التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

ذكرى الإتفاق النووي: عامٌ من الخرق الأمريكي! 

على الرغم من مرور سنةٍ على الإتفاق النووي، فإن الطرف المُتمثِّل بالغرب، ما يزال بعيداً عن تطبيق الإتفاق كما يجب. ففي وقتٍ يمكن القول أن الدول الأوروبية، قامت بتنفيذ جزءٍ كبير من الإتفاق، إلا أن وجودها تحت سلطة الضغط الأمريكي، يمنعها من المضي قُدماً في سياسة الإنفتاح على طهران، والتي ترغب بها ضمناً. في حين يبدو واضحاً أن أمريكا، والتي لم تلتزم حتى الآن بالإتفاق، قامت بخرقه مراتٍ عديدة، وتحاول دوماً المماطلة وإختراع المُبررات، لإعادة الأمور الى ما قبل الإتفاق. وهو ما سنُبيِّنه في هذا المقال.

السلوك الأمريكي والسياسة الناعمة

إن السلوك الأمريكي، لا سيما السياسة الناعمة التي تتبعها واشنطن تجاه إيران، ليس مُستغرباً من قبل المسؤوليين الإيرانيين. والتي أكدت مواقفهم مراراً، أنها لا تنتظر من واشنطن الإلتزام، لأنها وبحسب التجربة، تؤمن بأن أمريكا تًنفذ سياساتها، ومصالحها، دون الأخذ بعين الإعتبار إلتزاماتها تجاه الدول والشعوب. في حين، لا تزال الدول الأوروبية، تعيش أزمة الضغط الأمريكي. فلم تمض فترةٌ قصيرة على توقيع الإتفاق، حتى خرج مساعد وزارة الخارجية الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب، آدم سوبين، بجولةٍ إلى باريس وبرلين، لمناقشتهما بشأن العقوبات الدولية على إيران، ومحاولة تعطيل الصفقات التجارية ذات الطابع الإقتصادي بين الطرفين. وهو ما لحقه الرفض الأمريكي، لطلب وزراء الإقتصاد الأوروبيين، تقديم ضماناتٍ بعدم معاقبة المصارف التي تتعامل مع إيران، الأمر الذي تقوم به واشنطن عمداً لمنع عودة إيران إلى الأسواق العالمية.

أقسام الإتفاق النووي التنفيذية وخروقات واشنطن

يمكن تقسيم الإتفاق النووي الى ثلاثة أقسام تطبيقية. القسم الأول، وهو التزام إيران بتعهداتها في الإتفاق النووي، وهي المرحلة التي أدتها إيران وقد أُنجزت. القسم الثاني، وهو يتعلق بالإعتراف من قبل المفاوضين بسلمية النشاطات النووية الإيرانية، وهو الأمر الذي ساده مماطلة بسبب الضغط الأمريكي، وصولاً الى الإعتراف أخيراً بحق إيران وسلمية مشروعها. الأمر الذي أثمره صلابة الموقف الإيراني. أما فيما يتعلق بالقسم الأخير، فهو إلغاء الحظر عن إيران. وهو ما لم يحصل كما يجب، على الرغم من أن طهران صدقت بإلتزاماتها، فإن الطرف الغربي، إلتزم بشكلٍ كبير بالإتفاق. فيما لم يلتزم الطرف الأمريكي إلا بنسبة قليلة. وهنا نُشير للعددٍ من الدلائل:

– خلال شهر كانون الأول من العام 2015، وافق الكونغرس الأمريكي على قانون يفرض قيوداً على حق السفر دون تأشيرات دخول، للأشخاص الذين زاروا إيران، أو يحملون الجنسية الإيرانية مع جنسية أخرى. وهو الأمر الذي اعتبرته وزارة الخارجية الإيرانية انتهاكاً للاتفاق. في حين برَّر المسؤولون الأمريكيون ذلك، بأنه تحرك لمكافحة الإرهاب.

– في نهاية شهر آذار 2016، دعت أمريكا الدول الغربية و تحديداً بريطانيا فرنسا وألمانيا، مجلس الأمن الدولي إلى الإجتماع، لبحث التجارب الإيرانية الأخيرة على الصواريخ البالستية. حيث اعتبروا تجارب إيران، إنتهاكاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2231 الصادرة بموجب الإتفاق النووي. وهو الأمر الذي لقي رفضاً من قبل الجانب الإيراني، كون التجارب تتعلق ببرنامج إيران العسكري الدفاعي وأمنها القومي. فيما الصواريخ لا تحمل رؤوساً نووية كما إدعت واشنطن.

– خلال شهر نيسان 2016، قضت المحكمة الأميركية العليا، وهي محكمة محلية، بحجز مبلغ ملياري دولار من الأموال الإيرانية المُجمدة في أمريكا، وذلك كتعويض لعائلات ضحايا هجمات تشرين الأول من عام 1983، والتي ضربت الكتيبتين الأمريكية والفرنسية في بيروت. وفي حين تُلقي واشنطن مسؤولية ذلك على طهران، لا تمتلك أي دليلٍ يُثبت ذلك. وهو الأمر الذي دعا لإستهجان المسؤولين الإيرانيين، الى جانب عددٍ من الحقوقيين في العالم. فيما يُعتبر السلوك الأمريكي، سرقةً علنية لأموال الشعب الإيراني، وخرقاً للإتفاق النووي.

– خلال شهر أيار 2016، خرج أدم سزوبين مساعد وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الإرهاب، بتصريحٍ مفاده أنه على الرغم من أن واشنطن رفعت كافة العقوبات المتعلقة بالنشاط النووى المفروضة على إيران، وذلك بحسب ما تم التعهد به فى الإتفاق النووى مع إيران. لكن ذلك لم يغير من سياسة الحظر الأمريكى الرئيسى المفروض على الجمهورية الإسلامية .وقال أدام سزوبين علناً، بأن أمريكا ستواصل منعها إجراء التعاملات التجارية والمالية مع أغلب الشخصيات والشركات الإيرانية، كما ستمنع الأمريكيين من الإستثمار والتجارة فى إيران، وستستمر بسياسة منع استيراد أو تصدير البضائع أو الخدمات من وإلى إيران.

– خلال شهر تموز من العام الحالي 2016، صوَّت الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي، على قرار منع بيع الطائرات المدنية من شركة بوينغ الأمريكية إلى إيران. وذلك تحت ادعاءاتٍ تتمثل بأن تسليم مثل هذا النوع من الطائرات إلى إيران، سيمكنها من تحويل الطائرات لأغراض عسكرية. وهو الأمر الذي يُظهر حجم النفاق الأمريكي، حيث أن شركة الطيران الإيرانية “إيران اير” كانت أعلنت في وقتٍ سابق، أنها حصلت على موافقة واشنطن لإبرام صفقة شراء 100 طائرة بوينغ بقيمة 17 مليار دولار.

إذن، يبدو واضحاً أن المصلحة هي معيار واشنطن في التعاطي فيما يخص سياستها الدولية. وهو الأمر الذي ينطبق على تطبيق الإتفاق النووي. فيما نقول أنه وفي الذكرى السنوية لتوقيع الإتفاق النووي، يمكن ملاحظة حجم الخرق الأمريكي للإتفاق.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق