عندما تمثل الشرطة الأمريكية تهديدا لحياة المواطنين
مرة أخرى تطفو على السطح قضية عنف الشرطة الامريكيين ضد السود وهو عنف يزداد بشكل مخيف ويستفز هذه الاقلية العرقية.
بعد يومين من احتفالات ذكرى استقلال امريكا واجه هذا البلد موجة جديدة من العنف العرقي ففي الحادث الاول قتلت الشرطة شابا اسود في لويزيانا بالرصاص وقد اثبت الفيلم المبثوث عن هذا الحادث بان الشاب الاسود لم يكن مسلحا وان الشرطي قتله حينما كان ممدودا على الارض، وبعد 48 ساعة من هذا الحادث وتحديدا في مينيسوتا قتلت الشرطة شابا اسود آخر كان برفقة ولده وخطيبته في السيارة وتم نشر فيلم هذه الجريمة بشكل مباشر على الانترنت حينما قامت الخطيبة بتصوير الحادث، وفي حادث القتل الثالث الذي حدث يوم الخميس الماضي في مدينة دالاس في ولاية تكساس قتل قناص 5 شرطيين واصاب 7 آخرين اثناء تظاهرة للسود وهذا يثبت ان العنف العرقي في امريكا قد دخل مرحلة جديدة وباتت الشرطة تتلقى ردود افعال.
إنقذوا السود في امريكا
السود هم اقلية عانوا الأمرين في تاريخ امريكا ومورست بحقهم جرائم يندى الجبين لها وكان يتم حرقهم واعتبارهم انجاس وحرموا من ابسط حقوقهم حتى عام 1960 حيث لم يكن مسموحا لهم حتى بالجلوس في حافلات البيض الى ان جاءت حركة مارتن لوثركينغ التي اسمعت ساسة البيت الابيض صوت السود المقهورين وقد اعترف الرؤساء الامريكيون الديمقراطيون حينها بحقوق السود لكن يد الاجرام اغتالت لوثر كينغ ومالكوم اكس اللذين كانا زعيمين لحركة السود الاجتماعية الاحتجاجية وحينها شهدت امريكا عصيانا عرقيا واشتبك السود الغاضبين مع الشرطة في الشوارع.
وبعد احداث عقد الستينيات مال السود سياسيا نحو الحزب الديمقراطي لكن ابناء العنصريين البيض مازالوا موجودين في المجتمع الامريكي وهم لايعيرون اهتماما بحياة السود ومعظم هؤلاء هم من انصار الحزب الجمهوري.
والان وبعد ظهور شخصيات مثل دونالد ترامب بات الجميع يعرفون الحاضنة الشعبية لمثل هذه الشخصيات في وسط الجمهوريين وهم اناس عنصريون لايعترفون بحقوق الاقليات العرقية والدينية.
في عام 2013 وبعد قتل المراهق الاسود تريفون مارتين على يد جورج زيمرمن انطلقت حملة “حياة السود مهمة” في وسائل التواصل الاجتماعي وفي عام 2014 وبعد قتل الشاب الاسود مايكل براون في فيرغسون وكذلك قتل الاسود الآخر اريك غارنر في نيويورك اجتاحت امريكا موجة احتجاجات قام بها السود والسؤال الذي يطرحه السود اليوم بقوة هو لماذا يقتل الشرطيون الامريكيون السود الابرياء هكذا؟
ويريد السود حلا لهذا العنف الذي تبديه الشرطة الامريكية والذي يشبه افلام الهوليوود ففي النصف الاول من عام 2015 قتل 465 مواطنا امريكيا على يد الشرطة وفي النصف الاول من عام 2016 وصل هذا العدد الى 491 مواطنا وشكل السود 27 بالمئة من هؤلاء القتلى.
العنف المسلح
بعد مقتل 5 شرطيين في تظاهرات مدينة دالاس باتت قضية السماح بحيازة الاسلحة في امريكا مطروحة للنقاش مرة اخرى واصبحت مشكلة كبيرة في هذا البلد، ان الارقام المنشورة عن العنف المسلح في امريكا مخيفة ففي امريكا توجد 310 ملايين قطعة سلاح وهذا يعني 112 قطعة سلاح لكل 100 شخص وهذا العدد هو ضعف العدد الذي كان موجودا في عام 1968، ان عدد قتلى حوادث اطلاق النار في امريكا هو اكبر من عدد كل قتلى الحروب التي شاركت فيها امريكا في تاريخها فحسب تقرير لـ سي ان ان يقتل سنويا في امريكا 31 الف شخص في حوادث اطلاق نار وقد قتل 406 الف شخص في امريكا بين عامي 2001 و2013 في حوادث اطلاق النار فيما قتل في هذه الفترة الزمنية 350 شخصا في هجمات ارهابية ويصبح هذا العدد 3380 قتيلا اذا تم اضافة عدد قتلى هجمات 11 سبتمبر اليه.
وفي عام 2016 الحالي حدث 27390 حادثا لاطلاق النار حتى الان قتل فيها 7088 شخصا وجرح فيها 14607 آخرين وبين القتلى والجرحى 311 طفلا و1439 مراهقا وعلى سبيل المثال قتل 14 امريكا فقط يوم السبت الماضي بحوادث اطلاق النار.
وقد بذل باراك اوباما كباقي الرؤساء الديمقراطيين جهودا كبيرة للحد من بيع الاسلحة بحرية في امريكا لكنهم يواجهون عراقيل الجمهوريين المدعومين من لوبيات صانعي السلاح وهم اقوى اللوبيات في امريكا، وقد نظم الديمقراطيون اعتصاما في الكونغرس قبل اسبوعين لكن الجمهوريين منعوا ايضا سن قانون من اجل منع حمل السلاح.
والقى اوباما خلال فترة رئاسته 15 خطابا حول عمليات القتل الجماعي التي تحدث في امريكا بسبب حرية حيازة الاسلحة في هذا البلد لكن هذه الخطابات لم تكن مجدية فبعد هجومي سان برنادينو واورلاندو اللذين قتلل فيهما 14 شخصا و49 شخصا بالترتيب على يد مهاجمين مسلمين سعى الاعلام الامريكي الى ربط القضية بالاسلام المتطرف لكن اوباما لم ينسب الهجومين الى من يسمون بالمتطرفين الاسلاميين بل ربط القضيتين بحرية حمل السلاح لكن الاعلام الامريكي سخر منه، اما الان وبعد ان اطلق قناصون النار على افراد الشرطة الامريكية هل يستطيع الاعلام الامريكي ان يسخر من كلام اوباما حول ضرورة الحد من حرية حمل السلاح في هذا البلد؟
المصدر / الوقت