أمريكا وفرض التدخل العسكري في معركة الموصل: المساعي، التحديات والتوقعات
تسعى واشنطن لفرض التدخل العسكري في العراق، من خلال حشد الغرب للمشاركة عسكرياً معها. فيما يبدو أن الواقع العراقي اليوم، يختلف عن وقت تدخلت أمريكا سابقاً. فالرأي العام العراقي، معارض لذلك. وهو الأمر الذي يعني وجود العديد من المخاطر والتحديات التي تواجه الخيار الأمريكي. فكيف تسعى أمريكا لفرض التدخل؟ وما هي التحديات التي تواجه واشنطن؟ وماذا في التوقعات؟
السعي أمريكي والغربي ومؤتمر واشنطن
أكد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لو فول منذ يومين، أن فرنسا وأمريكا تعدان لهجوم منسق ضد تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الموصل شمالي العراق. فيما كانت فرنسا قد أعلنت أنها ستقوم بالرد على الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها، بدور أكبر في محاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق سوريا. وكان وزير الدفاع الامريكي آشتون كارتر، أكد أن القوات الأمريكية الجديدة التي تريد واشنطن إرسالها، ستُعزز قدرات العراقيين في عملية تحرير الموصل.
من جهةٍ أخرى، أعلن مؤتمر واشنطن، في بيانه الختامي، توفيره لمتطلبات العراق من التمويل على المدى القريب في عددٍ من الحاجات الأساسية. والمؤتمر الذي عُقد جمع وزراء الخارجية والدفاع من 40 دولة عضو في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي في العاصمة الأمريكية واشنطن. فيما أشار بيان صادر من وزارة الخارجية الأمريكية عن أن الدول الراعية للمؤتمر، ستوفر أكثر ملياري دولار أمريكي جديدة تم منحها للشعب العراقي، رداً على حملات داعش الإستبدادية التي أدت الى معاناة الشعب العراقي، والمساعدة في معالجة الأوضاع الصعبة والسعي لخلق ظروف تسمح بالعودة الآمنة والطوعية للنازحين الى مناطقهم في أقرب وقت ممكن.
أمريكا بين المساعي والتحضيرات لتحرير الموصل
تسعى واشنطن لإنجاز عملية تحرير الموصل قبل موعد الإنتخابات الأمريكية. فيما خرج محللون ليتحدثوا عن أن وكالة الإستخبارات الأمريكية، بدأت تستخدم العمليات الإرهابية، في سياساتها التنفيذية، من أجل دفع الدول للتدخل الى جانب واشنطن عسكرياً، في حربها المدَّعاة ضد الإرهاب في سوريا والعراق. وهو ما قد ينطبق على أحداث فرنسا الأخيرة. فكيف سعت أمريكا للتحضير من أجل معركة الموصل؟
– تحاول واشنطن حشد الدعم العراقي، خصوصاً بعد أن شعرت بأن فكرة تدخلها باتت غير مقبولة لدى الرأي العام في العراق اليوم. وذلك من خلال زيادة العمل الميداني والمعلوماتي لها في العراق، وتنظيم إجتماعات عمل مشتركة تحت عناوين إستشارية مع العشائر بهدف تشكيل وتقوية ما تُسميه واشنطن “الحشد السني”. وهو ما يخالف توجهات العراقيين الساعين للعمل بشكل جماعي.
– القيام بتوقيع إتفاق أمني مع قوات البيشمركة، وتقديم المساعدة الأمنية والمالية والإستخباراتية لـ 50 ألف عنصر من قوات البيشمركة. وذلك بهدف جعلها تحت وصاية الطرف الأمريكي.
– الحضور في قاعدة القيارة ومحاولة كسب الدعم العراقي الرسمي لتحرير هذه المنطقة. وهو ما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي خلال زيارته الأخيرة للعراق، من أن القوات الأمريكية تنوي استخدام هذه القاعدة للمشاركة بالعمليات العسكرية. مما يطرح العديد من التساؤلات حول أهداف واشنطن الحقيقية من السيطرة على هذه القاعدة، والتي تتمتع بموقع جيوعسكري مهم!
– القيام بحشد التعاون الغربي لا سيما التعاون الفرنسي. وهو ما يؤكده الإعلان الرسمي من قبل فرنسا عن الإستعداد للمشاركة في عمليات الموصل.
– القيام بعقد مؤتمر واشنطن، والذي ضم ممثلين عن 40 دولة أعضاء في التحالف الدولي الذي أسسته أمريكا تحت حجة القضاء على الإرهاب، والذي ادعى السعي لدعم العراق، مالياً ومساعدته في حربه على الإرهاب.
المساعي الأمريكية وخطر التحديات المتوقعة
تريد واشنطن وعبر التركيز على الحملات الجوية وسعيها لكسب التعاون الكردي والسني، تحرير الموصل قبل الإنتخابات الأمريكية. وهو ما يجعل أمريكا تواجه تحديات خطيرة وهي:
أولاً: على الصعيد الرسمي، تصر الحكومة العراقية على أن يكون تحرير أي منطقة عراقية من قبل القوات العراقية واللجان الشعبية وتحديداً الحشد الشعبي، وليس من قبل أي قوات خارجية. وذلك بعد أن أثبتت هذه السياسة نجاحها في تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية والإجتماعية التي تخدم المصلحة العراقية.
ثانيا: على الصعيد الشعبي، ما يزال العراقيون يحفظون في أذهانهم، تجربة الرمادي ومناطق أخرى في العراق، والتي تدخَّل فيها الأمريكيون وكانت النتيجة دماراً وخسارة كبيرة في أرواح المدنيين. مما أدى لمعاناة كبيرة لدى الشعب، لا سيما العشائر في مناطقها. مما يجعل الأرضية الشعبية في العراق، رافضة للتدخل الأمريكي.
النتائج المترتبة على الوجود العسكري الأمريكي
إن المساعي الأمريكية، تسعى لدور لا يتَّفق مع طبيعة الواقع العراقي الحالي. حيث أن أمريكا تكلفت 1000 مليار دولار خلال حضورها العسكري في العراق، وانسحبت دون تحقيق أي نتائج. وهو ما يعني أن قيام القوات الغربية والأمريكية بالتدخل في العراق اليوم، سيشكل ركيزة للمعارضين لذلك، من أجل تشكل قوات عسكرية شعبية، تحارب الى جانب القوات العراقية الرسمية، هذا التواجد، وتضرب الوجود العسكري الأمريكي. خصوصاً أن هذا الأمر بات غير مقبول من قبل الرأي العام العراقي. مما يجعل ذلك نتيجة حتمية. وهو ما أعلنته سرايا السلام التي هددت رسمياً القوات الأمريكية، وأكده خطاب السيد مقتدى الصدر، والذي أعلن أن القوات الأمريكية ستكون هدف السرايا. فيما تؤكد التجربة إمكانية حصول ذلك، لا سيما بعد أن وجَّه جيش المهدي والذي يُعتبر نواة سرايا السلام، عدة ضربات موجعة للأمريكيين في السابق.
يسير الأمريكيون في مخططهم، بناءاً لمصالحهم، تحت عناوين برَّاقة لم تعد تنطلي على الشعب العراقي. فيما يتساءل الكثيرون عن المساعي الأمريكية، خصوصاً بعد أن أثبت العراق قدرته على محاربة الإرهاب دون الحاجة للخارج. في وقتٍ يبدو واضحاً فيه أن جميع المساعي الأمريكية، لا تصب في مصلحة العراقيين، بل تهدف لتقسيم وإعادة إضعاف العراق.
المصدر / الوقت