أهوار العراق في لائحة التراث العالمي
عبدالرضا الساعدي
أخيرا تحقق مشروع الحلم العراقي الجميل بموافقة لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو المنعقدة في إسطنبول في اجتماعها الـ40، ضم ثلاث مدن قديمة وأربعة من الأهوار العراقية إلى سجل لائحة التراث العالمي.
مساحات سحرية وطبيعية للحياة ترسمها ألوان وروائح المياه والبردي والطحالب والأسماك وكذلك الطيور النادرة المهاجرة من سيبيريا وأفريقيا ، ومن خلال ذلك تنزلق الأشياء الرائعة :الزوارق الرشيقة المتنوعة ، والعبق السومري العريق بامتداده الحضاري البعيد والعميق عمق التاريخ ، مساحات أيضا للناس البسطاء الكرام المعطائين ممن رسخت جذورهم في الحب لهذه البيئة الساحرة ، والتضحية من أجلها والصبر الجميل على ما تحملوه ورأوه من ظلم وحيف طيلة عقود من الزمن الدكتاتوري القحط.
تمثل هذه اللوحة المائية الفريدة ( الأهوار ) ما نسبته 43 بالمئة من مساحة مناطق جنوب العراق تقريبا ، وهي تمثل أكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط وغربي آسيا، ولكنها تعرضت لأكبر عملية تجفيف في التاريخ على يد الطاغية السابق ، واليوم تعود ببشارة الاهتمام العالمي كي تنظم إلى المواقع الوطنية الأخرى المدرجة في لائحة التراث العالمي وهي : آشور والحضر وقلعة أربيل وأور وأريدو والوركاء ، وهو إنجاز مهم للعراق أولا ولأهلنا في الجنوب الذين انتظروا بفارغ الصبر أن يعاد الاعتبار لجنتهم على الأرض ويلتفت العالم إلى هذا الأثر المائي السحري والمنسي الذي أريد له أن يُطمر بفعل العقلية الحاكمة التي أرادت أن تحارب حتى الطبيعة وتغير من شكلها ولونها ورائحتها ، لكن الله عز وجل كان قريبا من آمال ودعاء الناس الكرام هناك ، وكانت الطبيعة أيضا عنيدة وراسخة بالإيمان والحياة وحب البقاء مع أهلها مع مرور الزمن.
مناطق الأهوار التي يعتقد أنها موقع جنة عدن كما ورد في الكتب المقدسة ، هي المكان الذي ولدت فيه أولى الحضارات بالعالم وأعظمها ، إنها حضارة السومريين و تمتد في جنوب العراق على شكل مثلت بين مدن العمارة بمحافظة ميسان والناصرية والبصرة ،وهي حاضنة شريانين عظيمين هما دجلة والفرات ، وتقدر مساحتها بنحو 20 ألف كم مربع وتعتبر عنصرا مهما من عناصر توازن البيئة في هذه المحافظات.
الحلم العراقي في جنة الأهوار سيعود بالفائدة مستقبلا على البلد عموما وعلى أهل المنطقة سياحيا واقتصاديا ، فيما لو أحسنت المؤسسات الحكومية عملية استثمار هذا القرار الأخير استثمارا علميا ومهنيا بعيدا عن مخالب الفساد والمحاصصة ، ولتكن مثل هذه الاستثمارات المستقبلية البديل أو الرافد المكمل للنفط ، والثروة القادمة التي يمكن من خلالها اغناء الروافد المادية والاقتصادية والإنسانية للعراق.