التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

سؤال للسعودية الماضية على خطى تل أبيب وواشنطن: أين مصلحة العراقيين في التقسيم؟ 

يتساءل الكثيرون اليوم، عن الحال التي وصلت لها الأمور في العالم العربي. خصوصاً بعد أن باتت الأنظمة العربية تتعاون في القضاء على بعضها، وذلك خدمةً للمشروع الأمريكي القاضي بتفتيت المنطقة. وهنا خرج الى الواجهة السياسية من جديد، الحديث عن تقسيم العراق. لكن بنكهةٍ سعودية رسمية، بعد أن سرَّبت الصحافة كلاماً يتعلق بالتأسيس لمؤتمر خلال الشهر الحالي، سيُعقد في الرياض، يجمع الساعين من أجل أقلمة العراق وتقسيمه. في حين سأل الكثير من الخبراء، عن مصلحة العراقيين في ذلك. وهو السؤال الذي يجب توجيهه الى السعودية، التي لم تترك حتى الآن بلداً عربياً إلا وسعت لتقسيمه خدمةً للمشروع الأمريكي الإسرائيلي. فكيف يمكن مقاربة هذا الملف بموضوعية؟

مؤتمر تقسيم العراق الذي تدعمه السعودية

خرجت تسريبات صحفية تتحدث عن انعقاد مؤتمر في الرياض في شهر آب المقبل، يضم شخصيات حليفة للطرح الذي يقضي بتقسيم العراق. وبحسب ما نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية، فإن هذا المؤتمر هو الأول من نوعه لما يسمى “القوى السنية” أو “المعارضة العراقية”، لمناقشة مصير مناطق غرب العراق بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. كما سيجري مناقشة شكل الإقليم وحدوده ومدى الدعم الدولي له. وهو ما يعني رسمياً تبنّي الرياض قضية تقسيم العراق إلى أقاليم، الأمر الذي جرى الترويج له منذ سنوات.

المساعي السعودية قديمة جديدة

مساعي الرياض اليوم هي مساعٍ قديمة جديدة. فهي وبحسب الكثير من المحللين، كانت المسؤولة عن تحريك الملف منذ سنوات، وهو ما جرى نهاية عام 2011 وبداية عام 2012. حيث خرجت العديد من الأصوات المنادية بإقامة “إقليم سني” وهو ما جرى قبل بداية حالة اللاإستقرار التي شهدها غرب العراق، وانتهت بدخول تنظيم داعش الإرهابي.

المؤتمر بحسب الصحافة والحاضرون مطلوبون للقضاء

حول تفاصيل المؤتمر، أشارت صحيفة الأخبار اللبنانية، إلى أنه سيناقش مستقبل مناطق عدة في العراق، وأبرزها الأنبار، نينوى، صلاح الدين، بعد استكمال تحريرها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. وأوضحت المصادر أن المؤتمر سيناقش شكل ما أسمت “الإقليم السني” وكيفية الترويج له، خلال الفترة المقبلة. وذلك بهدف الحصول على دعمٍ داخلي للمشروع، وتحقيق دعم دولي وإقليمي. في حين أكدت المصادر أن الجغرافيا النقاش، ستطال المحافظات والمدن العراقية المختلفة، مما يعني أنها ستتعدى فكرة الإقليم.

وفيما يخص الحضور، فسيحضر المؤتمر شخصيات كلها مرفوضة من الداخل العراقي، كأسامة النجيفي رئيس ائتلاف “متحدون” وشقيقه أثيل النجيفي قائد ما يسمى بالحشد الوطني، والذين اتهموا سابقاً بدعم تنظيم داعش الإرهابي. الى جانب القيادي في تحالف القوى العراقية ظافر العاني، ووزير المالية الأسبق المطلوب للقضاء العراقي رافع العيساوي، ونائب رئيس الجمهورية السابق المحكوم بالإعدام غيابياً طارق الهاشمي.

ردة الفعل العراقية السنية الرافضة

أكدت مصادر عراقية خاصة، أن الحكومة العراقية تعارض بشدة إقامة هكذا مؤتمر، لكونه يُعَدّ تدخّلاً في الشؤون الداخلية العراقية. على صعيد متصل، حذرت جماعة علماء العراق من المؤتمر، معتبرة أنه فخ جديد يُرسم لأهل السنّة في العراق. وأكدت الجماعة على أن المؤتمر يتزامن مع المرحلة الأخيرة من خطة تحرير الموصل وضياع حلم السعودية الشيطاني بإقامة ولاية الموصل الإسلامية، فجاؤوا بمشروع جديد، وهو الإقليم السني، بحسب تعبير رئيس الجماعة خالد الملا المقرّب من رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم، في بيان له نشره على صفحته على موقع “الفيسبوك”. وهو ما وافق عليه رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري، الذي أشار في حديث صحفي، الى أن المؤتمر هو جزء من استمرار حلقات الإستهداف للعملية السياسية، خصوصاً إذا نظرنا للشخصيات التي ستحضر المؤتمر، وغالبيتها مطلوبة للقضاء العراقي بتهمة الإرهاب. مشيراً إلى أن السعودية تسعى لإيجاد “طائف سني عراقي”.

دلالات وتحليل

السؤال الأهم هو حول دلالات المساعي السعودية، وكيف تتفق مع مساعي أمريكا ومصلحة تل أبيب. وهو ما سنجيب عليه بالتالي:

أولاً: بالنسبة لأمريكا، في تصريحٍ له بتاريخ 12 آب 2015، أي منذ عام تقريباً، أشار رئيس الأركان الأمريكي السابق الجنرال ريموند أودييرنو والذي شغل منصب قائد القوات الدولية في العراق في الفترة بين 2008 و 2010، الى أن تحقيق المصالحة بين مكونات الشعب العراقي يزداد صعوبة، ولعل تقسيم العراق قد يكون الحل الوحيد لتسوية النزاع. الأمر الذي يوضح أن الرياض تسير ضمن السياسة الأمريكية البعيدة عن مصلحة العراق والمنطقة.

ثانياً: بالنسبة للكيان الإسرائيلي، فقد أشار تقرير مفصَّل للصحفي “مايك ويتني”، تحت عنوان: (Splitting up Iraq: It’s all for Israel)، “أي تقسيم العراق: كله لصالح إسرائيل”، الى أن السياسة تقضي بتقسيم العراق بما يتفق مع الخطة الإسرائيلية التي تم طبخها قبل أكثر من ثلاثة عقود، والتي وضعها “عوديد ينين” تحت عنوان “الإستراتيجية الإسرائيلية في الثمانينات من القرن الماضي”، والتي رأت في العراق تهديداً لتطلعات الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة، فيما اعتُبرت الخطة، خريطة الطريق التي سيتم استخدامها لتقسيم العراق.

ثالثاً: بالنسبة للرياض، فهي تمضي ضمن نفس المشروع الأمريكي الإسرائيلي. وهي تسعى للتحضير لمرحلة ما بعد سقوط تنظيم داعش، والذي طالما راهنت عليه في المنطقة عموماً والعراق خصوصاً. وهو يأتي ضمن مسلسل تدخلها في شؤون الدول الأخرى. فيما يتصف سلوكها اليوم، بالتدخل السافر في الشأن العراقي الداخلي. وهنا فإن المساعي السعودية والتي جُوبهت بالرفض، لا تختلف عن دور الرياض في الدول العربية الأخرى. في حين تأتي محاولاتها، لخلق أزمة جديدة في المنطقة والرهان عليها، بعد فشل رهاناتها في كلٍ من اليمن وسوريا، وسقوط أحلامها بعد فشل أدوات الإرهاب من القاعدة مروراً بداعش وصولاً للنصرة، في تحقيق أيٍ من أهدافها.

لا شك أن السعودية تسعى لتفكيك العراق، وأخذه نحو مزيدٍ من اللاإستقرار وإنعدام الأمن، بعد أن حقَّق نتائج مهمة، على صعيد القضاء على الإرهاب. فيما يجب القول أن مواقف العراقيين المُشرفة ووحدتهم سنة وشيعة، هي السبيل الوحيد للتغلب على المؤمرات التي تُحاك. في حين يبقى السؤال الأهم والذي هو برسم السعودية الماضية على خطى تل أبيب وواشنطن: أين مصلحة العراقيين في التقسيم؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق