التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

مليونية اليمنيين بميدان السبعين تؤسس لشرعية جديدة وتبعث رسائل للتحالف السعودي 

اليمن ـ سياسة ـ الرأي ـ

ازدحم ميدان السبعين وسط العاصمة اليمنية صنعاء بأكثر من مليون متظاهر من الجنسين، لبوا نداء التحالف “الحوثي الصالحي”، للتضامن، وتقديم الدعم والمساندة للمجلس السياسي الاعلى الذي اعتمده البرلمان، وبات بمثابة “الجسم الشرعي” الجديد لادارة شؤون البلاد.

الرسالة التي اراد التحالف “الحوثي الصالحي” توجيهها الى خصومه داخل اليمن وخارجه، وخاصة الى المملكة العربية السعودية التي تخوض حربا ضده، وتصفه بـ”الانقلابيين”، تقول ان قطبي المعادلة اليمنية الداخلية في حال وفاق وتفاهم، وعلى استعداد لتقاسم السلطة والتعايش تحت سقف المجلس السياسي الجديد، ويحظيان بدعم شعبي كبير.
المظاهرات الاحتجاجية الضخمة التي انطلقت في ميادين العاصمة صنعاء، وادت الى الاطاحة بحكم الرئيس علي عبد الله صالح الديكتاتوري، هي نفسها او مثيلاتها، التي تعيده، وحزب المؤتمر الذي يتزعمه، الى السلطة مجددا، ولكن في اطار شراكة مع خصمه القديم الذي حاربه ست مرات، اي تيار انصار الله الحوثي.
السيد صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الاعلى، الذي انتقل الى القصر الجمهوري رسميا، بعد تسلمه من السيد محمد الحوثي، رئيس اللجنة الثورية الحوثية، وبات بمثابة رئيس اليمن الجديد، كان من ابرز المتحدثين في هذا الحشد الشعبي الكبير، واكد في كلمته المختصرة التي حظيت بتصفيق حاد، انه سيعمل على معالجة مشاكل اليمن السياسية والاقتصادية، وتشكيل حكومة تلبي احتياجات ابناء اليمن الاساسية، واكد “ان يدنا ممدودة للسلام وليس الاستسلام، ولكل دول العالم باستثناء الكيان الصهيوني”.
كلمة السيد الصماد كانت بمثابة برنامج عمل للعهد اليمني الجديد، ولكن التحديات التي تواجه التحالف “الحوثي الصالحي” تبدو كبيرة جدا، في ظل تصاعد قصف طائرات “عاصفة الحزم”، والحشود الضخمة للتحالف العربي بقيادة السعودية للاستيلاء على العاصمة صنعاء.
السيد الصماد، “الرئيس الجديد”، اغلق الباب فيما يبدو في وجه المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ، وسحب الثقة منه، والمفاوضات التي يشرف عليها، وطالب الوفد المفاوض “المحتجز″ في مسقط بعدم التفاوض معه قبل العودة الى المجلس السياسي الاعلى، ومعه كل الحق في ذلك، ليس لان هذا المبعوث اثبت عدم حيادته، انما لانه عجز عمليا عن استصدار تصريح من الجانب السعودي بالسماح لطائرة الوفد المفاوض للعودة الى صنعاء.
فاذا كان هذا المبعوث لا يستطيع تأمين عودة الوفد، الذي خرج من العاصمة بدعوة منه، وباشراف منظمته الدولية، وتفاوض لاكثر من مئة يوم في الكويت مع وفد الحكومة المدعومة من الرياض، فكيف سينجح في الوصول الى حل سياسي لهذا الصراع، ويوقف الحرب الدموية التي تسفك دماء اليمنيين وتقصف مستشفياتهم ومدارسهم ومعاملهم وبناهم التحتية المعدمة؟
مظاهرة ميدان السبعين الحاشدة، وغير المسبوقة في ضخامتها، وحجم المشاركة فيها، جاءت استفتاء شعبيا لصالح المجلس السياسي الاعلى، وتفويض للتحالف “الحوثي الصالحي” بالاستمرار في الحرب حتى التوصل الى حل سياسي يحقن الدماء، ويوقف الحرب، ويرفع الحصار، ويحقق المصالحة الوطنية بين كل الوان الطيف اليمني، دون استثناء او اقصاء.
وربما يجادل البعض من الطرف الآخر، بأن من تجمعوا اليوم في ميدان السبعين لا يمثلون كل اليمنيين، فهناك من يقف في الخندق الآخر، وهذا جدل صحيح وفي مكانه، ولكن يمكن القول ايضا، واعتمادا على الحجة نفسها، ان من تظاهروا في مطلع عام 2011 ضد الديكتاتورية لم يمثلوا الشعب اليمني كله، مضافا الى ذلك ان هناك فرقا شاسعا، اخلاقيا ووطنيا، بين من يدافع عن بلاده في وجه عدوان خارجي، ومن يقف في صفه، وقول هذا لا يعني نفي حقيقة وجود شريحة كبيرة من اليمنيين تقف في الوسط بين المعسكرين، وتفضل صفة الحياد.
مظاهرة اليوم التي لم ترفع فيها الا اعلام اليمن الموحدة، في تغييب متعمد لاعلام الفصائل والاحزاب الاخرى، للتأكيد على الوحدة الوطنية، تشكل منعطفا سياسيا واستراتيجيا مهما في تاريخ اليمن، وتقديم “البديل” عن الحكومة “الشرعية” في الرياض، تعزيزا لتحالف الاضداء سابقا، امام “عاصقة الحزم”، والدول المشاركة فيها.
فشل التحالف السعودي في حسم الحرب في اليمن لصالحه بعد 17 شهرا من القصف، قلص من حظوظه وفرصه في فرض رؤيته لـ”اليمن الجديد”، واعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي الى صنعاء، وضاعف من خسائره السياسية والعسكرية، وتراجع الدعم الدولي له، فإنسحاب المستشارين الامريكان الذين كانوا ينسقون في ميدان القتال مع القوات والطائرات السعودية في جبهات القتال، واعلان منظمة “اطباء بلا حدود” وقف عملياتها الانسانية في اليمن، احتجاجا على قصف طائرات “الحزم” لمستشفياتها وقتل مرضاها، وافراد من طواقمها، وتصاعد الاتهامات الدولية للسعودية وتحالفها بإرتكاب جرائم حرب في اليمن، كلها مؤشرات ستصيب التحالف العربي وقيادته بالاكتئاب حتما.
الشعب اليمني، او جزء منه على الاقل، قال كلمته اليوم في ميدان السبعين، ومن المؤكد ان الطرف المعني قد استمع اليها، وشاهدها بالصوت والصورة، ولكن السؤال هو عما اذا كان سيفك شفرة الرسالة التي احتوتها ويعمل بها، ويغير سياساته على ضوئها، ام انه سيستمر في النهج نفسه؟انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق