لماذا تقلق أمريكا على الارهابيين في حلب؟
تعتبر امريكا تحرير حلب من يد الجماعات الارهابية بمعنى تعزيز قدرات الحكومة السورية وحلفائها ولذلك تحاول منع حدوث هذا الامر بأية طريقة ممكنة وقد اتخذ المسؤولون الامريكيون مواقف بشأن عملية تحرير حلب ينبغي الوقوف عندها والإمعان فيها.
ان المسؤولين الامريكيين وبمجرد اعلان روسيا وسوريا عن خطتهما المشتركة المسماة بـ “عملية انسانية” في حلب من خلال إقامة ممر إنساني للخروج من المدينة المحاصرة وإيصال مساعدات إلى الأهالي، بدأوا بتوجيه الانتقادات الى موسكو حيث أعرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري عن قلقه إزائها، مهددًا بإنهاء التعاون الكامل مع روسيا بشأن سوريا في حال كانت العملية خدعة، قائلا “إذا كانت خدعة، فهناك خطر بأن تنسف بالكامل مستوى التعاون القائم بين واشنطن وموسكو”.
من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، “اريك شولتز” إن الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن الوضع في حلب، مضيفا “نبحث في ما أعلنته روسيا بشأن الممرات الإنسانية، لكن بالنظر إلى حصيلتها فنحن بالحد الأدنى متشككون”، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي “لا ضرورة لإقامة ممرات إنسانية في حال تم الالتزام بنظام وقف إطلاق النار، فلا يوجد داع لدفع الناس نحو مغادرة أماكنهم، ولا يجب أن تكون هناك عملية إخلاء”.
التشكيك الأمريكي في المبادرة الروسية ردت عليه الأخيرة باستهجان، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن عمليتها في حلب إنسانية بحتة، مبدية استهجانها لمواقف الذين يرون أهدافًا غير معلنة وراء العملية.
ان ابداء المسؤولين الامريكيين قلقهم مما يجري في حلب يأتي في وقت تشير فيه كل الادلة الدامغة ان واشنطن هي الجهة الرئيسية التي خلقت وما زالت تخلق الازمة في حلب.
وبعبارة أوضح ان سيطرة الجماعات الارهابية على قسم من حلب وباقي المدن السورية سببها الدعم الامريكي المستمر ودعم حلفائها الغربيين والعرب لداعش وجبهة النصرة وباقي التكفيريين في سوريا فلذلك لايحق لواشنطن التكلم عن ازمة حلب اساسا.
اما القضية الهامة الاخرى في هذا الخصوص هي الاستراتيجية الامريكية المتبعة في سوريا فواشنطن ترفض رفضا باتا اضعاف الجماعات الارهابية التكفيرية على يد الجيش السوري والقوات الشعبية.
وبتعبير أدق، يهرع البيت الابيض الى اتخاذ موقف مباشر واثارة ضجة دعائية واعلامية كلما شعر بوجود اي امر يؤدي الى اضعاف الارهابيين التكفيريين والقضاء عليهم وان هذه القاعدة تصدق على عمليات تحرير حلب ايضا.
وهناك مسألة أخرى تؤدي فيها امريكا دورا مسموما ايضا وهي مسألة مفاوضات السلام السورية فالامريكيين قاموا خلال فترة الهدنة السابقة بإرسال الاسلحة بشكل واسع الى الجماعات الارهابية عبر الحدود التركية واستغلوا فترة الهدنة لدعم التكفيريين.
وفي الحقيقة تعتبر امريكا الهدنة فرصة لتغذية الارهابيين الذين يقودون حربا بالوكالة وليس فرصة لارساء الاستقرار والهدوء في سوريا ولذلك ينبغي الانتباه للنوايا الامريكية المريبة في المفاوضات الخاصة بسوريا وقيام امريكا بإلقاء اللوم على الآخرين واثارة الضجيج حول موضوع وقف اطلاق النار.
ان ابقاء حالة الازمة الانسانية في سوريا وتوسيع دائرتها يعتبر المطلب الامريكي الاول في الوقت الراهن ومن المؤكد ان الامريكيين يعتقدون بأن اتساع الازمة السورية يزيد قدرتهم على التدخل والمناورة في شؤون المنطقة.
المسؤولون الامريكيون سواء كانوا من الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، متفقون على وجود صلة مباشرة بين تشديد الازمة السورية وتعزيز قدرات امريكا على التدخل في المنطقة ولذلك ينبغي على محور المقاومة ان يرصد بدقة اللعبة الامريكية الخطيرة في سوريا خاصة فيما يتعلق بمجريات الامور في حلب.
المصدر / الوقت