البلاد نحو الركود، كما أنه قد يدفع بنك إنجلترا المركزي إلى خفض أسعار الفائدة إلى الصفر، واختبار مدى استعداد الدائنين للاستمرار في تمويل عجز الموازنة البريطانية.

وستعتمد تداعيات التصويت على نوع العلاقة التجارية التي قد تدخل فيها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، الذي يسهم بنحو نصف صادرات البلاد، وفي ما يلي ملخص للتداعيات الاقتصادية المترتبة على التصويت:

النمو الاقتصادي

أشارت مجموعة من التوقعات التي نشرتها الحكومة وبنك إنجلترا المركزي ومؤسسات بحثية ومنظمات دولية ومئات الأكاديميين قبل الاستفتاء إلى أن النمو الاقتصادي ببريطانيا سيشهد تباطؤا أكبر إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي مقارنة بما سيشهده إذا بقيت في الاتحاد.

وحذر وزير المالية جورج أوزبورن من حدوث ركود في الوقت الذي قال فيه بنك إنجلترا إن “تباطؤا ملموسا” قد ينتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال محافظ البنك مارك كارني إن اقتصاد البلاد قد يدخل في انكماش على مدار ربعين، وأكدت وكالات التصنيف الائتماني أن التباطؤ المتوقع في النمو عقب التصويت له أثر سلبي على التصنيف الائتماني للبلاد.

وقالت مجموعة صغيرة من خبراء الاقتصاد المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إن الخروج من الاتحاد سيعزز النمو في السنوات القادمة، وإن كان أحدهم على الأقل يتوقع حدوث تراجع طفيف في البداية.

وتجد شركات التصدير دعما في هبوط الجنيه الإسترليني الذي انخفض إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ 1985، على الرغم من أن الطلب في كثير من بلدان العالم ما زال ضعيفا.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيضر باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ويؤثر على دول أخرى خارجه.

وذكرت المنظمة أنه إذا خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سيقل إنتاج الاتحاد باستثناء بريطانيا بنحو 1% بحلول 2020 عما كان سيتحقق إذا بقيت، وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضا إنه قد يحدث تراجع اقتصادي أكبر إذا قوض خروج بريطانيا الثقة في مستقبل الاتحاد الأوروبي وهو سيناريو لا تشمله توقعاتها.

وقالت رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جانيت يلين الأسبوع الماضي إن الاستفتاء قد تكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي وأسواق المال، وهو الأمر الذي قد يعني تأجيل الزيادة التالية في أسعار الفائدة الأميركية.

السياسة المالية

كان رد فعل محافظ بنك إنجلترا مارك كارني على الاستفتاء سريعا، إذ قال إن البنك المركزي مستعد لضخ أموال إضافية بقيمة 250 مليار جنيه إسترليني لدعم الأسواق، وأضاف أن البنك سيدرس اتخاذ خطوات إضافية في ما يتعلق بسياسته خلال الأسابيع المقبلة.

وقبل التصويت، قال كارني إن من السهل جدا التكهن بأن البنك سيخفض أسعار الفائدة من مستواها المتدني بالفعل والبالغة 0.5% من أجل دعم الاقتصاد بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ويقول بنك إنجلترا إنه سيتعين عليه تقييم تباطؤ النمو في مقابل ارتفاع معدل التضخم الناتج عن انخفاض قيمة الجنيه. ويعني ذلك أنه قد لا يتم اتخاذ أي قرار لتغيير أسعار الفائدة لعدة أسابيع، وربما ليس قبل أغسطس/آب القادم حين ينشر البنك المركزي أحدث تقديراته التفصيلية حول الاقتصاد.

وكان 17 من أصل 26 من خبراء الاقتصاد الذين استطلعت رويترز آراءهم في أبريل/نيسان الماضي توقعوا أن تكون الخطوة التالية لبنك إنجلترا المركزي بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي تخفيض أسعار الفائدة لا زيادتها.

عجز مزدوج

وسجلت بريطانيا أكبر عجز في ميزان المعاملات الجارية على الإطلاق العام الماضي، بما يعادل 5.2% من الناتج الاقتصادي للبلاد؛ وعكس هذا العجز زيادة تدفقات توزيعات الأرباح ومدفوعات الدين إلى المستثمرين الأجانب عن التدفقات المماثلة التي تأتي للبلاد، بالإضافة إلى العجز التجاري الكبير.

وقال كارني إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يختبر “كرم الأجانب” الذين يمولون العجز في ميزان المدفوعات.

وكان وزير المالية أوزبورن قال خلال الحملة التي سبقت الاستفتاء إنه سيضطر إلى زيادة الضرائب وتخفيض الإنفاق إذا صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي كي يحول دون إضرار تباطؤ النمو بمساعيه الرامية إلى تخفيض عجز الموازنة، الذي ما زال كبيرا، لكن لم يتضح ما إذا كان سيتم الالتزام بتلك الخطة بعد استقالة كاميرون.

الإسترليني والسندات

هبط الإسترليني إلى أدنى مستوى له في 31 عاما الجمعة، مسجلا أكبر انخفاض في تاريخه، وقال الملياردير جورج سوروس الذي اشتهر بالمراهنة على هبوط الجنيه في 1992 إن الإسترليني قد ينخفض إلى 1.15 دولار.

وسجل عائد السندات البريطانية مستويات قياسية متدنية، حيث لامس العائد على السندات لأجل عشر سنوات 1.018%، ويعتقد الخبراء بأنه قد يهبط أكثر من ذلك ليقل عن 1%.

الوظائف

وأشارت معظم التوقعات إلى أن معدل البطالة البريطاني الذي يبلغ أدنى مستوياته في عشر سنوات حاليا عند 5% سيرتفع بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من نجاح بريطانيا في تجنب خسارة الوظائف بالقدر نفسه الذي حدث في دول أخرى بعد الأزمة المالية.

وكما حدث بعد الأزمة فإن الأجور قد تتحمل الوطأة الكبرى لأي تباطؤ ناجم عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتوقع المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا انخفاض أجور المستهلكين الحقيقية بما يتراوح بين 2.2 و7% بحلول 2030 مقارنة بمستوياتها في حالة بقاء بريطانيا في الاتحاد.

في المقابل، قال خبراء الاقتصاد المؤيدون لخروج بريطانيا إن سوق العمل في البلاد قد تصبح أكثر ديناميكية عبر إلغاء قوانين الاتحاد الأوروبي المرهقة والتخلص من بعض رسوم الاستيراد الأعلى في الاتحاد مثل تلك المفروضة على الغذاء، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية وتحسين مستويات المعيشة، لكن تقليص رسوم الواردات قد يعرض بعض قطاعات الاقتصاد لمنافسة شرسة.

التجارة

حذّر قادة العالم في أمریکا واليابان وألمانيا وفرنسا بريطانيا من أن خروجها من الاتحاد الأوروبي سيؤثر سلبا على مكانتها بوصفها قوة تجارية عالمية.

وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن بريطانيا ستأتي في “مؤخرة الصف” في ما يتعلق بإجراء مباحثات مع الولايات المتحدة.

كما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند هذا الأسبوع إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يضع دخول المملكة المتحدة إلى السوق الموحدة على المحك.

لكن خبراء الاقتصاد المؤيدين لخروج بريطانيا رفضوا تلك التحذيرات، ووصفوها بالترويج للإشاعات المقلقة، ويقولون إن بريطانيا قد تبرم اتفاقيات تجارة مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى خارجه، وقد تخفض أيضا رسوم الواردات من تلقاء نفسها إذا لم يكن هناك اتفاق وشيك.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق