الشعب الفلسطيني؟ وما الذي يجنيه؟
منذ اختلاق الكيان الاسرائيلي واحتلاله الاراضي الفلسطينية الى يومنا هذا، ويعمل الكيان على مخطط إحداث شرخ بين ابناء الشعب الفلسطيني، ووفق الرؤية الاسرائيلية فإن هذا المخطط تزداد الحاجة اليه اليوم، فحركة المقاومة في غزة اشتدت قوتها، وانتفاضة القدس لا تشبه اي من الانتفاضات السابقة، سواء بالأسس التي قامت عليها، او الأسلوب الذي تعتمده، ولأن الاسرائيلي اعلن بوضوح فشله في قمع الانتفاضة، وقلقه الكبير من مستقبلها، خاصة وأنها شعبية بإمتياز، وبالتالي يصعب مواجهتها، عليه فإن المخطط الاسرائيلي بإحداث الفتنة بين الشعب الفلسطيني والذي كان قائماً لا شك سيصبح الخيار الامثل له. فما هي الاساليب المعتمدة والمكاسب المجنية؟
كيف يعمل الاسرائيلي على تفكيك وحدة الشعب الفلسطيني؟
اولاً: لتفكيك وحدة الشعب الفلسطيني، يلجأ الكيان الاسرائيلي المحتل بالدرجة الأولى للعب على وترين أساسين، الأول الترويج لعملية السلام، وأن الحل للقضية الفلسطينية يكمن في سلام بين الشعب الفلسطيني والكيان الاسرائيلي المحتل لأرضه، وأن المقاومة والمواجهة لمشروع الاحتلال هو خيار فاشل لن يؤدي الى أي نتيجة، ولترويج هذا الفكر، تستفيد من عناصرها التي دعمتهم وأوصلتهم الى منافذ القرار السياسي في ما يسمى بالسلطة الفلسطينية.
في الجانب الآخر، فإن خيار الشعب الفلسطيني هو المقاومة والمواجهة، لأن القناعة لديه امر حاسم بأن الكيان الاسرائيلي المختلق هو محتل لأرضه، ولا سبيل لإخراجه الا بالمقاومة، وما انتفاضة القدس الى دليل واضح عليه، ومن هنا يلجأ الكيان الى ممارسة أعماله العدوانية على الشعب الفلسطيني من خلال القتل والتدمير، الى نهب الارزاق وجرف الاراضي وإحكام الحصار عليه، هذه الآلية وفق الرؤية الاسرائيلية كفيلة لكي تجر الامور الى صراع داخلي بين قوتين، قوة خيار المقاومة واسترجاع الارض من جهة، وقوة اصحاب السلطة والنفوذ السياسي من جهة أخرى، وإن كان قوة اصحاب النفوذ السلطوي قليلوا العدد الا ان الدعم الذي يتلقوه من الجانب الاسرائيلي كفيل لإحداث توازن بوجه القوة الشعبية.
ثانياً: يعمل الجانب الاسرائيلي على إجراء اتفاقيات أمنية بشكل متتالي بينه وعناصره في السلطة الفلسطينية، هذه الاتفاقيات الامنية والتي تقضي بمضمونها التضييق على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة ومنح الحق للكيان الاسرائيلي بالمضي في اجراءاته العدوانية الاحتلالية تحت عنوان حق الدفاع عن النفس، فاتفاقية اوسلو مثلاً نصت على انه من مهام السلطة الفلسطينية المحافظة على أمن الإسرائيليين حتى ولو كان ذلك على حساب وحدة الفلسطينيين الداخلية.
وفي اتفاقية طابا التي تم توقيعها في العام 1995، التزمت العناصر فيما يسمى بالسلطة الفلسطينية تأكيدها على الالتزامات الأمنية الملقاة على كاهلها، حيث جاء في الفقرة (ب) من البند الأول للاتفاقية، “أن تعمل الشرطة الفلسطينية على نحو منظم ضد جميع أشكال المقاومة”، ونصت الفقرة (د) من ذات الاتفاقية “أن تقوم الشرطة الفلسطينية باعتقال ومحاكمة الأفراد المشتبه بقيامهم بأعمال مقاومة”.
وفي وقت لاحق، ابرمت اتفاقية ما يسمى بخارطة الطريق، والتي تضمنت نصوصا واضحة لا يمكن بحال من الأحوال في ظلها أن تكون هناك وحدة وطنية داخلية، إذ أن من ضمن ما تدعو إليه الاتفاقية، أن تصدر القيادة الفلسطينية بيانا جليا لا لبس فيه يؤكد حق الكيان في الوجود بسلام وأمان على الاراضي التي احتلها، وأن تتوقف جميع المؤسسات الفلسطينية الرسمية عن الدعوة الى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.
ماذا يجني كيان الإحتلال الاسرائيلي؟
اولاً: لا شك ان إحداث شقاق بين الفلسطينين من شأنه ان يضعف قدرة المقاومة وامكاناتها، ويشتت جهودها، وهو ما فيه النفع الكامل للكيان الاسرائيلي المحتل، وبالتالي يعزز امكانيتها في تنفيذ المخطط المطلوب منه ليس فقط على الاراضي الفلسطينية، بل المنطقة العربية والاسلامية برمتها، وهو مخطط تدميرها والقضاء على مقومات القوة فيها.
ثانياً: وجود تشقق داخلي فلسطيني من شأنه ان يخفف من ضغط المجتمع الدولي ومن وراءه الرأي العام الشعبي والاعلامي بإعطاء الحق ولو ادناه للشعب الفلسطيني، وان كان الهدف هو القضاء على هذا الكيان وازلته، الا ان مطالب غربية شعبية واعلامية واكاديمية ومؤسسات غير حكومية موجودة تطالب الكيان الاسرائيلي بالكف ولو بالحد الأدني عن جرائمه اتجاه الشعب الفلسطيني. ولأن الكيان الاسرائيلي تركيبته تتنافى والضغوط الدولية ولو بحدها الأدني، فإن خيار احداث شرخ فلسطيني داخلي يحقق الهدف، ومن جهة أخرى يعطيها الحجة الدولية بالإستمرار بأعمالها العدوانية والاحتلالية.
المصدر / الوقت