التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

جرائم الغرب بحق الشعب السوري: لماذا يتم تبرئة الإرهابيين في حلب؟ 

لم يعد مفهوماً سلوك الدول الغربية تجاه سوريا. خصوصاً بعد أن بات الإرتباك والغموض سيد الموقف. فيما يبدو واضحاً، أن الدول الغربية الساعية في العلن لدعم الحلول في سوريا، تعود لسياسة النفاق الإعلامي خدمةً لمصالح أمريكا، لا سيما عبر دعم الإرهاب من خلال تبرئته وتوصيفه بالمعارضة. في حين يبدو التناقض واضحاً بين سياسة المناداة بمساعدة المدنيين، وسياسة تبرئة الإرهاب. فأين هو الخطر الغربي من إزدواجية المعايير على شعوب المنطقة؟ وكيف كان التعاطي الغربي في ملف حلب، نموذجاً للنفاق السياسي والإعلامي؟

الغرب وإزدواحية المعايير: خطرٌ يُهدد شعوب المنطقة

إن قيام الغرب بإستخدام النفاق الإعلامي والسياسي دعماً لأهداف خاصة، يُلقي بآثاره على مصالح شعوب المنطقة. نبین في التالي:

– ليس صحيحاً أن الغرب يأخذ بعين الإعتبار مصالح شعوب المنطقة. بل إن تبعيته العمياء لأمريكا، تدفعه للتآمر على الشعوب، خدمةً للمصالح السياسية. وهو ما يجري اليوم في كلٍ من سوريا والعراق واليمن.

– لم تضع الدول الغربية مصالح الشعوب ضمن أولوياتها. بل إن تاريخها الإستعماري، ونظرتها العنصرية، دفعاها دوماً للتعاطي مع شعوب العالمين العربي والإسلامي من منطلق التابع لها. دون مراعاة حقوق هذه الدول، وأهلية أبنائها في العيش الكريم. بل يتم استغلال موارد الدول وعقولها، وتجييرها في خدمة الغرب.

– تكمن المشكلة في الأنظمة العربية المتخاذلة، والتي لم ترتَم فقط في أحضان السياسة الأمريكية، بل قامت برمي نفسها في أحضان الدول الأوروبية. وهو ما نجده في التميُّز الواضح في العلاقات بين الدول الأوروبية والدول الخليجية تحديداً، لمصالح تبدو واضحة بأنها إقتصادية لا سيما ما يخدم تجارة السلاح.

التعاطي الغربي مع معركة حلب: نموذج للنفاق وإزدواجية المعايير

إن سوريا تُعتبر نموذجاً للأزمة التى أمعن الغرب في إستغلالها، لمصالح سياسية خاصة، قد لا تتفق مع مصالح الشعوب الغربية أيضاً. وهنا نُشير للتالي:

– منذ بداية الأزمة السورية، يتعاطى الغرب بحسب الرياح السياسية الأمريكية، وهو ما بدا واضحاً من خلال الرضوخ لمطالب أمريكا في سوريا. حيث تناغمت الأنظمة الغربية، مع الدول العربية، في دعم الإرهابيين بالسلاح والمال، وما يُسمى بالمعارضيين بمختلف تسمياتهم، عبر تأمين كافة إحتياجاتهم من إقامة وسفر ومنابر سياسية.

– مع احتدام المشهد السوري، ودخول المراهنات في مراحل الخطر، بدأت الدول الغربية تراجع حساباتها. وأصبحت تُسارع للتنبؤ بمستقبل الصراع. فيما بقيت تُنازع بين مصالحها الخاصة، ومصالح واشنطن الضرورية.

– شكَّل وضوح المشهد السوري، وفشل المعارضين للنظام السوري سياسياً وعسكرياً – أي المسلحين التكفيريين الى جانب ما سُمي بالإئتلاف المعارض – وعدم قدرتهم على المضي قُدماً في المشروع الأمريكي، تحدياً للغرب. تزامن ذلك مع بدء الهجمات الإرهابية ونضوج الوعي الشعبي الأوروبي المُطالب بالخروج من سوريا والتوقف عن دعم الإرهاب.

على الرغم من ذلك، ماذا يفعل الغرب اليوم في حلب؟

يحتار المحللون والمراقبون في فهم السلوك الغربي. فعلى الرغم من أن خطر الإرهاب لامس وضرب الداخل الأوروبي الذي يعيش حالة التأهب القصوى، بقي الغرب يُنازع من أجل مصالح أمريكا. وهنا يبدو واضحاً النفاق الغربي في التعاطي مع ملف حلب، خصوصاً من خلال ما يلي:

أولاً: تحاول وسائل الإعلام الغربية وصف الطرف الذي يُقاتل النظام السوري بأنه معارضة سورية، دون الوقوف عند سوابقه وعلاقته بالتنظيمات الإرهابية، لا سيما القاعدة وداعش والنصرة. وهو ما يجعل وسائل الإعلام في موقع البعيد عن الشفافية والمهنية، حيث تقوم بتبرئة هذه الجهات، مُروجة لأنها في موقع المظلومية، وهو ما يتعارض مع الواقع، لسبب واضح، وهو أن لهذه الجماعات الدور الأول والأساسي في المعاناة الإنسانية للمدنيين والشعب السوري. وهو ما يُعتبر جريمة بحق الشعب السوري الذي بات يعاني من مُخلفات الإرهابيين.

ثانياً: إذا كان الغرب صادقاً في إدعاءاته تجاه النظام السوري، فلماذا يُساعد الغرب الجماعات الإرهابية في حربها النفسية على الشعب السوري. وهنا يجب الإلتفات الى أسلوب هذه الجهات، وإستغلالها للمدنيين. فقد أثبتت التجارب السابقة كيف استخدم الإرهابيون المدنيين كدروع بشرية، كما عملت وتعمل دوماً على الترويج لإمتلاكها أسرى من محور المقاومة من أجل تعزيز قوة المجموعات في الحرب النفسية ورفع معنوياتها. وهو ما كان يُكذِّبه الطرف المقابل كما حصل منذ أيام وأنكر حزب الله في بيانٍ له ما إدعته تنسيقيات المسلحين من أسر 5 مقاتلين من حزب الله في معارك جنوب غرب حلب.

ثالثاً: تستغل السياسة الغربية، المخاطر الي يعاني منها الشعب السوري، لا سيما مسألة إستخدام السلاح الكيميائي. وهو ما يخدم الإرهاب في سوريا. حيث تقوم وسائل الإعلام الغربية، بالترويج لإستخدام النظام لهذا السلاح وذلك من أجل دعم الجماعات الإرهابية وتبرير موقفها من الحرب ضده. كما أنها في بعض الأحيان، إستخدمت الترويج لخطر إستعمال الإرهابيين أنفسهم لهذا السلاح، وذلك لتبرير تدخلاتها في سوريا. أليس هذا نفاقاً إعلامياً وسياسياً؟

رابعاً: لا تُعد مواقف الدول الغربية مسؤولة، خصوصاً في ظل تصريحات المسؤولين المتناقضة. فنجد أن الإتحاد الأوروبي يشترط فك الحصار العسكري عن الإرهابيين من أجل تقديم المساعدات الإنسانية، وهو ما يتعارض مع المنطق السياسي والعسكري، خصوصاً وأن النظام السوري لم يرفض تقديم المساعدات الإنسانية. فيما نلاحظ تصريحات وزير الخارجية البريطاني الجديد “بوريس جونسون” حول مستقبل سوريا والرئيس الأسد متناقضة، حيث صرَّح منذ أيام برحيل الأسد، وهو نفسه كان قد نصح بريطانيا في كانون الأول الماضي بتغيير عقليتها تجاه روسيا فيما يخص الملف السوري، فيما أكد في آذار الماضي في مقالٍ له تحت عنوان “برافو للأسد”، إشادته بالرئيس السوري بشار الأسد، لإنقاذه مدينة تدمر الأثرية، من أيدي الجماعات الإرهابية. مؤكداً بأن ما أسماهم معارضي الأسد في داعش هم أسوأ منه بحسب تعبيره.

لسنا في وارد التأمل من الغرب سوى ما حدَّثنا به التاريخ. لكننا نقول بأن أملنا هو في أخوتنا أي الشعوب الغربية. فالإرهاب الذي يهددنا هو ذاته الذي يُهددهم. وهو الذي ضربهم في مناطقهم التي كانت تتغنى بالأمن والأمان. لنقول أن ما يجمعنا هو ثورة على أنظمة عربية وغربية مُنافقة، تتاجر بدم المدنيين للبقاء في السلطة، وهو ما نعتبره جريمة غربية بحق الشعب السوري. وإلا فلماذا يتم تبرئة الإرهابيين في حلب؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق