منبج؛ بين مطرقة داعش و سندان التحالف الأمريكي، فأين هم المدنيون؟
لا يكفي مدينة منبج خضوعها لتنظيم داعش الارهابي، ليأتي الحصار الأمريكي الأممي ليقضي على أنفاسها كاملا، حيث تواصل قوات التحالف الدولي في منبج قصف المدنيين و حصار المدينة رغم التحذيرات الدولية من الاستمرار من استهداف المدينة المحاصرة منذ أكثر من 40 يوماً. و تعاني المدينة هذه الأيام من أزمة كبيرة على الصعيد الانساني جراء الإستراتيجية التي يتبعها التحالف الأمريكي في حربه على داعش، حيث تقتضي الخطة بمحاصرة مدينة منبج من جهاتها الأربع بحيث لا يُترك طريق لهروب المدنيين، و الذي يبلغ عددهم 200 ألف نسمة بحسب آخر الاحصائيات.
و تقوم طائرات “التحالف الدولي” باستهداف المدينة كاملاً دون التمييز بين طفل صغير و امرأة و عجّز و بين ارهابي داعشي، و بحسب آخر الاحصائيات الميدانية بلغ عدد المدنيين الذين سقطوا في المدينة منذ بدء الحصار و الحملة سواء بغارات التحالف أو بقصف قوات سوريا الديمقراطية أو بسبب عدم وجود المستشفيات و الأدوية اللازمة أو حتى بالألغام الأرضية أكثر من تسعمئة قتيل و عشرات آلاف الجرحى. وعلى ما يبدو أن العدد الأكبر من القتلى سقط بسبب عجز السكان عن انتشال الكثير من الجرحى في الطرقات بسبب القصف والاشتباكات، كما أنهم باتوا يدفنون القتلى في الحدائق.
و تدافع أمريكا باسم التحالف الغربي على لسان الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية شرفات درويش عن سقوط قتلى من المدنيين بقوله إن “هذا الموضوع تستغله أطراف معينة لها أجندات وأهداف معروفة، فمع تقدمنا وتحقيق مزيد من الانتصارات في منبج تزداد وتيرة هذه الدعايات، مؤكدا أن قواته تعطي إحداثيات دقيقة للتحالف لقصف مواقع التنظيم”.
و كان التحالف الأمريكي ضد داعش قد ارتكب مجزرة مروعة جراء قصفه لقرية “توخار كبير” في ريف منبج الشمالي، مما أدى إلى سقوط مئتي قتيل من بينهم 100 طفل دون سن الثامنة عشر و 40 امراءة، من بينهم عائلات بأكمله، بحسب ما ذكره المرصد السوري المعاض لحقوق الانسان.
و لا تكتفي طائرات التحالف الأمريكي باستهداف المدنيين في المدينة، بل تستهدف البنى التحتية من جسور و منشآت حيوية كالمستشفيات و المدارس و غيرها و حذرت مؤسسات اغاثة في مدينة منبج من كارثة صحية بعد توقف 5 مستشفيات عن العمل بسبب غارات التحالف الأمريكي المستمرة على المناطق و الأحياء في المدينة. اضافة إلى استهداف بنك للدم داخل المدينة، و استهداف عدد من المراكز الطبية الميدانية في أحياء المدينة المنكوبة.
و يناشد المدنيون في المدينة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الى التدخل لوقف ما يجري في المدينة، ومواجهة الكارثة التي يواجهها أكثر من 200 ألف مواطن يعيشون فيها، مؤكدين أن ما يجري يرقى إلى الإبادة الجماعية، وعلى العالم تحمل مسؤولياته تجاهها.
بدورها قالت الحكومة السورية في رسالة بعثت بها إلى الأمم المتحدة إنها “تدين بأشد العبارات المجازر الدموية اللتي ارتكبتها طائرات التحالف الأمريكي المعادية، والتي تستمر بتوجيه صواريخها وقنابلها إلى المدنيين الأبرياء والبنى التحتية السورية بدلا من توجيهها ضد العصابات الإرهابية”.
كما أدانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) مقتل ما لا يقل عن 100 طفل في الغارات على قرية التوخار, وقالت إنه لا شيء يمكن أن يبرر استهدافهم.
و يوضح محللون سياسيون سوريون أن ارتفاع عدد القتلى المدنيين في منبج يعود إلى الخطة الأمريكية باعتمادها سياسة “الأرض المحروقة” و “الخنق حتى الموت” ، إذ تقضي الخطة بمحاصرة مدينة منبج من جهاتها الأربع بحيث لا يترك طريق لهروب المدنيين ولا عناصر التنظيم الارهابي، وبذلك ينحصر القتال داخل المدينة، مما ينعكس على المدنيين الذين يسقط منهم العدد الأكبر من القتلى.
و يعتبر آخرون أن هناك فرقا بين ما يحصل في منبج المكتظة بالمدنيين وما حصل سابقا بمدينة عين العرب (كوباني) التي كانت مفرغة من سكانها قبل أن تستهدفها طائرات التحالف الدولي.
و تعتبر مدينة منبج من المدن السورية المكتظة بالسكان، حيث تحتوي على أكثر من 200 ألف نسمة، و تقع تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي، و قد بدأ التحالف الأمريكي بحملة عسكرية عليها منذ أكثر من 45 يوماً، و لها أهمية إستراتيجية كونها تقع على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم بين الرقة معقله في سوريا والحدود التركية.
المصدر / الوقت