التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

رباعية أبو مازن العربية.. شكَّلها ومن ثم ندم! 

بادرت “رباعية عربية” تتضمن كلاً من مصر والأردن والسعودية والإمارات بتشكيل خارطة طريق مكونة من ثلاث خطوات، لإنهاء انقسام فتح والمصالحة مع “حماس” وبدء مفاوضات مباشرة مع الکيان الإسرائيلي، والتي جعلها اعتراض أبو مازن عقيمة.

خلال الأسبوعين الماضيين صبّت وسائل الإعلام العربية جلّ اهتمامها على المبادرة “الأردنية المصرية” المدعومة سعوديًا وإماراتيًا، والتي تنص على طرح خارطة طريق تتضمن ثلاث خطوات، والهدف منها توحيد جناحي حركة فتح، والمصالحة بين “فتح” و”حماس”، والتحرك على المستوى الدولي لإجراء مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

اعتقد الكثيرون أن خطوات “الرباعية العربية” المتمثلة في وقف المواجهة الإعلامية بين جناحي «فتح»، ستعود بالنفع على الحركة من خلال تشكيل قوائم انتخابية موحدة لها في الضفة الغربية وقطاع غزة في الانتخابات المحلية، وأخيرًا إعادة المفصولين إلى صفوف حركة فتح وإرجاع رواتبهم المتوقفة، إلا أن اعتراض محمود عباس وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح كان مفاجئاً، حيث دعا الطرفان الدول التي بادرت إلى هذه الخطوات الى عدم التدخل بالشأن الفلسطيني الداخلي.

رفض مرتد على المبادرة المصرية

وفي الفترة التي كان فيها الجميع يترقب بدء تنفيذ الخطوات الثلاث المطروحة من قبل الرباعية العربية، ظهر بيان اللجنة المركزية الرسمي للحركة صادما، والذي طالب فيه نائب رئيس الحركة جبريل الرجوب الدول العربية بوقف تدخلاتها في الشؤون الفلسطينية الداخلية.

وتوجّه جبريل الرجوب الذي يترأس الهيئة السياسية الأمنية في حركة فتح، برفقة أربعة من أعضاء اللجنة المركزية للحركة واللواء “ماجد فرج” رئيس الجهاز الأمني، الى مصر لعقد اجتماع بين مسؤولين من أربع دول عربية، وهي مصر والأردن والسعودية والإمارات، في القاهرة، خصص لبحث ملف إعادة “توحيد حركة فتح”، وبهدف إيجاد مخرج لعودة دحلان وعدد من أعضاء فريقه المفصولين لصفوف الحركة من جديد، الأمر الذي رفضه الوفد بشكل قاطع.

وموقف الرجوب من مبادرة الرباعية العربية الذي أعلنه بعيد خروجه من اجتماع القاهرة، يعتبر موقف محمود عباس على لسان الرجوب لا أكثر، والذي عقبته الدعوة الرسمية للحركة المطالبة بعدم التدخل في شؤون حركة فتح الداخلية وبأن المسائل المتعلقة بمشاكل الحركة الداخلية سيقوم المسؤولون بحلها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. لماذا عارض أبو مازن هذه المبادرة؟

حماية دحلان.. الوجه الحقيقي لهذا الرفض

منذ انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح في أغسطس 2009، ظهر خلاف بين دحلان وأبو مازن (محمود عباس) إلى العلن، ومازال هذا الخلاف قائماً حتى الوقت الراهن. توجد العديد من الخلافات داخل حركة فتح إلا أن هذا النزاع بين أكبر مسؤولين في الحركة لم يسبق أن حصل، فهو صراع على إثبات القوة والسيطرة داخل الحركة.

ابو مازن الذي يقبع على رأس التشكيلات المستقلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، يرى نفسه منذ البداية في هذا المقام. مساعي دحلان للعودة الى الحركة من خلال كسب دعم المؤيدين له، يعد من أكبر المخاطر التي تهدد مكانة محمود عباس داخل فتح. وعلى الرغم من أن عباس لديه خلافات كثيرة مع عدة شخصيات مرموقة داخل فتح، إلا أنه يقوم باستبعاد دحلان عن ساحة المنافسة بشكل نهائي، حتى لايتسنى للأخير تهديد منصب أبو مازن في الحركة، الأمر الذي يضيء بان الشخص الوحيد القادر على احتلال كرسي عباس هو دحلان. ولهذا السبب رفض أبو مازن مبادرة الرباعية العربية بشكل قطعي بشأن المصالحة مع دحلان وإعادته الى الحركة.

على خلاف التوقعات التي سادت خلال الأيام الماضية، في أعقاب ما ظهر من اهتمام مصري أردني بإتمام عملية مصالحة بين الرئيس محمود عباس، والنائب محمد دحلان، تنتهي بإعادة الأخير لصفوف حركة فتح، خلا بيان اللجنة المركزية للحركة، من أي إشارات توحي بذلك، بالتزامن مع تصريحات لقيادات كبيرة من الحركة، أكدت وجود مبالغة في الطرح، وأن الملف برمته لا يندرج ضمن «الخصام الشخصي» لينتهي بوساطة. وأكدت أيضا أن الأنباء التي تحدثت عن قرب عودة الرجل لرام الله لا أساس لها من الصحة.

وتقول المصادر إن مسؤولين من الأردن والإمارات كانوا يدفعون أكثر خلال اللقاء باتجاه إعادة دحلان، خلال جلسة النقاش، وإنه، أي دحلان، الذي كان وقتها في القاهرة، انتقل إلى العاصمة الأردنية عمان بعد انتهاء تلك اللقاءات.

وتداولت وسائل الإعلام العربية أنباء عن وجود ضغط عربي يتركز من جهة الأردن والإمارات ومصر، لعقد هذه المصالحة، الذي ظهر خلال قمة جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالملك الأردني عبد الله الثاني مؤخرا.

وفي أطر حركة فتح العليا، وخاصة في اللجنة المركزية وبين الأقطاب المؤثرة في المجلس الثوري للحركة، يتوقع أن يستمر هذا الضغط لفترة وجيزة، على غرار مرات سابقة، قبل أن يتناسى الملف من جديد، حيث ترجع المصادر القيادية في حركة فتح سبب الضغط والتحرك العربي الجديد لإعادة دحلان، إلى طلب من دولة الإمارات التي يقيم فيها الرجل منذ أن فصل من الحركة.

وقطع اللواء سلطان أبو العينين الطريق أمام ما جرت الإشارة إليه حول قرب اتمام مصالحة مع دحلان، وأكد في تصريحات لوكالة «معا» المحلية، أن دحلان ليس مشمولاً بقرار عودة المفصولين من حركة فتح، والمقدرين رسمياً بـ 17 عضواً، في تصريحات فهم منها أن هناك أشخاصا مفصولين من الممكن أن يعودوا لصفوف الحركة.

وشكلت اللجنة المركزية لحركة فتح لجنة خاصة لبحث مجموعة طلبات تسلمتها حول عودة المفصولين من الحركة، وستكلف اللجنة بمقابلة كل عضو مفصول على حدة للبتّ بأمرهم، وثم رفع توصياتها للمركزية لاتخاذ قرارها في ذلك.

وهؤلاء المفصولون وبينهم نواب وأعضاء مجلس تشريعي اتهموا من قبل بالعمل ضمن ما يعرف باسم «تيار دحلان» ووجهت لهم تهم «التجنح».

لماذا كل هذه الضغوط العربية الداعمة لدحلان

اقتربت فلسطين في الوقت الراهن من سباق انتخابات المجالس المحلية والبلدية. وفيما يبدو بأن فتح هي صاحبة الحظ الأوفر في هذه الانتخابات. وطرحت مجموعات الخماسية اليسارية لمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال تنسيقها مع حركة فتح ولملئ الفجوات الظاهرة في الحركة، قائمة مستقلة من المرشحين، لاسيما أن اغلب الشخصيات في الحركة ترغب في المشاركة بشكل مستقل في هذه الانتخابات سواء من خلال جدول الحركة أو من خلال جداول أخرى.

نستخلص مما سبق ذكره بأن بعض الدول العربية توصلت الى قرارها بحماية دحلان، وهذا القرار لايمكنها اتخاذه إلا في حال تلقت الضوء الأخضر من الغرب. مع كل ما ورد يظهر جليا بأن المتضرر الوحيد مما يحصل هو محمود عباس (أبو مازن)، ولهذا سيصب جلّ اهتمامه على رفض المصالحة مع دحلان، ورفض أي مبادرة عربية تشكل قلعة تحمي منافسه اللدود دحلان.

تقول مصادر واسعة الاطلاع على الملف الفتحاوي: إن عباس يتبنى موقفا عنيدا ضد عودة بعض المفصولين إلى صفوف «فتح».

جدير بالذكر أن محمود عباس، ويكنى بـ أبو مازن، الرئيس الثالث للسلطة الوطنية الفلسطينية منذ 15 يناير 2005، أثار جدلا في الشارع العربي والاسلامي، بشأن لقاءاته العديدة مع أصحاب القرار في الكيان الاسرائيلي. وكقائد لحركة فتح يعترف بوجود الكيان الإسرائيلي، ويشغل منصب رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية منذ 11 نوفمبر 2004 بعد وفاة زعيمها ياسر عرفات.

أما عن محمد يوسف شاكر دحلان، فهو قيادي في حركة فتح، وسياسي فلسطيني، ورئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة. فصلته اللجنة المركزية لحركة فتح بعد تقرير يتعرض لقضايا جنائية ومالية وأحيل للقضاء على إثرها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق