التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 14, 2024

دبلوماسية آل سعود التكفيرية (2) 

في ضوء المواقف الفظة لوزير خارجية النظام السعودي، عادل الجبير، والتي ما برح يطلقها تجاه مختلف قضايا المنطقة منذ تصديه للمنصب الدبلوماسي الأول، ومنها تصريحاته الأخيرة في باريس يوم الأربعاء الماضي 29 ـ 6 ـ 2016، والتي ألصق فيها تهمة ” الطائفية”، بكل دول محور المقاومة والممانعة في الشرق الأوسط لاسيما الجمهورية الاسلامية، فإنه بات واضحا ان الرجل قد أنيطت به مهمات قذرة بعيدة عن اللغة السياسية والدبلوماسية المطالبة بإحترام العلاقات الدولية والإلتزام باصول اللياقة واللباقة عند التعامل مع استقلالية البلدان الأخرى وسيادتها.

ومن هذه العقلية يستلهم سفير السعودية أيضا في بغداد، ثامر السبهان، مفرداته السياسية المتطاولة هي ايضا على الحشد الشعبي المجاهد الذي يمثل اغلبية الشعب العراقي.

ومن المعروف ان الرياض تمتلك جيشا من المرتزقة المشربين بالحقد والكراهية والإقصاء ضد اتباع مذهب آل البيت النبوي الشريف، والذين يستخدمهم آل سعود على الدوام او وقت الضروات الملحة، أذرعا لتنفيذ الدبلوماسية التكفيرية العامة.

فإلى جانب قوى الأمن والاستخبارات والشرطة، يوجد هناك منتسبو هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” الذين هم الرعيل الأول لنشر التكفير والتعصب وممارسة الحجر العقائدي والتضييق على الناس وخصوصا الحجاج والمعتمرين على مدار العام، بل هم مدرسة الشخصية الحقيقية المشينة لنماذج مثل “داعش وطالبان وبوكو حرام” وما شاكلها من زعماء التطرف الأعمى المتنامي في انحاء المنطقة والعالم.

والأخطر من هذا هو استغلال آل سعود من يسمونهم بـ “الائمة والخطباء” المفروضين على منابر خطب صلاة الجمعة في نقطتين مصيريتين للامة الاسلامية هما مكة المكرمة والمدينة المنورة للتشهير بالمسلمين الشيعة وبالشعب الإيراني حكومة وشعبا، وبالمقاومين الشرفاء في اليمن والبحرين ولبنان والعراق وسوريا. كما يستخدم السعوديون مشايخ الضلالة الوهابيين خلال الخطب للدعوة الى مناصرة الجماعات التكفيرية الإرهابية في جميع مناطق الصراعات الراهنة، سواء بصورة مباشرة أو بأساليب ملتوية منافقة.

ومع ان هذه الممارسات تمثل خرقا فاضحا للتعاليم الألهية التي تعتبر الحرم المكي والحرم المدني ملتقى للأرواح الشفيفة والأخوة الايمانية والتواصل الإسلامي المتآخي، ومع ان آل سعود حوّلوا هذين الحرمين الشريفين الى بؤر لإثارة الفتن والشحن الطائفي واسباغ الشرعية على جرائم المتشددين التكفيريين هنا وهناك، بل صنعوا من أدواتها من أزلام “الهيئة السيئة الصيت” والخطباء والائمة والوعاظ، ما يوازي الميليشيات، وذلك بلحاظ تدفق الآلاف منهم الى سوريا والعراق ولبنان والبحرين وحتى الى أفريقيا، بدعوى الجهاد من جانب ومواجهة “المدّ الشيعي” من جانب آخر.

أقول مع كل هذه الخروقات المثبتة بالوثائق والصور واللقطات البصرية والسمعية، والتي يعرفها علماء الأمة الاسلامية وحكومات العالم الإسلامي، لكننا لم نسمع صوتا واحداً لأيٍّ منهم حتى الآن يندد باستغلال آل سعود للحرمين الشريفين والفتيا والدين وشعائر الله لفائدة سياسات الرياض التكفيرية، أو أن يطالبها بتفكيكها وحلّها، على غرار ما يطالب به “عادل الجبير” في العراق وسوريا وهما بلدان ذاقا مرارة الارهاب السياسي والجهل التكفيري والفتن الوهابية السوداء التي انتجتها الرياض وسوّقت لها دبلوماسية آل سعود التحريضية، والتي تسببت بأبشع المجازر في انحاء العالم والتي كان آخرها جريمة التفجير الحقيرة التي ارتكبها مرتزقة السفير التكفيري ثامر السبهان في حي الكرادة ببغداد.

في هذا الأتجاه تعتمد دبلوماسية الرياض على شراء ذمم المؤسسات السياسية الاقليمية والدولية للحصول إما على سكوتها حيال جرائمها المروعة حاليا كما في تغاضي الامم المتحدة وأمينها العام بان كي مون عن وحشية آل سعود المفرطة في اليمن، او على دعمها لسياساتها الطائفية والفتنوية على شاكلة ما صدر على لسان امين عام الجامعة العربية الجديد أحمد ابو الغيط، الذي تهجم على الجمهورية الاسلامية الايرانية ولما يستلم منصبه رسميا.

وبالمناسبة فان تصريحات ابو الغيط لا تمثل وزنا ولا هيبة من الآن لسببين اساسيين: الأول ان “جامعة الدول” لم تعد كيانا قويا وذا تأثير في الساحة الإقليمية أو الدولية بسبب انتشار الفوضى والتمزق والصراعات والحروب الدامية في العالم العربي، ودون ان تتمكن هذه المؤسسة من اصدار بيانات بشأنها، ناهيك عن اتخاذ مواقف رصينة.
والثاني هو أن السيد ابو الغيط هو جزء من تراث أخلاقية الهزيمة والإنحناء التي وضعت مصر الكنانة في منحدر السقوط طيلة فترة الأربعين عاما الماضية. ولعل الشئ البسيط الذي قد يستطيع أن يفعله هو تأمين نفقات الإبقاء على مبنى الجامعة العربية المطل على نهر النيل العظيم وسط قاهرة المعز، لقاء بيع المواقف التافهة الداعمة لدبلوماسية آل سعود التكفيرية وحروبها البربرية الظالمة.

بقلم: حميد حلمي زادة

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق