ماذا استفاد أردوغان من فشل الإنقلاب ضده؟
إن محاولة الإنقلاب التي حدثت في تركيا وفشلها بأقل من أربع ساعات سيكون له ارتدادات وتداعيات كثيرة في الأيام القليلة القادمة على الساحتين الإقليمية والتركية، ولكن ما الذي سيحدث للسلطة التي يمثلها أردوغان وما المكاسب من هكذا ضربة عصفت بالإستقرار والأمن التركي لساعات وارتداداتها ربما لأيام أو أشهر حتى؟ وهل هناك مكاسب أساساً لأردوغان وما يمثله في السلطة؟
سيُحكِم أردوغان يده على السلطة باعتباره سيظهر كالمنقذ للبلاد من الفتنة التي كانت تتهددها بمحاولة الإنقلابيين زعزعة أمن واستقرار تركيا والإنجرار إلى ازمات طويلة الأمد كما حصل في المحيط العربي بما يسمى بربيع عربي وثورات وغيرها وبذلك سيصبح أردوغان أقوى من ذي قبل، كما سيساعده إثبات قدرته في السيطرة على زمام الامور داخل الجيش أيضاً اذ بات يمتلك ولاء عدد من الضباط الذي رعاهم طوال فترة حكمه و هذا أمر سيزيد من قدرته على التحكم و الترهيب بما أثبته ضباطه البارحة.
أردوغان ظهر بأنه يمثل الديمقراطية بوجه الحكم العسكري المتسلط، وهو وصف لم يكن يحظى به قبل الإنقلاب بسبب بعض الممارسات القمعية بحق الصحفيين والشعب على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.. الأمر الذي أضعف صورة أردوغان الديمقراطية اذا صح القول.
ستزداد شعبية أردوغان بين عوام الشعب بسبب الممارسات غير المدروسة والخاطئة التي قام بها الإنقلابيون باستهداف مدنيين بانفجارات وقصف جوي وغيره من الإجراءات بحق الشعب والبنى التحتية التي أظهرتهم كحكم عسكري همجي قادم.
بات أردوغان طليق اليدين ومبرراً له أن يهاجم من يشاء بعد هذا الإنقلاب إن كان بسياساته الخارجية او بأي خطوات داخلية أخرى وذلك بحجج عديدة أهمها الحفاظ على أمن واستقرار البلاد بمواجهة الإنقلابيين وارتدادات ما فعلوه.
بات بإمكان أردوغان القيام بحركة تغييرية كبيرة وجريئة جداً في قيادات الجيش وحتى أصغر جنوده ولديه كل المبررات بفعل ذلك، وبهذه الخطوة سيكون قضى على الخطر الأكبر والوحيد المتبقي القادر على أن يتهدد حكمه مستقبلاً أو حتى من قد يخلفه من التيار الإخواني نفسه.
التقليل من النفوذ الأمريكي في تركيا اذ أن الجيش التركي معروف بعقيدته الامريكية فهو مُدرب ومُسلح ومُعد أمريكياً ولدى أمريكا أكثر من 2000 جندي وقواعد عسكرية وجوية وحتى رؤوس نووية في تركيا تحت سلطة هذا الجيش التركي المضمون الولاء لأمريكا، فبتضعيف الجيش وتطهير قياداته سيضعف النفوذ الأمريكي ضد أردوغان في تركيا.
من ناحية أخرى إن حلم أردوغان بتحويل النظام إلى رئاسي بات أقرب إلى الواقع وارتفعت أسهمه بإعتباره يمثل الشرعية في زمن هناك من يريد الغدر بهذه الشرعية “المنتخبة من الشعب نفسه” وأي شيء يقوي هذه الشرعية سيكون موضع ترحيب في ظروف حساسة كهذه، وهذا ما يسوق له اردوغان في مشروعه نحو “النظام الرئاسي”.
إحياء آمال أردوغان الإخوانية في المنطقة بعد فشل ذريع في دول عدة من تجربة مصر إلى تونس إلى غزة وغيرها، وبات لحركتهم التركية حاضنة شعبية ذات طاقات غير اعتيادية في زمن الثورات والمتجلية بإسقاط محاولة إنقلاب عسكري!
يجدر الإلتفات إلى انه بات لتركيا حجة أكبر في مطالبها بتسليم معارضيها في دول الخارج كـ”غولان” من أمريكا باعتباره المتهم الأساسي بالإنقلاب وهذا يعدّ تصفية لخصوم أردوغان السياسيين، الأمر الذي سيريحه في خطواته على الساحات الأخرى أي بمواجهة الأكراد في الداخل مثلاً.
فهل الحديث عن مسرحية مطبوخة سلفاً حقيقي باعتبار اردوغان مستفيداً مما حصل؟ أم أن الإنقلاب كان واقعياً وجدياً إلا أن من قاموا به أقدموا على خطوات ناقصة عديدة أدت إلى فشلهم هذا؟ والجدير بالذكر هنا أن بعض الآراء التحليلية تقول بأن الفائدة التي ستعود على أردوغان وسلطته من جرّاء هذا الإنقلاب هي آنية واذا ما تمادى في خطواته سيظهر بشكل المنتقم الديكتاتوري امام شعبه، وهي وجهة نظر منطقية وعملانية يجب الالتفات لها.
محمد حسن قاسم
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق