التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

لماذا تعارض السعودية الإتفاق الأخير بين روسيا وأمريكا؟ 

لم يمرّ يومان على إعلان روسيا وأمريكا التوصل لاتفاق بشأن سوريا، حتى لاحت في الأفق بوادر فشل هذا الإتفاق.

وكما هو متوقع نسبتا لطروحات الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار في كل مرة، كان المخرّب الأساسي لهذه التسويات هو أطراف المعارضة القابعة تحت حماية السعودية التي تراقب عن كثب مصالحها وأهدافها في هذا البلد.

في وقت سابق أعلن رياض حجاب، المنسق العام لائتلاف المعارضة السورية، أو مايسمى بـ”الهيئة العليا للمفاوضات” والمدعوم من قبل السعودية، رفض المعارضة أي اتفاق تتوصل إليه روسيا وأمريكا بشأن مصير سوريا إذا كان مختلفا عن رؤيتها.

وطرح منسق هذه الهيئة إتفاقاً مخيّباً للآمال كما تفضله السعودية، في تصريح له بحضور رئيس منظمة الأمم المتحدة بشأن سوريا في العاصمة لندن سابقا. وقدمت المعارضة وثيقتها النهائية للحل السوري تبدأ بإقرار هدنة مؤقتة تجري خلالها مباحثات لمدة ستة أشهر من أجل تشكيل حكومة انتقالية تضم أوجه من المعارضة. وطبقا لهذه الوثيقة، على الرئيس السوري بشار الأسد عند نهاية الستة اشهر من المباحثات أن يترك السلطة. لتقوم فيما بعد الحكومة المؤقتة بإدارة الدولة لمدة 18 شهرا، تمهد من خلالها للانتخابات الرئاسية النهائية.

وأظهر حجاب ضمن هذا السياق: إذا كان الإتفاق الذي توصل له الروس والامريكان يخالف مايتطلع إليه السوريين فلن يتم قبوله أبداً، وأكد على رفض وقف إطلاق النار طالما بقي الرئيس الأسد في السلطة وحلفائه في سوريا.

وأوضح حجاب عندما عرض الروس وقفا لإطلاق النار رفضناه فوراً أمام كيري والجبير وابدينا استعدادنا لهدنة مؤقتة شرط موافقة الفصائل على الأرض.

لكن ماهي أسباب عرقلة المعارضة المدعومة سعوديا؟

كما أشرنا سابقا، أن الهيئة العليا للمباحثات التي يترأسها رياض حجاب، تحصل على دعم شامل من السعودية، بل أكثر من هذا إن قراراتها تعود الى القرار السعودي، ولهذا لابد من اعتبار أي موقف صادر عن حجاب هو موقف السعودية في مقابل الدولة السورية.

ومن الواضح أن السعودية لم تكن راضية على الإتفاق الناجح في جنيف بين الروسي والأمريكان. ولكن ماهو دليل هذا الإعتراض؟ بشكل عام يبدو أن امتعاض سلطات الرياض يعود الى قلقها من إصرار الروس من جهة والأمريكان من جهة أخرى، على تفكيك بعض الفصائل المسلحة المتطرفة وعزلها عن المعارضين المعتدلين، الأمر الذي أثار حنق السعودية الممول الرئيسي للعديد من الفصائل الارهابية في سوريا.

وفي هذا السياق لابد من الإشارة الى “جبهة النصرة”، لاسيما بعد أن أعلنت في وقت سابق بعد اندلاع الحرب السورية انضمامها الى تنظيم القاعدة الإرهابي، معلنة عن افتتاح فرع للتنظيم المتطرف في سوريا، ولكن بعد التحولات الميدانية والدولية الأخيرة، أجبر التنظيم الى تغيير اسمه من “جبهة النصرة” الى “جبهة فتح الشام” حتى يتسنى له إنقاذ نفسه من القائمة السوداء للمجموعات الارهابية، وبالتالي يتمكن من استيفاء دورا مهما في تحديد مستقبل الدولة السورية، وهذه المبادرة التي جاءت من قبل التنظيم كانت بأوامر سعودية مباشرة.

يعتقد بعض الخبراء بأن أهم مكسب حصلت عليه روسيا من الإتفاق مع أمريكا، أنها فرضت على الأخيرة أن تتعاون معها في التنسيق من أجل ضرب الإرهاب في سوريا ولوضع التنظيمات الارهابية على غرار (جبهة النصرة أي فتح الشام مؤخراً) وتنظيم داعش ضمن القائمة السوداء.

وربما يعود السبب الأساسي في اعتراض السعوديين على الإتفاق، هو استبعاد واشنطن لها من المشاورات التي أجرتها مع موسكو بشأن فرض هدنة تكون كبداية الطريق لحل الأزمة في سوريا. علاوة على هذا الأمر، تأججت التوترات بين الرياض وواشنطن بعد تقديم العديد من أسر ضحايا أحداث 11 سبتمبر شكاوى ضد السعودية، مما أثار مخاوفا بالنسبة لأصحاب القرار في امريكا.

ماهو مصير الإتفاق الروسي- الأمريكي الأخير؟

يعزو المحللون نجاح التوافق الأخير بين موسكو وواشنطن بشأن سوريا، الى مقدار تمكن الأمريكان من إقناع فصائل المعارضة بالإنشقاق عن المجموعات المتطرفة على غرار جبهة النصرة، مقابل تمكن روسيا من إقناع الدولة السورية بالحد من حملاتها الجوية على المسلحين في سوريا.

وطبقا لما ورد، يمكننا التنبؤ بمدى الإلتزام الذي سنشهده من قبل الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة حجاب، والتي تسعى لإثبات دورها المهم في عملية المصالحة السورية، وسيتمثل هذا الإلتزام بعدم خرق التوافق الأخير. إلا أن بعض المجموعات المنبثقة عن هذه الهيئة تعمل على نقض هذه الهدنة لتدخل في مرحلة جديدة من هذه الحرب، أي بدء العمليات الروسية الامريكية المشتركة لدحر الإرهابيين. ومن الطبيعي أن يكون التنسيق والتعاون الأخير بين كل من روسيا وامريكا، ضريبة كبيرة ستدفعها السعودية وحلفائها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق