قمة التباينات العربية تنطلق في نواكشوط وسط تشاؤم من تحقيق اي جديد
وكالات – سياسة – الرأي –
رسو سفينة القمة العربية في العاصمة الموريتانية- نواكشوط، للمرة الأولى منذ تأسيس الجامعة، لا يخرج الحالة الرسمية العربية من مأزق الانقسامات الحادة، ومن غير المنتظر أن يخرج المشاركون في القمة بقرارات على مستوى التحديات التي تفرض نفسها على طاولة البحث.
وتنطلق اعمال القمة اليوم الاثنين بنسختها السابعة والعشرين، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، إلا أنه، وعلى غير ما جرت عليه العادة على مشارف القمم الماضية، تغيب أخبار القمة عن نشرات أخبار المحطات الفضائية الإخبارية العربية المهمة، وعن مانشيتات الصفحات الأولى للصحف، وحتى أنها بالكاد تذكر في التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا حتى بالنقد الساخر كما وقع مع قمم عربية سابقة، فالحدث التركي مازال يحتل الصدارة في نشرات أخبار قناة “الجزيرة”، بينما يحل الخبر العراقي أو اليمني أولاً في نشرات أخبار قناة “العربية”، ولا تختلف أولويات التغطية في القنوات الأخرى الأقل انتشاراً من القناتين المذكورتين.
وغاب غالبية قادة الدول العربية عن القمة في طليعتهم الملك السعودي، والملك الأردني، والملك المغربي، وملك البحرين، ورؤساء كل من الجزائر، ومصر، وتونس، والسلطة الفلسطينية، والعراق، ودولة الإمارات. لتقتصر قائمة الحضور ضمن المستوى الأول على أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت صباح الأحمد الصباح، ورؤساء السودان والصومال وجزر القمر وجيبوتي، فضلاً عن رئيس تشاد، إدريس ديبي، الذي تلقى دعوة خاصة من نظيره الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز لحضور القمة.
ولا يتعلق التضارب فقط بمن سيحضر ومن سيغيب وبمستوى التمثيل، بل أيضاً بالقرارات التي من الممكن أن تصدر عن القمة، لاسيما في ظل وجود خلافات مستفحلة حول معظم الملفات المطروحة على جدول أعمال القمة، وأهمها الأزمات في سورية واليمن والعراق وليبيا، والعلاقة مع كل من إيران وتركيا، بالإضافة إلى ملف مكافحة الإرهاب والتطرف، وتشكيل قوة عربية مشتركة، ناهيك عن القضية الفلسطينية، التي باتت الحاضر- الغائب في القمم العربية منذ سنوات بعيدة، إذ يتم التعامل معها بقرارات تضامنية روتينية يتم تناسيها قبل أن يجف حبرها.
وهناك تضارب بخصوص ملف الأزمة السورية، مما سيمنع صدور موقف موحد من القمة إزاء سورية، وسيتم الاكتفاء بعبارات مطاطة قابلة لقراءات شتى، وكذلك الوضع بالنسبة لملف الأزمة العراقية، وفي كلتا الأزمتين يظهر تضارب حاد حول مشروعي قرارين، استناداً إلى ما أوضحه أحمد عفيفي الناطق باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، القرار الأول، ويشمل أيضاً اليمن إلى جانب سورية والعراق،وموقف ايران منها، والثاني “حول التوغل العسكري التركي في شمال العراق”، وفي حال صدوره يمكن إسقاطه أيضاً على ملف الأزمة السورية.
وتطفو على السطح خلافات كبيرة بين الدول المحورية العربية تجاه الأزمة الليبية، فالبعض يؤيد حكومة “الوفاق الوطني” في طرابلس، والبعض الآخر مازال يساند مجلس النواب في طبرق، وما يسمى بـ”الجيش الوطني” بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في المناطق الشرقية. ومن المفروغ منه أن ملف الصحراء الغربية سيظل عقبة كبيرة في طريق علاقات المغرب مع الجزائر وموريتانيا.
ولا تقل تعقيدات المواقف إزاء مكافحة الإرهاب والتطرف تضارباً من المواقف بشأن الملفات السورية والعراقية واليمنية والليبية، فحتى الآن لا يوجد تعريف موحد للإرهاب، ومازال الخبراء يشككون في امكانية تشكيل قوة عربية مشتركة لمحاربة التنظيمات الإرهابية، بناء على القرار الذي اتخذ في “قمة شرم الشيخ” بمصر، بسبب الافتقار إلى الحد الأدنى من المقاربات الرسمية لدور مثل هكذا قوة مشتركة، وغياب الثقة بين الحكومات العربية، ومشاكل أخرى عملية تتعلق ببنية هذه القوة وقيادتها وتسليحها وتمويلها وأماكن انتشارها.. الخ.
القضية الفلسطينية تفرض نفسها أيضاً على جدول أعمال قمة نواكشوط، لكن كحاضر- غائب، فالفقرات المتعلقة بفلسطين في البيان الختامي للقمة باتت جاهزة، ولا تعدو كونها استنساخاً من بيانات القمم السابقة، مع عملية إعادة صياغة طفيفة لتكون مُحدَّثة نوعاً ما.
ولذلك، إن انعقاد القمة العربية، بنسختها السابعة والعشرين، في العاصمة الموريتانية- نواكشوط، التي تستضيف القمة للمرة الأولى منذ تأسيس الجامعة، لا يخرج الحالة الرسمية العربية من مأزق الانقسامات الحادة، ومن غير المنتظر أن يخرج المشاركون في القمة بقرارات على مستوى التحديات التي تفرض نفسها على طاولة البحث، وهو ما يفسر غياب أي اهتمام رسمي أو إعلامي أو شعبي عربي بها، فمن ذا الذي قد يحفل بقمة عنوانها التناقضات والتباينات.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق