أبعاد و نتائج التوافق اليمني
توصلت حركة أنصارالله واللجان الشعبية اليمنية (حزب المؤتمر) بعد المفاوضات المسهبة والمطولة في الكويت إلى نتيجة مفادها ان هذه المفاوضات وبسبب التدخلات السعودية غير الشرعية وتدخلات باقي الدول وانحياز الأمم المتحدة، لن تؤدي إلى تحقيق النتيجة التي يريدها الشعب اليمني ولذلك بات استمرار تلك المفاوضات يعني فسح المجال أمام السعودية وبقية الدول الرجعية ومن ورائهم الغرب للتدخل في إيجاد نظام سياسي جديد في اليمن كما يروق لهم.
إن السعودية والكويت والإمارت والدول الغربية كانت تريد تحقيق ما لم تستطع تحقيقه في الحرب عن طريق المفاوضات والتمهيد لقيام نظام وفق أهواء الجهات الأجنبية في اليمن وهذا كان يعني تجاهل حق الشعب اليمني في تشكيل نظام سياسي جديد في بلادهم، ولذلك إستنتجت الاطراف الرئيسية في اليمن ضرورة إستئناف الحوار اليمني – اليمني الذي بدأوه قبل بدء العدوان السعودي والذي كان قد توقف، وفي الحقيقة فإن تشكيل المجلس الأعلى السياسي الذي جرى في اليمن هو بمثابة إيجاد سلطة تنفيذية مؤقتة تدير شؤون البلاد ويملأ الفراغ (البلاد من دون حكومة) والى جانب ذلك يمهد لقيام نظام ديمقراطي نابع من إرادة لشعب.
وقد حظيت هذه الخطوة التي قامت بها أنصارالله وحزب المؤتمر الشعبي بقبول باقي الأحزاب والجماعات ومهدت لتشكيل جلسة البرلمان في أقل من 3 أسابيع، وهكذا بات تشكيل المجلس الأعلى السياسي وإنعقاد جلسة البرلمان يعني وجود سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية مجددا في اليمن واللتين ستملآن الفراغ الموجود وبالإضافة إلى ذلك تبطلان مفعول التشكيلات والكيانات العملية التي تسعى الدول العربية إلى إضفاء الشرعية عليها.
هذه الخطوة تعني ايضا عدم شرعية نشاطات عبد ربه منصور هادي الرئيس المستقيل والجماعات العميلة التي تدعمه، ومن جهة أخرى تأتي هذه الخطوة في سياق انتخاب طريق صحيح وقانوني لتحقيق أهداف الشعب اليمني ونجاح ثورتهم، وهي أسلوب ناجح جدا لمواجهة أهداف السعودية والدول الغربية في اليمن.
وإذا أردنا النظر من زاوية أخرى نجد ان تشكيل المجلس الأعلى السياسي وإنعقاد جلسة البرلمان اليمني يقضي على أي ذريعة للتدخل في الشؤون اليمنية ويفشل السياسات الرامية الى إيصال نظام عميل الى الحكم في اليمن ويعزز آمال الشعب اليمني لتشكيل هيكلية سياسية حسب مطالب هذا الشعب. ويعتقد الخبراء ان هذه السياسة المتبعة هي السبيل الوحيد لإنقاذ اليمن من الطريق المسدود الذي يواجهه.
إن الأعراف الدولية تقضي بتشكيل النظام السياسي في أي بلد على يد شعب ذلك البلد وليست القوى الجارة، ومن جهة أخرى فإن السير بهذا الإتجاه يقضي على الدعايات التي تطعن بشرعية الأحزاب والأطراف اليمنية وتتهمها باتباع أساليب إستبدادية، ويمنح الشرعية لهذه الأحزاب والأطراف.
وبعبارة أخرى سيوقف الشعب اليمني مشروع اصطناع الحكومة المدعومة من الدول الرجعية التي يؤيدها الغرب ويوفر الآلية اللازمة لتشكيل حكومة وطنية بهدف حفظ المصالح الوطنية وإدارة شؤون اليمن.
ولايختلف إثنان ان هناك عوائق كثيرة تقف أمام هذا الطريق لأن السعودية من جهة تخشى قيام نظام ديمقراطي قرب حدودها ومن جهة أخرى يقلق الغرب من قيام حكومة في باب المندب لكن هذ الحل هو الحل المقبول والمنطقي والنافع أمام الشعب اليمني لإجتياز الأزمة.
وأخيرا يجب القول أن السعودية قد استخدمت كل ما بوسعها طوال الأعوام الخمسة الماضية لمنع تشكيل حكومة إسلامية ديمقراطية في اليمن فقد قدمت الرياض الدعم للجماعات التكفيرية وأذكت الخلافات الطائفية والقومية وشنت الحرب على اليمن وأجبرت الأمم المتحدة على الصمت إزاء جرائمها وقادت المفاوضات “الخداعية” في الكويت، لكن السعودية لم تفشل فقط بل زادت سياساتها من كراهية اليمنيين تجاهها أكثر من ذي قبل، ونتيجة لسياسات آل سعود إزداد التذمر داخل السعودية وخاصة في أوساط الجيش السعودي ومن الممكن ان يصل الأمر الى ثورة داخلية في السعودية وهذا يفسر عجز الرياض وباقي الرجعيين في المنطقة على تنفيذ سياساتهم وتدخلاتهم في اليمن.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق