التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

اللواء قاسم سليماني يطوي صفحةً طويلةً من الحرب النفسية الأمريكية بقلم! 

خرج اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس، ليطوي صفحةً طويلةً من الحرب النفسية التي تشنها أمريكا وأعوانها، عبر بيانٍ مُختصرٍ وواضح. لم يكن اللواء سليماني بحاجةٍ لأكثر من أسطرٍ خطَّها قلمه، ليُنهي حرباً خططت لها الأدمغة الأمريكية وعملت على تنفيذها أمريكا وأدواتها منذ فترة بهدف بثِّ الإنقسام والفتنة في الداخل الإيراني. بيانٌ مُقتضبٌ لا يحمل في دلالاته إلا حجم القوة في التأثير. فقد صدق العالم بأن الرجل يتمتع بشعبية، تجعله يكتفي بالإشارة، ليمشي خلفه الشعب الإيراني الذي يُقدره ويحترمه. فماذا في مسلسل الترويج الغربي والعربي وأهداف ذلك؟ وما هو بيان اللواء سليماني ودلالاته؟

الترويج الغربي وملحقاته العربية

لسنا في صدد الرد على الترويجات التي ملأت الإعلام الغربي والعربي الحليف للسياسة الأمريكية، لكن سنُشير الى نموذجين مع وضوح الفارق الزمني بينهما، يُعبِّران عن المساعي الدؤوبة لإظهار شعبية اللواء سليماني بهدف تعزيز التفرقة بين مكونات الشعب الإيراني:

– في الثالث من شهر حزيران المنصرم خرجت قناة العربية، وعبر تقريرٍ مُفصَّل تحت عنوان “من هو قاسم سليماني العقل المدبر للإرهاب الإيراني؟”. حاول المقال الذي يبدو أن العربية عملت طويلاً في إعداده، على تقديم اللواء سليماني كخيارٍ وحيد للتيار الذي تصفه بالمُتشدد للإنتخابات الرئاسية، معتبرةً أنه يُمثِّل “الدولة العميقة” في إيران والتي تخالف التيارات الإصلاحية بحسب تعبيرها. مُذكِّرةً أنه مطلوبٌ بتهمة الإرهاب الدولي، خصوصاً لدعمه حركات المقاومة عبر سياساتٍ ذكية خطَّها، وتحديداً قلبه للموازنات في العراق وتنسيقه مع حزب الله.

– بتاريخ 7 آذار من العام 2015 نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، مقالاً تحت عنوان “الجنرال قاسم سليماني: النجم الإيراني الصاعد”، حاولت من خلاله تسليط الضوء على أهمية اللواء سليماني وإمكانية ترشحه للإنتخابات الإيرانية 2017، خصوصاً بعد أن زادت شعبيته. فيما لم يُخف المقال إعتراف الأمريكيين بالحاجة له في حل مشكلات الإقليم.

أهداف الغرب من ترويجاته

لا شك أن الغرب وبحسب طبيعته القائمة على بث الفتن وتعزيز الإنقسامات، يسعى ومازل من أجل إنجاح سياسته في هذا المجال، لا سيما ضد محور المقاومة وفي مقدمته إيران. وهو الأمر الذي ينطبق على محاولات الغرب الترويجية. فيما يمكن إبراز أهداف الغرب من خلال التالي:

أولاً: يسعى الغرب للترويج لوجود إختلافٍ جوهري داخلي في إيران. خصوصاً من خلال ترويجه لخلافٍ بين قائد فيلق القدس ورئيس الجمهورية الإيرانية. حيث يسعى من خلال الشكل، لتعميم صورة وجود خلافٍ بين القيادة العسكرية ورجال الدين من جهة، ومن خلال المضمون، العمل على ترسيخ حالة من الشرخ في التوجهات من جهة أخرى، وهو الأمر الذي لا يوافق واقع الأمور.

ثانياً: إنطلاقاً من الهدف الأول الذي أشرنا إليه، يسعى المُخطط لتعزيز فكرة الخلاف حول المسارات الإستراتيجية لإيران. مما يجعله – أي الغرب – قادراً على استنزاف السياسة الإيرانية لا سيما على الصعيد الدولي وتحديداً في ملفات سوريا، اليمن والعراق. خصوصاً بعد أن فشل حلفاء واشنطن في تحقيق أي نجاح ملموس على الصعيدين السياسي والعسكري.

ثالثاً: إن العمل على إيجاد شرخ داخلي، يُمكِّن الغرب بحسب رؤيته، من إثبات وجود قطبين في السياسة الإيرانية، قطب يؤمن بخيار المقاومة وقطب آخر يسعى للجلوس والتفاوض. وهو الأمر الذي تضحده طبيعة الحكم في إيران وآليات السياسة الإيرانية لا سيما الخارجية، والتي يبدو أن أمريكا والغرب لم يفهمها حتى اليوم.

بيان قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني

أصدر قائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، بياناً أكد فيه أنه سيبقى جندياً مدى العمر للولي الفقيه قائد الثورة الإسلامية والنظام الإسلامي والشعب الإيراني. البيان جاء رداً على الأجواء الإعلامية ومحاولات الحرب النفسية للإعلام المعادي، والتي أُثيرت خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً من قبل مسؤولين أمريكيين، والذين صرَّحوا بمدى شعبية اللواء قاسم سليماني المُتزايدة لدى الشعب الإيراني.

إستهل اللواء سليماني بيانه بتقديمه التحية لقائد الثورة الإسلامية والشعب الإيراني الأبي قائلاً: “إن الجبهة المعادية تهدف دوماً لإثارة الفرقة والمواجهة بين صفوف أبناء الشعب الإيراني الثوري والمُوحَّد لذا ينبغي عدم إيلاء الإهتمام لأي تصريحات تأتي من هذه الجهة.” وأضاف مُفتخراً: “إني أبسط جندي من جنود الولي الفقيه قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، ونظام الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني البطل أغلى عليَّ من نفسي. وإن شاء الله وبعونه سبحانه وتعالى سأبقى مدى العمر في هذا الموقع “.

أخيراً، دعا اللواء سليماني أبناء الشعب الى عدم إيلاء أدنى اهتمام للتصريحات المُخادعة والمثيرة للفرقة التي يبثها الأعداء لتحقيق مآربه المشؤومة.

البيان: دلالاتٌ وحقائق

لا شك أن البيان يعكس العديد من الدلالات والحقائق:

أولاً: محبوبية اللواء قاسم سليماني من قبل الشعب الإيراني، وإنتماؤه الكبير لبلده إيران بكافة طبقاته وأطيافه السياسية. خصوصاً من خلال تأكيده على أهمية دور الجندي بالنسبة للشعب والثورة والنظام والدولة والقيادة. وهو الأمر الذي لا يحمل فقط رسالة عن تواضع قائد فيلق القدس بل دليلاً على أحقية القوى العسكرية الإيرانية بكافة تفرعاتها في جعله نموذجاً وقدوة.

ثانياً: وجود وحدة في الداخل الإيراني هي أقوى من كل مُخططات الغرب وأمريكا وبعض العرب الذين يحذون حذوها. خصوصاً بعد أن فشلت كافة المحاولات الخارجية لبث الخلافات. حيث أن جميع الأطراف السياسية في إيران، تعمل وفق توجيهات مرشد الثورة الإسلامية. وهو الأمر الذي لا يعني عدم وجود اختلافات في وجهات النظر بين الفرقاء الإيرانيين. بل إن طبيعة النظام الديناميكية وآليات العمل السياسية تجعل من هذه الإختلافات فرصة لتطوير السياسة الإيرانية على الصعد كافة وضمن الأفق الذي ينص عليه الدستور والخبراء.

ثالثاً: أثبت اللواء سليماني أنه وبالرغم من شعبيته والتي صدق الغرب في توصيفها بأنها كبيرة، لا يطمح للنجومية، على الرغم من أنه أصبح أحد رجالات إيران التي دخلت التاريخ. وهو بذلك أكد على أن سلوكه لا يهدف لزيادة مُحبِّيه بقدر ما يعتبره واجباً أمام بلده إيران والشعب الإيراني والثورة الإسلامية وقائدها. وهو بالتالي أكد بُعده عن الدخول في اللعبة السياسية الداخلية وبقائه في موقعه ومسؤولياته والتي لا تبتعد في تأثيرها الإستراتيجي عن السياسة.

طوى اللواء قاسم سليماني صفحة الحرب النفسية بأسطر. فالرجل الذي يعرفه جيداً أدمغة التخطيط في واشنطن وغيرها من العواصم، أجابهم بما يستحقونه دون الحاجة للكثير من التعبير أو العناء في التنفيذ. كلماتٌ عديدة، وأسطرٌ معدودة، أنهت حرباً ظن الأمريكيون أنهم من خلالها سيزرعون خلافاً في الداخل الإيراني. لكن خططهم وأساليبهم راحت كلُّها مهبَّ الريح. فقد طوى اللواء قاسم سليماني صفحة حربهم النفسية الطويلة بقلم!
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق