التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

صفعة واشنطن في قاعدة همدان 

الانعطافة التركية نحو الشرق في موسكو وطهران، تتيح توسيع شقة التقارب بين تركيا والثنائي الروسي ــ الإيراني، لكنها تتيح أيضاً تقارب دول أخرى في القوقاز مثل أذربيجان التي قفزت قفزة بيّنة في مؤتمر باكو الأخير نحو تغليب مصالح التعاون الإقليمي على مصالح دول ما وراء البحار،ما يحفّز القاطرة الروسية ــ الإيرانية على الانتقال إلى محطة أبعد من التعاون الثنائي.

التلويح الاميركي بمرحلة تقييم للتعاون الروسي ــ الاميركي في قاعدة همدان، قد يكون بمثابة تهديد للتصويب لاحقاً على إيران بدعوى خرق الاتفاق النووي وربما اتهام روسيا بتجاوز القرار رقم 2231. المتحدث باسم الخارجية الاميركية جاك تونر، ذكّر بأن قرار مجلس الأمن “يمنع بيع ونقل الطائرات المقاتلة إلى إيرن”، بينما ينفي رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أن تكون القاعدة أكثر من تعاون عسكري بين البلدين لمكافحة الإرهاب.

وفي السياق، يشنّ نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي رياباكوف حملة يتهم فيها واشنطن بمحاولة تقديم صورة كاذبة عن التعاون بين موسكو وطهران، ناصحاً الادارة الاميركية بالاطلاع على القوانين الدولية.

خلف هذا السجال القانوني تستشعر موسكو أبعاد التهديد الاميركي، محاولة رفع السقف في الردّ بأن ضربات تحالف واشنطن انطلاقاً من قاعدة انجرليك التركية تتنافى وميثاق الأمم المتحدة، كما صرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشنكوف. فما يثير حفيظة واشنطن هو أن تعاون طهران وموسكو يحمل طابعاً استراتيجياً، بحسب تعبير الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني. ولا سيما أن هذا التعاون ينفتح على تقارب أوسع في احتمال توقيع اتفاق ثنائي لتنظيم تواجد القاذفات الروسية.

فهذا التعاون الاستراتيجي يزداد توسّعاً في سوريا لمكافحة الارهاب وإصراراً على مواجهة جبهة النصرة بالإضافة إلى “داعش”، وفق توسّع الضربات الجويّة من قاعدة همدان باتجاه إدلب ودير الزور. ويزداد تقارباً بين البلدين على صورة أوضح لمستقبل سوريا والمنطقة.
حين سمحت طهران في العام الماضي عبور صواريخ ” كروز” من بحر قزوين عبر أراضيها، ربما أشارت بذلك إلى توافقها مع موسكو أن ما يُطلق عليه “الناتو” جنوب الأطلسي يمتد من البحر المتوسط إلى بحر قزوين. وهذا الامتداد يشمل القوقاز حيث منابع النفط وأنابيب الغاز وسوريا حيث الصفيح الساخن لمصبات الصراعات الدولية والإقليمية وبؤرة الجماعات الارهابية.

وبينما تسعى واشنطن للتحكم بالقوقاز عبر المرور على حطام سوريا، أخذ التعاون الروسي ــ الإيراني اتجاهاً معاكساً في توحيد خطوط المواجهة من القوقاز إلى سوريا.

الانعطافة التركية نحو الشرق في موسكو وطهران، تتيح توسيع شقة التقارب بين تركيا والثنائي الروسي ــ الإيراني، لكنها تتيح أيضاً تقارب دول أخرى في القوقاز مثل أذربيجان التي قفزت قفزة بيّنة في مؤتمر باكو الأخير نحو تغليب مصالح التعاون الإقليمي على مصالح دول ما وراء البحار،ما يحفّز القاطرة الروسية ــ الإيرانية على الانتقال إلى محطة أبعد من التعاون الثنائي.

أمام هذه المتغيرات بطبيعة أبعادها الاستراتيجية الواسعة على وسع منطقة بين قزوين والمتوسط، تهدّد واشنطن بالحرب بالوكالة، على ما أفصح منسّق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط روبرت مالي في مقابلته مع مجلة “فورين بوليسي” الأميركية. فهو يقول إن واشنطن لا تخسر شيئاً إذا زوّدت الجماعات المسلّحة بأسباب إطالة أمد الحرب في سوريا.

ولا يخفي منسّق البيت الأبيض بين السطور أن المسعى الاميركي للحرب بالوكالة في سوريا، هو ردّ على التعاون الروسي ــ الإيراني في همدان. وفي أغلب الظن أن واشنطن الساعية للرد بالحرب في سوريا، تحاول أيضاً بأشكال أخرى من الحروب بالوكالة في غير سوريا سواء في دول القوقاز أم في إيران وروسيا وحتى في تركيا. نعوم شومسكي يقول: سياسة الولايات المتحدة الخارجية هي الحرب.

قاسم عز الدين

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق