هكذا أسقط “بان كي مون” الأمم المتحدة من عين الشعوب!
خرج أمين عام الأمم المتحدة، ليتحدث بمنطق الغيور على القرارات الأممية. في حين يبدو أن أحداً لم ينس في العالم، الفضيحة التي تعرضت لها منظمة الأمم المتحدة عبر تبرئة السعودية من قائمة الدول التي مارست جرائم الحرب. ولعل الجديد الذي خرج به بان كي مون، كان حول إدعائه بأن إختبارات الصواريخ البالستية من قبل طهران، لا يتناسب مع روح الإتفاق النووي. وهو ما لقي ردة فعلٍ رافضة، من قبل الشعب والمسؤولين الإيرانيين. فيما لم تعد الأمم المتحدة كمنظمةٍ عالمية، مرجعية الشعوب في المنطقة تحديداً، بعد أن أصبحت وكأنها تنطق بإسم السياسة الأمريكية، مع اعتمادها سلوكاً يتَّسم بإزدواجية المعايير. فماذا في تصريحات بان كي مون؟ وما هي دلالاتها؟ وكيف يمكن تحليل آثارها؟
تصريحات بان كي مون
نقلت رويترز عن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنه قال في تقرير سريٍ الخميس، أن اختبارات الصواريخ الباليستية من قبل إيران لا تنسجم مع الروح البناءة للإتفاق النووي. لكن مجلس الأمن هو من سيقرر ما إذا كانت هذه الإختبارات خرقت قراراً له أم لا.
من جهته، دعا مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بام كي مون، أن يتجنب طرح تفسيرات مُناقضة لنص الإتفاق النووي، وأن يقدم تقريراً مُنصفاً حول تقصير أميركا في تنفيذ التزاماتها حسب الإتفاق النووي. مُعرباً عن أمله بأن يكون الخبر الذي نقلته رويترز غير مُطابق للواقع، ودعا بان كي مون الى أن يتجنب، طرح التفسيرات المناقضة لنص الإتفاق النووي في تقريره النصف السنوي الى مجلس الأمن، نظراً لأنه ورفاقه لم يكونوا حاضرين في المحادثات النووية ولا علم لهم بسوابق الإتفاقات. وأوضح أن تلك التفسيرات تبين الضغوط السياسية الداخلية لأحد أو بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
تحليل ودلالات
لا شك أن تصريحات بان كي مون، لا يجب أن تمر بدون ردة فعلٍ موضوعية. وهنا نقول التالي:
أولاً: تُثبت الأمم المتحدة بشخص أمينها العام، أنها لم ولن، تكون يوماً أهلاً للمرجعية الدولية في الفصل أو الحكم على القضايا. حيث أن تصريحات أمينها العام، والتي تُعتبر غير مسؤولة، تتنافى مع المهنية والموضوعية التي تفرضها المراكز الحساسة والمرتبطة بقضايا الدول والشعوب. في حين باتت الأمم والشعوب العالمية، تشعر بمنطق التسييس الذي تتعاطى بناءاً له الأمم المتحدة. خصوصاً في ظل غيابها عن العديد من القضايا والتي تهم الشعوب، عبر إزدواجية المعايير التي تعتمدها. الى جانب فقدانها القدرة على حل المشاكل أو إزالة التهديدات التي تطال الدول، بل باتت تخرج بمواقف تدعم الإرهاب والمنظمات اللاشرعية المعارضة للدول. وهنا فإن المواقف الدائمة والمنحازة للمنظمة، والتي كانت دائماً في خدمة السياسة الأمريكية، وضد أطراف وشعوب محور المقاومة، هي السبب في ذلك.
ثانياً: لم يعد مُستغرباً الكلام المنسوب لبان كي مون، لدى شعوب المنطقة. فالأمة العربية والإسلامية، باتت تُدرك اليوم أن مصيرها لا يجب أن يرتبط، بقراراتٍ تصدر عن منظمات دولية، لا تعتمد معيار حق الشعوب، وتنحاز بالمطلق لتوجيات السياسة الأمريكية. وهو الأمر الواضح ليس فقط فيما يخص حقوق الشعب الإيراني، والذي امتعض من كلام بان كي مون الأخير، بل أيضاً من التعاطي الدولي مع العديد من الأزمات لا سيما الأزمة التاريخية المتمثلة بالقضية الفلسطينية، أو العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، الى جانب جرائم الحرب الأمريكية في كلٍ من أفغانستان والعراق وليبيا، بالإضافة الى غياب المنظمة عن ممارسة مشروع منع التسليح النووي، والذي تقوده أمريكا، وتمارسه تل بيب.
ثالثاً: وجديداً، لم ينسى العالم حتى الآن ما جرى منذ فترة قصيرة، حيث أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة سجَّل فضيحة تاريخية للمنظمة، من خلال إلغاء إسم السعودية من قائمة الدول القاتلة للأطفال، ومجرمي الحرب، وذلك رضوخاً للمال السعودي. وهو ما اعتبره الكثيرون من أصحاب الشأن الحقوقي، تلويثاً لسمعة المنظمة، لا سيما أنها ألغت قراراَ صدر. وهنا نسأل بان كي مون، هل باتت الأمم المتحدة، في موقعٍ تُصدر فيه قراراتٍ غير مسؤولة؟ وهل يتعرض بان كي مون لضغوط من قبل نفس المجموعات التي سبق أن مارست الضغط عليه، ودفعته لإلغاء إسم السعودية عن لائحة الإرهاب؟
رابعاً: بالإضافة الى ما تقدم، جرت الكثير من الإنتهاكات للقرارات الدولية من قبل الغرب، وخصوصاً من أمريكا على سبيل المثال بحق الشعب الإيراني. في حين لم نسمع أي موقف يُعبّر عن ذلك من قبل المنظمات الدولية. وهو الأمر الذي يمكن أن ينطبق على قرار المحاكم الأمريكية مؤخراً، بمصادرة ما يُقارب الملياري دولار من أموال الشعب الإيراني، لأسبابٍ غير معروفة أو لأسبابٍ تتعلق بإتهاماتٍ غير مُثبتة. الى جانب قيام واشنطن بمنع تصدير الأدوية لإيران. في حين لم يخرج تصريحٌ من قبل المنظمة، يُدين أو يشجب السلوك الأمريكي غير المُبرر وغير الإنساني.
خامساً: تقوم أمريكا اليوم بالضغط على الدول الغربية، لا سيما فيما يخص علاقتها مع طهران. وهو الأمر الذي شهدناه بوضوح، بعد الإتفاق النووي. حيث أن الدول الغربية، سعت لبناء علاقات ثنائية مع الجانب الإيراني، في وقتٍ سعت واشنطن، لمنع تطوُّر العلاقات، وذلك بناءاً لإعتباراتٍ خاصة بأمريكا، وبعيدة عن المنطق السياسي. وهو ما نعيشه اليوم، فيما يتعلق بصفقة طائرات البوينغ، والتي اشترتها إيران، فيما أعلن الغرب أنه لن تتم الصفقة دون موافقة واشنطن، والتي تضغط منعاً للإنفتاح على طهران. وهو ما يُخالف الآداب والقواعد التي تحكم العلاقات الخارجية للدول. فهل يجري السعي لإفشال الإتفاق التاريخي، بناءاً للسياسة الأمريكية البراغماتية؟
إن اختصار كل ما يجري، يجعلنا أمام سياسةٍ واضحة، يستخدمها الغرب وأمريكا، لتجريد الأمة من مكامن قوتها. وهو الأمر الذي يعمل له الغرب على الصعيدين الدولي والشعبي، مستخدماً المنظمات الدولية، والتي من بينها للأسف الأمم المتحدة. حيث تقوم السياسة الأمريكية، بمحاولة ضرب مكامن القوة التي تمتلكها شعوب المنطقة، والتي تبدأ بضرب تعاظم الطرف الإيراني. وهنا يظن الغرب أنه من خلال الإخلال بالإتفاق النووي، يمكنه الضغط على طهران. في حين أكد مرشد الثورة، أنه في حال قيام واشنطن بتمزيق الإتفاق أو الإخلال به، فطهران مستعدة لحرقه. وهو ما ينبع من منطلق القوة، ويجب أن يُؤخذ بعين الإعتبار. خصوصاً أنه يدل على رفض إيران جعل الإتفاق النووي مادة للإبتزاز. لنصل الى نتيجةٍ مفادها، أن الأمم المتحدة، لم تعد منظمةً قادرةً على الحكم في القضايا، أو تحديد مصالح الدول. بل إن سلوكها المنحاز للسياسة الأمريكية، وتصريحات أمينها العام بان كي مون، جعلها منظمة ساقطة في عين الشعوب.
المصدر / الوقت