نهاية داعش في سوريا ومستقبل الشرق الأوسط
بعد احداث سوريا في عام 2012 بدأت جماعة داعش الارهابية نشاطاتها في سوريا وتم دفع الامور باتجاه سيطرة هذه الجماعة على نصف الاراضي العراقية والسورية، وخلال هذه السنوات شهد الميدان السوري انتصارات حققها داعش وهزائم في احيان أخرى، وبعد دخول روسيا بشكل جدي في الاحداث السورية اصبحت سيطرة داعش مهزوزة بشكل اكبر وبات يتلقى الضربات بشكل اكبر.
ورغم هذا وبسبب ركوب داعش على موجة أهل السنة والسياسات الدولية الداعمة لنشاط هذا التنظيم لايمكن لنا ان نأمل زوال هذا التنظيم الارهابي في القريب العاجل حتى اذا اتفقت امريكا وروسيا على هذا الامر، ولايمكن لنا ان نقدم تحليلا على هذا المنوال.
ان احد مكامن القلق الامريكي هو احتمال تحرك داعش نحو شمال افريقيا ومن ثم اوروبا او امريكا اذا تركز الضغط عليه في سوريا، ولذلك يحاول الغربيون التقدم بشكل تدريجي في المعركة وانجاز الامور عبر التعامل العسكري والسياسي في آن معا لكي يقضوا على احتمالات توسع داعش نحو مناطق اخرى.
ورغم هذا يبدو من الضروري قيام القوى المشاركة في مكافحة داعش بالقضاء على كافة العوامل التي ادت الى تشكيل هذه الجماعة والاهتمام بالعمل الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي وكذلك العسكري، ولذلك يمكن الجزم ان نموذج التعامل العسكري البحت الذي تخطط له روسيا وامريكا في سوريا لايحل مشكلة داعش.
ومن جهة اخرى هناك انتقاد موجه الى السياسات الامريكية في الشرق الاوسط والتي حرمت المنطقة من الدور الايراني الايجابي والبناء وخاصة الدور المسؤول الذي تستطيع ايران القيام به باستخدام أدواتها وقوتها وقدراتها الدبلوماسية المميزة في الشرق الاوسط.
ان اضفاء الامريكيين طابعا أمنيا على سياسات ايران الخارجية لايقلل من مشاكل السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط ولايحلها ولذلك اذا بادرت امريكا الى الاستفادة من القدرات الاقليمية والدولية أي قدرات اوروبا وروسيا وكذلك القدرات التي يمكن ان توظفها هي لخدمة حل مشاكل المنطقة فهذا يقلل الاضرار الموجهة لدول المنطقة ويفيد الامريكيين ايضا.
ان استمرار المواجهة العسكرية البحتة مع داعش دون حضور القوى المؤثرة في المنطقة ومنها ايران سيزيد من عمق ازمة المنطقة وتعقيدها وفي هذه الحالة لا تصيب ايران بالاضرار لوحدها بل ان حلفاء امريكا سيشكلون الحلقة الاولى التي تتلقى الخسائر والاضرار، وربما يمكن القول ان ايران هي أبعد نقطة في دائرة الاضرار والخسائر هذه.
ان تحقيق هذه الغاية ربما يبدو مستبعدا وغير منطقي الى حين ظهور نتائج الانتخابات الامريكية المقبلة ومعرفة من يخلف باراك اوباما في البيت الابيض ولذلك من غير المعقول ان ننتظر حلا في المنطقة، ان حدوث تحرّك ما في المنطقة امر مستبعد بانتظار مضي هذه الفترة ولذلك نقول ان انجاز هذا الامر يتطلب قيام امريكا باعادة النظر في سياساتها تجاه داعش وكذلك تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية لكن هذا الامر يتطلب قدرا من الوقت ويجب ان ننتظر ونرى الى اين ستؤول الأمور ومجريات الاحداث في داخل امريكا واوروبا وروسيا.
نصرة الله تاجيك، السفير الايراني السابق في الاردن
المصدر / الوقت