رويترز: “عقيدة كارتر” إنتهت وعلى أمريكا سحب قواتها من الدول الخليجية
بتاريخ السابع من الشهر الحالي، نشرت رويترز مقالاً للكاتب “جوش كوهين”، تحت عنوان “Commentary: The U.S. commitment to the Persian Gulf is outdated”، وهو ما ترجمته، “تعليق: إن التزام واشنطن تجاه دول الخليج الفارسي، أمرٌ عفا عليه الزمن”. ويتساءل الكاتب في مقاله، عن سبب الدعم الأمريكي المستمر للدول الخليجية، على الرغم من أن أنظمة هذه الدول قمعية وتساهم في نشر التطرف. فيما انتهى الكاتب بالتأكيد على أن “عقيدة كارتر” انتهت ويجب أن يكون الخليج الفارسي مصلحة هامشية لأي إدارة أمريكية جديدة. وهنا نستعرض ما جاء في مقال الكاتب.
“عقيدة كارتر”: 36 عاماً من العلاقة الإستراتيجية
يتساءل الكاتب حول السبب الذي يدفع واشنطن في استمرارها في دعم الدول الخليجية، لا سيما السعودية، على الرغم من مساهمتها بنشر الفكر المُتطرف، وسوء معاملتها للنساء، وحكمها من قبل أنظمة استبدادية. وهو الأمر الذي يقول الكاتب أن يتناقض مع القيم الأمريكية المُدَّعاة.
ثم يعود الكاتب ليقول أن المشكلة تقع، بالسياسة الأمريكية التي تعود لـ 36 عاماً من العلاقة الإستراتيجية بين أمريكا ودول الخليج الفارسي. والتي جاءت نتيجة العقيدة التي رسَّخها كارتر، منذ خطاب الإتحاد عام 1980، والذي تعهد فيه بحماية التدفق الحر للنفط من الدول الخليجية. حينها كان لا بد لواشنطن أن تدافع عن مصالحها ولو بالقوة العسكرية، مما فرض أن تتحالف مع الدول الخليجية. ومنذ ذلك الوقت، باتت عقيدة كارتر، سياسة يرثها الرؤساء الأمريكيون، وصولاً لأوباما الرئيس الحالي، على الرغم من رغبته في إنتشال القوات الأمريكية من حروبها المكلفة في المنطقة، لكن مسألة ضمان حرية تدفق الطاقة من الخليج الفارسي الى العالم، بقيت ضمن الخطوط الحمراء الأمريكية. أما اليوم، وبحسب الكاتب، يجب سحب القوات الأمريكية من الدول الخليجية، لأن الزمن الذي فرض “عقيدة كارتر” تغيَّر.
التواجد الأمريكي في الدول الخليجية والكلفة الباهظة
يتحدث الكاتب عن الأسباب الكامنة وراء سحب القوات الأمريكية من الدول الخليجية. ويقول أنه وقبل كل شيء، فالأمر نابع من الكلفة الباهظة. حيث أن الأميركيين ينفقون ثروة طائلة عبر الضرائب، لإبقاء حوالي 30,000 من القوات الأمريكية، الى جانب العديد من السفن والطائرات ضمن منطقة الخليج الفارسي. ويستدل على ذلك من خلال الإحصاءات التي تتحدث عن أن تكلفة الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليح الفارسي، تبدأ من 50 مليار وتصل حتى 90 مليار دولار سنوياً.
ويقول الكاتب أن الحاجة لهذه الأموال، يزداد. خصوصاً في ظل العديد من المشكلات التي ذكرها، كالدين الإجمالي لواشنطن، وشيخوخة السكان في أمريكا التي تضع تكاليف الخدمات الإجتماعية الداخلية المتعلقة بالضمان الإجتماعي والرعاية الصحية على حافة الخطر. الى جانب الحاجة لتحسين التصنيف العالمي للبنية التحتية لأمريكا والتي تراجعت مؤخراً.
تراجع الحاجة لنفط الدول الخليجية
ثم يتحدث الكاتب عن أن أسواق الطاقة العالمية تغيرت اليوم. حيث أن ذلك بات يصب في مصلحة الطرف الأمريكي. خصوصاً لجهة قدرة واشنطن على التوجه لإستخراج النفط الصخري. مما يعني تراجع الحاجة الأمريكية للنفط من الدول الخليجية، وهو ما أثبتته تقديرات الأعوام الأخيرة، حيث تفوقت أمريكا على السعودية في انتاج النفط منذ عامين، كما أنها وخلال العام 2015، قامت بإستيراد ما نسبته 24% من النفط الذي اعتادت على استيراده. وهو ما يُعتبر أدنى مستوى إستيراد أمريكي منذ عام 1970. كما ويقول الكاتب، أنه من المتوقع أن تستمر الواردات الأمريكية من النفط بالإنخفاض، حتى تصل إلى نسبة 80% بحلول العام 2025. في حين ستختفي هذه الواردات تماماً في السنوات اللاحقة. كما أن الحاجة الأمريكية، على الصعيد الداخلي، توجهت للطاقة البديلة، واستخدام الوقود، حيث يقدر المحللون بأن أمريكا ستصبح قادرة على تحقيق الإكتفاء الذاتي على الصعيد النفطي بحلول عام 2030.
“عقيدة كارتر”: استمرار غير منطقي
ثم يخلص الكاتب للقول، بأن التوصيف الصحيح للأمور على مدى الأعوام الماضية، يجعلنا نقول بأن أمريكا قامت بدعم أمن الطاقة، لأعتى منافسيها الإقتصاديين والجيوسياسيين في القرن الـ21، وهو الأمر غير المنطقي. في حين يجب اعتبار هذا التصرف، بالصفقة الأمريكية السيئة، مستشهداً بكلام دونالد ترامب المرشح الحالي للرئاسة الأمريكية. ثم يقول الكاتب، بأن “عقيدة كارتر” ساهمت في جر واشنطن إلى ثلاث حروب في منطقة الخليج الفارسي. حيث كان أمن النفط أحد أسباب الحروب، وهو ما يعتبره أمراً مبالغاً فيه. لينتهي بالقول أنه على واشنطن تغيير رؤيتها لأهمية منطقة الخليج الفارسي. بل يجب اعتباره مصلحة هامشية وليس حيوية. كما أن أول ما يجب أن يبدأ به الرئيس الأمريكي الجديد عهده، بالقول أن “عقيدة كارتر” لم تعد محور السياسة الأميركية.
يُعبِّر الكاتب عن رأي بدأ يسود منذ سنوات في الداخل الأمريكي. فصحيحٌ أنه رأيٌ قد لا يروق لصناع القرار الأمريكي، بسبب السياسة الأمريكية القائمة على التدخل في شؤون الدول، تحت مُبرر حماية المصالح الأمريكية، لكن كلام الكاتب يُعتبر بالنسبة للكثير من المحللين كلاماً منطقياً يجب أخذه بعين الإعتبار. خصوصاً بعد التغيرات الجارية في المنطقة، على الصعيدين الإقتصادي والسياسي والعسكري.
المصدر / الوقت