من القضاء الفرنسي الى هولاند: مُنفِّذ هجوم نيس مُجرمٌ بعيدٌ عن الإسلام
كما في كل مرة، وبعد كل عملٍ إرهابي، يخرج الغرب ليطرح مفهوماً جديداً، لا ينطبق على الواقع الحقيقي. وهو ما يمكن أن تتصف به تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والذي خرج ليتحدث عن التهديد الذي تعيشه فرنسا من قبل ما أسماه “الإرهاب الإسلامي”. الأمر الذي لقي حملةً من الإعتراضات، في العالم الإسلامي الذي كان أول من أدان الهجمات الإرهابية التي تعيشها أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً. فيما أظهرت الحقائق، أن مُنفِّذ هجوم نيس، هو مجرمٍ سابق، بعيدٌ عن الإسلام. فماذا في تصريحات الرئيس الفرنسي؟ وكيف أنها تُساهم في تأجيج مشكلة الإرهاب؟
تصريح هولاند
أشار هولاند في تصريحه الى أنه لا يمكن إنكار “الطابع الإرهابي” لعملية الدهس التي تمت في مدينة نيس جنوبي البلاد معتبراً أن فرنسا كلها تقع تحت ما وصفه بـ”تهديد الإرهاب الإسلامي”. وهو الأمر الذي ولد مخاوف كبيرة لدى الجالية المسلمة في فرنسا، خوفاً من تعرضهم لاعتداءاتٍ عُنصرية، خاصة أن هذا الخطاب جاء من المسؤول الأول للبلاد بعدما كان حكراً على اليمين الفرنسي المتطرف.
إدانة إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا لهجوم نيس
كان إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا أول من أدان هجوم نيس، الذي أودى بحياة عشرات الفرنسيين. ودعا الإتحاد في بيانٍ نُشر على صفحته على “فيسبوك”، إلى الوحدة الوطنية، مقدماً تعازيه ومواساته لعائلات ضحايا الهجوم وأقاربهم.
ردات الفعل على خطاب هولاند
على الرغم من خروج وزارة الخارجية الفرنسية لتبرير أو توضيح ما قاله الرئيس الفرنسي، إلا أن كلامه غير المسؤول، لقي ردة فعلٍ رافضة واسعة، شغلت وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي. حيث طالب العديد من الدعاة والكتاب والسياسيين، الرئيس الفرنسي بالإعتذار عمَّا اعتبروه إساءة للإسلام والمسلمين، على قوله “الإرهاب الإسلامي”. فيما وصف البعض كلامه، بالعنصرية، والظلم والتسرُّع، وهي الأمور التي سقط فيها هولاند، خصوصاً أن هذه الأعمال لا تُمثِّل الإسلام والمسلمين.
أهداف التصريح الفرنسي
إن أهم ما يمكن أن نصل إليه هو السبب وراء تصريحات الرئيس الفرنسي. وهو ما يمكن توضيحه بالتالي:
محاولة فاشلة من قِبل الرئيس الفرنسي، لتبرير ضعف الجهاز الأمني الفرنسي عبر إطلاق هكذا تصريحات، قد تُغطي على أسباب الخرق الأساسية.
محاولة يتم السعي لها، لإدخال مُصطلح “الإرهاب الإسلامي” الى أدبيات التخاطب السياسي في الغرب، وإظهاره كأنه يتمتع بطابع مؤسساتي، يهدف لجعل الغرب يخاف الإسلام والمسلمين. وهو ما ينعكس بشكلٍ سلبي على الصعيد السياسي والإجتماعي في الغرب.
التوصيف الدقيق للحدث
إن إدعاءات هولاند ومن خَلفه الغرب، تسقط في بحرٍ من الحقائق يجب معرفة تفاصيله. وهو ما نُشير له بالتالي:
– إن كل الإرهابيين الذين قاموا بالعمليات الإرهابية في أوروبا عموماً، يحملون الجنسية الأوروبية. كما أن من قاموا بالإعتداءات في فرنسا، يحملون الجنسية الفرنسية.
– إن السبب الحقيقي لما يجري اليوم، هو أن الدعم الغربي للإرهاب وتصديره لمنطقة الشرق الأوسط بهدف إيجاد عامل من اللاإستقرار خدمةً للمصالح الأمريكية، أصبح بحد ذاته سبباً للخطر الذي يُهدد الغرب.
– لقد كان الغرب سبباً في إيجاد تنظيم داعش الإرهابي، ولم يكن الإسلام أو أي طرف من المسلمين.
– إن تهديدات الإرهاب، تطال المسلمين والإسلام، قبل الغرب، على الصعيدين السياسي والأيديولوجي. وهو ما تبيِّنه أحداث المنطقة عموماً، والتي كانت هدفاً للإرهاب.
– إن ما تقوم به داعش يتم إدانته دوماً، من قبل الدول الإسلامية كافة. وهو ما يجب أن يراه هولاند بموضوعية. حيث أن أهم ما يُثبت فشل إدعاءاته، هو أن كافة الدول الإسلامية أدانت هذه الإعتداءات من خلال موقفٍ مُوحَّد يرى في الإرهاب عدواً للإنسانية وكافة الأديان.
– إن الحقائق التي أوضحتها الصحف الغربية وتحديداً البريطانية والفرنسية، تدُّل على أن هولاند، تسرَّع في الحكم. بل قام بتوجيه حكمٍ عُنصري، لا يتطابق مع المعايير خطاب السياسية الدولية، الذي يُطلقه أي رئيس دولةٍ الى العالم.
الدلالات بلسان الغرب
– بحسب الديلي ميل البريطانية، فإن محمد الحويج بوهلال منفذ هجوم نيس بفرنسا، كان يشرب الخمر ويتناول لحم الخنزير ويتعاطى المخدرات. ولم يكن سلوكه يرتبط بالإسلام، ومحكومٌ بقضايا مدنية.
– أشار ابن عم محمد بوهلال منفذ هجوم نيس، لوسائل الإعلام الى أن مُنفذ الهجوم، هو أب لـ 3 أطفال، ولا يتمتع بأي سلوك ديني يرتبط بالإسلام، حيث أنه لا يصلي ولا يصوم. وكان يعمل سائقاً وسبق أن اعتدى بالضرب على زوجته وانفصل عنها قبل نحو سنتين، مشيراً الى انه كان لديه قناعات للعنف المنزلي. وهو سبق أن اتهم بسرقة وحيازة السلاح من قبل السلطات الفرنسية، في أذار المنصرم، بعد مشكلة شجارٍ حصلت في حانة، خلال شهر كانون الثاني بداية العام. كما أنه خسر وظيفته، بعد صدور الحكم القضائي بحقه، والذي تضمَّن أيضاً تجريده من رخصة القيادة بعد أن سقط نائماً على عجلة القيادة واصطدم بـ 4 سيارات في حادثٍ سابق.
لا شك أن الدلائل والحقائق، تجعلنا نقف عند ضرورة إدانة موقف هولاند، كما تمت إدانة العمل الإرهابي. فالتغطية على حقائق الأحداث، لا تخدم معالجة الحدث. فيما يمكن إجابة هولاند، بما يمتلكه القضاء الفرنسي، وليس نحن. وهو أن مُنفِّذ هجوم نيس مُجرمٍ بعيدٌ عن الإسلام.
المصدر / الوقت