بين نتنياهو وأوباما من جديد: إشكالٌ أمريكي إسرائيلي حول المساعدات العسكرية
خرجت الصحف الإسرائيلية لتتحدث عن إشكالٍ عسكريٍ بين واشنطن وتل أبيب، يتعلق بموضوع المساعدات الأمريكية العسكرية للكيان الإسرائيلي. حيث اختلف الطرح الأمريكي في العقد الحالي من المساعدات العسكرية، عن الطرح المُعتاد. ووفق المصادر، ستقوم واشنطن بجعل المساعدات تقتصر على العتاد العسكري الأمريكي حصراً، دون العتاد العسكري الذي تصنعه الشركات المحلية. لكن الواضح أن أصل الخلاف ليس حول الدعم، بل حول كيفيته الشكلية. وهو ما يجب أخذه بعين الإعتبار، حيث أن الكيان الإسرائيلي يبقى أولوية أمريكا في المنطقة. في وقتٍ يأتي الخلاف، كجزءٍ من سلسلة الخلافات بين أوباما ونتنياهو. وهو يُعبِّر عن الإعتبارات السياسية التي قد تختلف أحياناً بين واشنطن وتل أبيب. فماذا في الإشكال حول المساعدات؟ وما هي الإعتبارات التي تُبرز هذه الخلافات؟
الجديد في عقد المساعدات العسكرية
ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، سيوافق على شروط الإدارة الأمريكية الحالية، فيما يخص قضية المساعدات الأميركية الإسرائيلية. حيث أن المساعدات وفق الشروط الجديدة، ستقتصر على العتاد العسكري الأميركي حصراً، ولن يكون هناك جزءٌ نقديٌ كالعادة، مما سيُؤثِّر سلباً على الشركات العسكرية الإسرائيلية. على الرغم من أن المصادر الأميركية أكدت ما سبق أن أوضحه الرئيس الأمريكي أوباما، بأن هذه المساعدات ستكون الأكبر في التاريخ، والتي تقدمها واشنطن إلى أي طرف في العالم. وكان “يعكوف نيغيل” نائب رئيس “هيئة الأمن القومي” الإسرائيلية، قد سافر إلى أمريكا من أجل الإشراف على انتهاء صياغة بنود الإتفاقية التي من المتوقع أن تستمر عقداً كاملاً.
فحوى الإقتراح الأمريكي
يتضمن الإقتراح الأميركي حصول الكيان الإسرائيلي على مساعدات مالية بمبلغ 3.7 مليار دولار للعام الواحد، ترفع تدريجياً كل عام لتصل الى أكثر من أربعة مليارات نهاية العقد المقبل. وهذا يعني أن تصل كامل المساعدات إلى قرابة 40 مليار دولار بزيادة تقارب 10 مليارات دولار عن العقد الحالي، مقابل الالتزام الإسرائيلي منع إجراء مفاوضات موازية مستقلة مع الكونغرس كما ورد سابقاً.
آثار الإشكال العسكري
من جهةٍ أخرى يقول الخبراء الإسرائيليون، بأن هذا البند يتعارض مع الإتفاقية التي تم إبرامها عام 2007، والتي خصِّص جزء منها لشراء العتاد العسكري من الشركات الإسرائيلية المصنعة محلياً. وهو ما سيؤثر في مكاسب وتشغيل شركات السلاح الإسرائيلية. وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، فإن هذا البند الإشكالي، سيؤدي إلى تسريح مئات العمال الإسرائيليين في شركات السلاح المحليّة الصغيرة والمتوسطة وتقليص الطلب على القوى العاملة. كما أن ذلك سينعكس على واقع الصناعة العسكرية الإسرائيلية في أمريكا.
أسباب موافقة نتنياهو
وتأتي موافقة بنيامين نتنياهو على الإتفاقية، في ظل مخاوفه من توجهات الرئيس الأمريكي المقبل، خصوصاً بعد أن قرَّر التراجع في الضغط على الإدارة الأمريكية الحالية والقبول بشروطها. وكان قد حاول نتنياهو، الضغط على إدارة أوباما مستغلاً المرحلة الإنتخابية الأمريكية، لمنع حصول هذه الإشكالية. لكن يبدو أن نتنياهو أراد أن يستبق الجيش الإسرائيلي المعركة الإنتخابية الأمريكية كما أكدت “معاريف”، الأمر الذي جعله يتراجع انطلاقاً من تقديره بأنه من الأفضل التوصل إلى اتفاق في ظل الإدارة الحالية من أجل التخلص من الشك إزاء سياسات الرئيس المقبل.
تحليل ودلالات الإعتبارات السياسية لدى الطرفين
إن قضية التفاهم حول المساعدات العسكرية، يشوبها مخاطر سياسية للحكومتين الأمريكية والإسرائيلية. وهو ما لا يعرفه الكثيرون. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية، فقد تعاطت منذ انتخاب الرئيس الأمريكي أوباما، وصولاً للعام 2015، بما يخص المفاوضات حول المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، على أنها مسألة لا يجب أن تخضع للتجاذبات الداخلية الأمريكية. حيث يمكن للفشل في إبرام التفاهم، أن يجعل المسألة موضوع سياسي قابل للأخذ والرد بين المرشحين. لكن هذه المفاوضات لم تنجح كما يجب، على الرغم من سعي الطرفين للوصول الى تفاهم قبل نهاية ولاية الإدارة الحالية.
ثانياً: بالنسبة للكيان الإسرائيلي، فإن الخلافات بين أوباما ونتنياهو، جعلت الأخير يعتقد بأن الإدارة الأمريكية المقبلة ستكون متعاطفة أكثر مع طلب المساعدات الذي تقدمه تل أبيب. لكن الخوف من الضمانات، هو الأمر الذي دفع نتنياهو لإنهاء المفاوضات والقبول بالطرح الأمريكي، منعاً للدخول في خطر المرحلة المقبلة، والتي من غير المعلوم فيها حتى الآن، وجهة النظر التي ستسود تجاه ملف المساعدات الخارجية.
ثالثاً: تحاول السياسة الخارجية لأمريكا، النظر دائماً في أثر المساعدات العسكرية لتل أبيب، على ما يُسمى بمبادرات السلام التي يمكن أن تجري بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، بحسب وجهة النظر الأمريكية الثابتة. وهو ما تعتبره واشنطن، ضرورة في ظل مساعيها الخارجية والإستراتيجية. الأمر الذي يجعلها تأخذ بعين الإعتبار شكل المساعدات وحجمها وكيفية تأمينها.
لا شك أن الكيان الإسرائيلي يبقى الطرف المُدلل في السياسة الأمريكية. لكن الظروف الإقتصادية والسياسية الصعبة التي تمر بها كافة الأطراف في العالم ومنها واشنطن، يبدو أنها باتت تؤثِّر على العلاقات بين الطرفين الإسرائيلي والأمريكي. في حين كانت الخلافات بين أوباما ونتنياهو، محط جدلٍ واسع، خصوصاً فيما يخص العلاقات الأمريكية الإسرائيلية التي طبعت العهد الأمريكي الحالي.
المصدر / الوقت