العراق في المرحلة الحساسة المقبلة
يمر العراق في مرحلة صعبة فالتفجيرات الارهابية تفتك بالمواطنين ويقال ان ضعف الاجهزة الامنية واختراق بعضها قد زاد الطين بلة، ومن جهة اخرى عاد السيد مقتدى الصدر الاحتجاجات في الشارع ضد الحكومة وفي وقت يواجه هذا البلد تحديات سياسية جمة حيث يتهم كل فريق الآخر بالتنصل عن المسؤولية فيما يقف الشعب مقهورا فهو لم يرى الراحة لا في زمن صدام ولا بعد الغزو الامريكي.
التفجيرات الارهابية
وسع تنظيم داعش الارهابي دائرة جرائمه بعد تحرير الفلوجة واستخدم تقنيات اجرامية جديدة في التفجيرات مع العلم بأن ارهاب داعش لم يقتصر على العراق فقط بل ضرب بنغلادش وتركيا وماليزيا ومنطقة القطيف في السعودية وصولا الى الاعتداء الآثم قرب المسجد النبوي الشريف وهناك من يرد سبب اتساع ارهاب داعش الى شعور هذا التنظيم بالانهيار القريب في الموصل والرقة بعد الفلوجة وسعي داعش الى اللعب باوراقه الاخيرة لتأخير الهجوم المرتقب عليه في الموصل والرقة وفي الحقيقة يريد داعش ان ينتقم من العالم في لحظاته الاخيرة فيوعز الى عناصره ومؤيديه في العالم بتنفيذ عمليات ارهابية اينما كانوا واستطاعوا.
وفي هذه اللحظة العصيبة هناك من يدعو الى مواجهة حقيقية من الآباء الروحيين لداعش اي المدارس والمعاهد التكفيرية الوهابية التي تروج الفكر التكفيري الداعشي، ويقول اصحاب هذا الرأي ان ضرب داعش في الفلوجة والموصل والرقة يعتبر دواء مسكنا فقط بل يجب على العالم ان يصفي حساباته مع رأس الأفعى أي السعودية.
مستقبل داعش في العراق
لن يستمر داعش في العراق كتنظيم لأن عناصره اما يقتلون واما يهربون واما يتوبون ويعودون الى المجتمع السني ولم تجرؤ على الدفاع عن هذا التنظيم حتى تركيا وقطر والسعودية فالشعب العراقي والمجنتمع الدولي عاقدون العزم على دحر داعش من العراق لكن مستقبل هذا التنظيم في سوريا وفي ليبيا يبدو غامضا ويتوقف على كيفية تعامل امريكا والسعودية مع داعش هناك.
ان العراق سيواجه تحديات امنية بعد انتهاء عصر داعش فعلى البعثيين الذين تحالفوا مع داعش ولهم علاقات مع عشائر الفلوجة والموصل وتكريت ان يوضحوا موقفهم من العملية السياسية في البلاد كما يمكن ان يقوم عناصر داعش المختفين باعمال ارهابية خطط لها صدام ونظامه للمرحلة التي تلي حقبتهم، ومن جهة اخرى هناك قوات البيشمركة الكردية التي خرجت من مناطقها وسيطرت على مناطق اخرى بدعم امريكي ولاتريد الانسحاب منها فيما تعارض الحكومة العراقية ذلك ما ينذر بتوتر بين بغداد والاكراد.
ويضاف الى هذا كله التدخلات التركية في الشان العراقي والتدخلات الامريكية والغربية في كردستان لمنع نفوذ ايران والحفاظ على توازن قوى في العراق يخدم مصالحهم كما هناك ايضا قضية ما يسمى بالاقليم السني لأن بعض الاطراف العربية تحرض السنة العراقيين بغية تفتيت العراق الى اقاليم وتضعيف الحكومة المركزية الشيعية فالمتآمرين على العراق هم اصلا من اوجدوا داعش لاصابة العراق المتحالف مع ايران بالشلل والقول بأن الحكومة المركزية في بغداد لاتستطيع ادارة الامور ولذلمك يجب بناء معادلة سياسية جديدة في العراق محورها سلب صلاحيات الحكومة المركزية.
ملف الاصلاحات
لقد اصبحت المطالبة باجراء الاصلاحات مطلبا وطنيا ولم يعد حكرا على الشيعة و السنة والاكراد بل بات المالكي والحكيم ايضا يريدون اصلاحات وفي المناطق الكردية ايضا يطالب الناس البارزاني بالاصلاحات لكن نوع هذه الاصلاحات يختلف عن الاصلاحات التي كان السنة يطالبون بها نوري المالكي والتي ادت الى ايجاد داعش، ان المطالبين بالاصلاحات الان لديهم ملاحظات على العملية السياسية لكن داعش وحامته يحاولون استغلال هذه المطالبات والنفوذ والتغلغل لضرب مصالح كل العراقيين ومن هنا يبدو ان الشعب العراقي واحزابه وبرلمانه وحكومته يتحركون بحذر ويختارون طريق الحوار السياسي من اجل التوصل الى اتفاق وقد رأى الجميع ان الاحتجاجات المطلبية في الشارع لم تؤثر سلبا على تحرير الفلوجة وجبهات القتال ضد الارهاب فالعراقيين باتوا يدركون ان جر المتظاهرين الى المنطقة الخضراء واقتحام البرلمان والمباني الحكومية سيعود بالضرر على العراقيين ويفرح الدواعش.
الحكومة العراقية و واجباتها و قدراتها
يعتبر العراق بلدا غنيا ويمكنه حل مشاكله الاقتصادية بثروته النفطية لكن السعودية خفضت اسعار النفط في العالم للاضرار بروسيا وايران وهذا عاد بالضرر على العراق ايضا ومن جهة اخرى لايقدم صندوق النقد الدولي مساعدة تذكر للعراقيين في وقت يقوم داعش بتدمير المدن التي ينسحب منها فالرمادي مدمرة بنسبة 80 بالمئة على سبيل المثال والحال منطبق على الفلوجة وهناك مخطط مماثل للموصل بغية تشريد ملايين السنة وتحميل عبء كبير على الحكومة لكن العراقيين عاقدين العزم على وقف هذا السيناريو وتكرار النصر على داعش في الموصل.
ان السعودية تخطط الان لمرحلة ما بعد تحرير الموصل وتحركات سفيرها في العراق واضحة للعيان وهناك دول عربية اخرى تسعى على غرار السعودية للتغلغل في العراق بذريعة دعم السنة بعد الحرب على داعش وهذا ما يجب ان ينتبه اليه العراقيون كما يجب على المؤسسات الدولية ان تدعم العراق لاعادة الاعمار ايضا.
ان العراق شهد شهرا من الهدوء السياسي حيث اتفقت الاحزاب والاطراف فيما بينها لاتخاذ خطوات اصلاحية لكن المحكمة الدستورية رفضت هذه الخطوات وعادت الامور الى المربع الاول ومن ثم شكل مئة نائب عراقي من الشيعة والاكراد والسنة وهم خارجون من احزابهم جبهة الاصلاحات ويريدون اصلاح التشكيلة الحكومية وتغيير الرؤساء الثلاث فيما بعد ويشكل النواب الصدريون نواة هذه الحركة وهذا ينذر بدخول العراق فترة عاصفة في الاسابيع المقبلة وهنا من الواجب على الجميع ان يحذروا المخططات الامريكية والسعودية للتغلغل والنفوذ كما يجب على حيدر العبادي ان يوجد توازنا في الحكم ويدير الامور بحكمة حتى لايستطيع اعداء العراق تخريب خطط العراقيين لتحرير الموصل.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق