كيف تستخدم أمريكا الأكراد أداة للضغط على بلدان المنطقة
بعد الدعم الأمريكي العلني والسري لأكراد سوريا والعراق هناك سؤال يطرح نفسه وهو لماذا تنتهج واشنطن هذه السياسية وما هي تبعات هذا الدعم على المنطقة؟
ان أمريكا إختارت اللعب بالورقة الكردية لكي تستطيع مواصلة سياساتها أمام سوريا والعراق وتركيا والى حد ما ايران لكن أوضاع الأكراد ليست متساوية في هذه البلدان، أما الأكراد فقد أقاموا من جهة إقليم كردستان العراق ويسعون للإنفصال وقد طرح زعيمهم مسعود بارزاني مسألة إجراء إستفتاء الإنفصال، وفي الحرب على داعش نجد ان الأكراد يقضون على داعش حتى خارج المناطق الكردية وهناك من يقول ان الأكراد بصدد توسيع إقليم كردستان ليشمل مناطق مثل كركوك والموصل ولذلك نجد بأن الأمريكيين يستغلون هذه القضايا وكذلك الموضوع الشيعي والسني في داخل العراق ليخلوا بتوازن الحكومة المركزية في بغداد.
ان بعض الأكراد قاموا بتحركات في ايران أيضا ما إستدعى ردا ايرانيا فلذلك يمكن القول ان الورقة الكردية هي ورقة مهمة.
ومن جهة أخرى ينتاب تركيا أيضا قلق من تأثير أكراد سوريا، وتخشى تركيا ان تؤثر التوجهات الإنفصالية لأكراد سوريا على أكراد تركيا، ان أنقرة لاتدري الى أين ستؤول أمور الأكراد اذا تم حل الأزمة السورية فإذا اتجه أكراد سوريا نحو الحكم الذاتي سيتجه أكراد تركيا نحو ذلك حتما، ويجب ان نأخذ بعين الإعتبار ان الخلافات بين الحكومة التركية والأكراد قد إزدادت في السنوات الأخيرة وتوقفت عملية السلام مع الأكراد فلذلك يمكن ان تقوم أمريكا باللعب بالورقة الكردية في هذا الوقت الذي تشهد السياسات الخارجية التركية بعض التغيير ازاء سوريا وإحتمال تعاون الأتراك مع الروس والإيرانيين.
ويمكن لأمريكا ان تستخدم كافة العوامل التي ذكرناها لإجبار دول مثل تركيا والعراق وسوريا على تعديل سلوكها، و السياسات والتوجهات الأمريكية تثبت بأن الورقة الكردية ذات أهمية فائقة وتمنح واشنطن القدرة على إشهار هذه الورقة في وجه 4 دول مهمة في آن واحد، لكن واشنطن ستستفيد من الورقة الكردية أمام أنقرة أكثر من غيرها نظرا للأوضاع الداخلية التركية المتدهورة بعد الإنقلاب العسكري الفاشل والتوتر بين تركيا وأمريكا على خلفية قضية استرداد الداعية فتح الله غولن.
ان مسألة تشكيل دويلات كردية مستقلة هي قصة لها شجون فموضوع قيام كردستان الكبرى كان مطروحا منذ أمد بعيد لكن في الوقت الحالي الذي تعاني كل دول المنطقة من أزمات كبرى وينشغل الأكراد ايضا بلعب دور فيما يجري بالمنطقة فإن قضية تشكيل دويلات كردية تبدو مستبعدة بعض الشيء لأن ذلك سيؤدي الى تشديد الأزمة في المنطقة.
وفيما يخص سوريا أكدت كافة الدول المؤثرة على ضرورة حفظ وحدة الاراضي السورية لكن هذا لايقضي على احتمال وجود مخططات غربية خلف الستار لايجاد حكم ذاتي للأكراد.
ان النظام الفيدرالي هو أفضل نظام يلبي طموحات الشعوب مع حفظ وحدة أراضي دولهم لكن هذا النظام لايحظى بفرصة في هذه المنطقة بإستثناء العراق ولذلك يبدو مستبعدا ان يسعى أحد الى طرح موضوع الفيدرالية.
وفيما يخص تركيا لايتصور أحد طرح موضوع الحكم الذاتي او تشكيل نظام فيدرالي في المستقبل القريب ويبقى من الضروري ان يواصل الرئيس التركي اردوغان النهج الذي كان يتبعه اثناء توليه منصب رئاسة الحكومة للحيلولة دون طرح موضوع الفيدرالية أو الحكم الذاتي وهذا يعني مراعاة حقوق أكراد تركيا من الناحية الثقافية والسياسية والإجتماعية لكي لايزداد السخط الكردي.
وفي سوريا يتوقف حل المسألة الكردية على حل الأزمة السورية فإذا استمرت عملية الحل السياسي للأزمة وتم ارساء الهدنة وصياغة دستور جديد للبلاد فعندئذ يمكن لحاظ مسألة حقوق الاكراد في نص هذا الدستور لكي يتم حل القضية الكردية هناك ايضا، وفي غير هذه الحالة يمكن ان نشهد تحركات كردية نحو الإنفصال.
المصدر / الوقت