إلى أطفال اليمن: وداعاً!
وصمة عار في جبين الإنسانية، وخيانة عظمى لكافّة القوانيين الأممية التي تحمي حقوق الإطفال في الحرب والسلم، وبين العار والخيانة ما هو أسؤ حيث تخضع الإرادة الدولية لإملاءات السلطات السعودية، ومن خلفها الأمريكية في العداون القائم على اليمين. آخر المستجدّات التي تضع أطفال اليمن بين مطرقة العداو السعودي وسندان التبرير الأممي هو إستهداف طيران التحالف لمدرسة آل فاضل مدرسة لتحفيظ القران الكريمفي حيدان بمحافظة صعدة شمال اليمن ما أدّى إلى استشهاد 10 أطفال وجرح 28 كلهم دون الـ 15، وفق منظمة أطباء بلا حدود.
صندوق الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أكد أنّ قصفاً جوياً استهدف المدرسة في شمال اليمن، وأدى إلى مقتل عدة اطفال تتراوح اعمارهم بين 6 سنوات و14 سنة، موضحاً أنه “نظراً إلى تصعيد أعمال العنف الاسبوع الماضي في اليمن، سجلت زيادة كبيرة في عدد الاطفال الذين قتلوا او جرحوا في قصف جوي او في انفجار الغام”.
وتأتي المجزرة الثالثة خلال الأسبوع الأخير الذي رفع فيه التحالف السعودي سقف ضرباته بعد فشل مفاوضات الكويت، بعد أسبوعين من شطب الأمم المتحدة العدوان من القائمة السوداء لقتلة الأطفال، رغم تثبيتها جرائمه بحق أطفال اليمن، إلا أن فظاعة المشاهد أثارت حفيظة الأمين العام للأمم المتحدة الذي أدان هذه المجزرة الوحشيّة التي تعدّ وصمة عار في جبين الإنسانية، وإنتهاكاً صارخاً لكافّة ما جاءت به الأديان والشرائع السماوية والعهود والمواثيق الدولية.
تبريرات الجانب السعودي، سمعناها قبل عشر سنوات من اليوم، وعلى لسان الإسرائيلين حول إستخدام حزب الله للمناطق المأهول في إطار تبريرهم لمجزرة قانا الثانية (2006) وقبلها بعشر سنوات لتبرير مجزرة قانا الأولى (1996)، وهذا ما سمعناه في إطار تبرير الجريمة، إضافةً إلى إتهام المتحدث بالسم التحالف السعودي العميد أحمد العسيري لـ”الحوثيين (أنصار الله) بتدريب الأطفال. ولو فرضنا أن كلام عسيري صحيح، رغم أن الوقائع تثبت عكس ذلك، فهل يبرّر تدريب أطفال “مغرّر بهم” المجزرة؟ ألم يدّعي العسيري أن بلاده ” لا تقصف الأهداف العسكرية إذا كان في ذلك خطراً على المدنيين”؟ وهو ما سمعناه مراراً وتكراراً على لسان المندوب السعودي الدائم في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي.
الأمم المتّحدة التي تغاضت عن إستهداف الألاف من أطفال اليمن خلال 17 شهراً من العدوان، تقبع اليوم أمام إستحقاق جديد يتيح لها العودة إلى جادّة الصواب، وإعادة السعودية إلى تلك اللائحة التي خرجت منها عبر الأموال.
البرلمان اليمني الذي منح الثقة لرئيس وأعضاء المجلس السياسي الأعلى، يتحمّل اليوم مسؤولية كبرى حيث يتوجّب على ممثلي الشعب عقد جلسة خاصّة بمجزرة مدرسة آل فاضل، تحمّل العداون السعودي والرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي المسؤولية الكاملة، مع توجيه رسالة إلى الأمم المتحدة وكافّة المؤسسات الحقوقية للإقتصاص من قتلة الأطفال في اليمن. كذلك، لا بد من تقديم البرلمان إلى الأمم المتحدة طلب رسم لتشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في كافة الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق اليمنيين وإحالة مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
إن إبراز هذه المشاهد المؤلمة لأطفال يودّعونا دون عودّة بعد أن حل خريف العمر في ربيعه، تاركين خلفهم بعض الأشلاء التي قطّعتها الطائارت السعودية تحت ذريعة “الشرعيّة”، تفرض على كافّة أبناء الشعب اليمني التحرّك بشكل واسع في إطار المواجهة الشاملة، فضلاً عن كونها جحّة ملقاة على عاتق كافّة المغرّر بهم ممن أيّدو العداون وبرّروا جرائمه، فإن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟.
ننتظر من ممثلي الشعب اليمني، صاروخ باليستي”حقوقي” على شاكلة الصواريخ البالستية السياسية في تشكيل المجلس السياسي الأعلى، وعقد جلسة البرلمان، وقبلها الصواريخ البالستية الميدانية التي كان آخرها مساء أمس الأحد على معسكر في نجران.
إن هذه المجزرة، كحال كافّة المجازر في اليمن في فجّ عطان والمخا الأولى والثانية وسوق الخميس وعشرات المجازر المماثلة تعد نتاجاً طبيعيّاً للعدالة الدولية التي غابت عن قانا وديرياسين وغزّة، تماماً كما هو الحال في اليمن، وتؤكد أن العدوان السعودي لا يفرق بين مدني وعسكري، فحتّى لو كانوا أطفال ومدنيين، خطيئتهم الوحيدة أنهم يمنيون.
المصدر / الوقت