بعد أقل من سنة ونصف من استلام مهامها، البرلمان يحجب الثقة عن الحكومة في تونس
حجب البرلمان التونسي، السبت 30 يوليو/تموز، الثقة عن حكومة الحبيب الصيد بالأغلبية. حيث صوت 118 نائبا صوتوا لصالح حجب الثقة عن الحكومة، في حين أيدها ثلاثة ورفض 27 الإدلاء بأصواتهم.
وعقد البرلمان التونسي جلسة للتصويت على مصير الحكومة بعد خلافات عاصفة بين الحبيب الصيد وبعض أحزاب الائتلاف الحاكم التي رفعت الغطاء السياسي عن حكومته، لاجبارها على الاستقالة، وهو ما رفضه الصيد مفضلا اللجوء إلى البرلمان لحسم الخلاف. واتهم الحبيب الصيد حزب نداء تونس الحاكم بأنه هو من خلق الأزمة بتدخله في العمل الحكومي عبر الإصرار على إقالة أعضاء في الحكومة بعد استقالتهم من الحزب.
ودافع الحبيب الصيد عن أداء حكومته قائلا إنها وعكس ما تروج له بعض الأحزاب لم تفشل بل كان لديها برنامج عمل ورؤية واضحة تشمل مختلف مجالات التدخل الحكومي. وعدد الحبيب الصيد ما قال إنها منجزات حققتها الحكومة في مجالات الأمن ومحاربة الفساد وتحسين الواقع المعيشي للتونسيين.
وأكد رئيس الحكومة أنه تعرض لضغوط من أطراف لم يسمها لدفعه إلى الاستقالة، وقال إن لجوءه إلى البرلمان لا يعني رغبته البقاء في المنصب وإنما منح صبغة دستورية لتنحي حكومته بهدف تكريس المسار الديمقراطي.
وتناوب العشرات من النواب على الكلمة في جلسة البرلمان، وأشاد عدد منهم بنزاهة الصيد لكنهم انتقدوا حكومته.
وقد شهدت جلسة التصويت على إقالة الصيد الكثير من التصفيق، والمديح، وبنفس الوقت حجب الثقة، حيث أن نتيجة التصويت كانت متوقعة سلفاً، و كانت جلسة البرلمان شكلية أكثر منها جدية. حيث أن البديل عن “الصيد” سيكون حكومة وحدة وطنية تشارك فيها معظم الأحزاب السياسية، وهو ما تحمست له الأحزاب، وبدأت لأجله المشاورات منذ أيام.
ووفق الدستور التونسي يتعين على رئيس الدولة تكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة خلال عشرة أيام من تاريخ سحب مجلس النواب ثقته من الحكومة القائمة
وكانت أحزاب عدة بينها أحزاب الائتلاف الحكومي الأربعة (نداء تونس والنهضة وآفاق تونس والاتحاد الوطني الحر) قد أعلنت أنها لا تعتزم تجديد ثقتها بالحكومة.
وبهذا التصويت تتحول الحكومة إلى حكومة مستقيلة تتولى تصريف الأعمال، وعلى رئيس البلاد حينها أن يكلف “الشخصية الأقدر” لتشكيل حكومة جديدة وفق الدستور.
وأعلن السبسي في وقت سابق أنه سيختار المرشح لقيادة الحكومة بعد التوافق عليه بين الأحزاب داخل الحوار الوطني، وقالت مراسلة الجزيرة إن التوقعات تشير لاختيار حكومة سياسية ممثلة لأحزاب الائتلاف الحاكم.
الحكومة الحالية التي تشكلت قبل عام ونصف العام، متهمة بعدم التحرك بفاعلية في مرحلة حساسة تمر بها البلاد. غير أن عددا من الصحف أكدت أن رحيل فريق الصيد الحكومي لن يحل المشاكل.
مبادرة الرئيس السبسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية
وكان رئيس الدولة “باجي قايد السبسي” قد قدم مبادرته لتشكيل حكومة جديدة، والتي تتطلب استقالة رئيس الحكومة الحالي “الحبيب الصيد” لتشكيل الحكومة الجديدة، ولاقت المبادرة ترحيب حتى من الأحزاب التي دعمت الصيد لرئاسة الحكومة.
وقد أبدى رئيس الحكومة الحبيب الصيد امتعاضه الشديد من الطريقة، التي أعلن بها الرئيس قرار تغييره؛ حيث لم يتم إبلاغه بالقرار بشكل مباشر، بل “علم بالأمر من مصادره الخاصة”؛ وهو ما “كسر التناغم” الذي كان بين الرجلين، حسب تعبير الصيد، الذي يريد البقاء في منصبه حتى نهائية مأموريته النيابية.
والسبب الآخر لرفض الصيد الاستقالة هو توقيت المبادرة، التي “جاءت في وقت حساس من الناحيتين الأمنية والاجتماعية”؛ حيث بدأت “مؤشرات إيجابية تظهر فيما يتعلق بإحراز تقدم في تجاوز الأزمة الاقتصادية”، وفقا للحبيب الصيد.
لماذا اختار “الصيد” اللجوء إلى البرلمان
بالرغم من أن الصيد كان يدرك أن اللجوء إلى البرلمان ليس في صالحه، خاصة بعد أن التحق “حزب النهضة” بالأحزاب، التي رفعت الغطاء السياسي عن الحكومة؛ وهو الحزب الذي توقع مراقبون أن يتمسك بالصيد بعد أن رفض الإفصاح عن موقفه منه حتى اللحظة الأخيرة، بيد أنه كان يريد إحراج أحزاب الائتلاف، وإيقاعها في فخ التناقض عندما ستجد نفسها مضطرة إلى التصويت لحجب الثقة عن رئيس الحكومة، الذي جاءت به وكانت تدافع عنه. كما أنه يرفض فكرة إقالته من قبل رئاسة الجمهورية تحت ضغوط سياسية من “حزب نداء تونس”.
ويريد الصيد كذلك بهذه الخطوة تمرير رسائل إلى التونسيين، أهمها: تحسين صورته وحكومته أمام الشعب والدفاع عما يصفه بمنجزات يقول إن حكومته حققتها من جهة؛ ومن جهة أخرى تحميل مسؤولية الأزمة جهات تتدخل لعرقلة سير شؤون البلاد، وكانت تمنع حكومته من إنجاز مهماتها.
المصدر / الوقت