التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

تنظيم “داعش” الارهابي واحتمالات إنتشاره في شمال أفريقيا 

بعد الهزائم الكبيرة التي مني بها تنظيم “داعش” الارهابي في سوريا والعراق، وسط حقيقة أن القواعد التي سعي التنظيم لتأسيسها منذ عام 2014 بات يخسرها واحدة تلو الأخرى، السؤال الذي يطرح نفسه هل يوجد خطة لدى التنظيم الارهابي للانتقال إلى موضع آخر في العالم الإسلامي؟

حيث تشير أنشطة الإرهابيين التابعين لداعش أن عيونهم تتجه إلى مكان ما، وبعد دراسة عمليات التنظيم الارهابي خارج العراق وسوريا، يمكن للمرء أن يستنتج أن معقل التنظيم المقبل سيكون في منطقة شمال إفريقيا، وعلى الأرجح في ليبيا.

حيث تظهر مؤشرات التنظيم الارهابي أن معدل المكاسب التي تحققت له في ليبيا هي جداً مماثلة لبدايات الأزمة العراقية والسورية.

فبعد سقوط معمر القذافي، الديكتاتور الليبي، كانت هناك صراعات وحروب داخلية لا نهاية لها في ليبيا، وحالياً، هناك نوعان من الحكومات التي تحكم ليبيا والتي تسيطر على أجزاء مختلفة من البلاد، فواحدة من هذه الحكومات هي علمانية، والأخرى إسلامية، وكنتيجة طبيعية لهذا الخلاف، فإن الجيش الليبي هو أيضا في حالة سيئة جداً.

وبصرف النظر عن الضعف العسكري الذي تعاني منه ليبيا، هناك عوامل أخرى تجعل هذا البلد مناسباً في عيون تنظيم “داعش” الارهابي:

الاول: ليبيا تمتلك احتياطيات كبيرة من الطاقة مثل احتياطيات النفط في المناطق الشمالية، والتي يمكن أن تكون بديلاً جيداً للمناطق التي خسرها التنظيم في العراق وسوريا.

الثاني: ليبيا تمتلك ممراً بحرياً إلى أوروبا.

الثالث: ليبيا قريبة من دول غير مستقرة في أفريقيا مثل مصر، والجزائر، والسودان.

وهذه كلها أسباب تجعل ليبيا منبراً للتنظيم الارهابي يطمح في صعوده والاستيلاء عليه، وبشكل أخص أن الإرهابيين يفقدون حالياً الأسس الاستراتيجية في العراق وسوريا.

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، وبعد الهزيمة الثقيلة التي مني بها تنظيم “داعش” الارهابي في الفلوجة، تم تداول انباء تفيد بأن هناك نقلاً جماعياً لقادة ورجال الدين البارزين الذين يتبعون التنظيم إلى مدينة “سرت” الليبية، فسرت هي قاعدة تنظيم “داعش” في شمال ليبيا، والسؤال الذي على المجتمع الدولي وخاصة أوروبا أن يجيب عليه هو: هل من الممكن منع تنظيم “داعش” من الإنتشار في شمال أفريقيا؟ وبعبارة أخرى، هل سيناريو هزيمة تنظيم “داعش” في العراق يمكن تكرارها في أفريقيا؟

للإجابة على هذا السؤال، لا بد من النظر في أسباب وعوامل هزيمة تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، ومن ثم دراسة إمكانية تطبيق نفس العوامل في شمال أفريقيا.

دور اللاعبين الأجانب في قمع تنظيم “داعش” الارهابي

إنه ومن خلال إنشاء التنظيم مواقع له في ليبيا فإن أمن أوروبا، ولا سيما ساحلها الجنوبي، قد تراجع بشكل كبير، وأجهزة الاستخبارات الأوروبية تفهم هذا الوضع أفضل من أي منظمة أخرى، لأنها تحاول حالياً السيطرة على خلايا إرهابية تنشط في بلدانهم، وعلى هذا الأساس، إذا استمر وجود تنظيم “داعش” في ليبيا بشكل كبير ومطرد، فإنه من المتوقع أن تتخذ أوروبا تدابير جدية في التعامل مع هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية.

وستقوم أوروبا بإتخاذ محاولات لقطع والسيطرة على الدعم الإقليمي الذي يتلقاه تنظيم “داعش” الإرهابي أيضاً، وإن وجود الهجمات الجوية العسكرية الواسعة لحلف الناتو ضمن التحالف الأوروبي هو أمر محتمل في المستقبل، وبالتالي، فإنه يمكن التكهن بأن الدول الإقليمية ستتخذ موقفا تجاه الأزمة الليبية مشابهاً لموقف وأنشطة أمريکا وبعض الدول الأوروبية تجاه العراق وسوريا.

الوحدة الوطنية

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، ركز اللاعبون الدوليون والإقليميون جهودهم الرامية إلى إنشاء ودعم حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، هذه الجهود تدل على الاهتمام الدولي لعدم وجود حكومة مركزية وقوية في ليبيا، ومع ذلك، فإن استمرار الصراعات السياسية والعسكرية بين الجماعات المختلفة في البلاد، سوف يساعد بالتأكيد على إنشاء ونمو مجموعة مثل تنظيم “داعش” في ليبيا.

ويبدو أنه وفي المستقبل القريب، سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا، بدعم مباشر من الدول الغربية، لكن من غير المرجح جدا أن تشكيل مثل هذه الحكومة ستكون قادرة على حل القضايا والمشاكل الأساسية التي ستكون موجودة بين الجماعات والأحزاب المختلفة في ليبيا، مع وصول قادة تنظيم “داعش” وعدد كبير من الإرهابيين إلى “سرت”، وسط تزايد قوة هذا التنظيم الارهابي في ليبيا، فتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا من أجل محاربة الإرهابيين التابعين لتنظيم “داعش” الارهابي بات من الصعب جداً.

المقاومة

مما لا شك فيه، أن عمليات تنظيم “داعش” الارهابي في ليبيا سوف تتصاعد بالفترة المقبلة، فمن المحتمل جداً أن العوامل المشار إليها أعلاه سوف تتحقق، مع أوجه التشابه والاختلاف مع ما حدث في سوريا والعراق، ولكن ما يحدث فرقاً كبيراً في مكافحة التهديدات الإرهابية بين العالم الشرقي الإسلامي (وخصوصا في العراق وسوريا) والعالم الإسلامي الغربي (وخاصة ليبيا) هو عدم وجود العامل الأكثر أهمية في مكافحة الإرهاب، الذي هو المقاومة.

فدول شمال إفريقيا عموما تفتقر إلى مفهوم المقاومة الشعبية، وحتى الهيكل الديني القديم مثل الأزهر تفتقر لدعم الجمهور، وذلك بسبب مواقفه شديدة المحافظة والمواءمة التاريخية تجاه القوى الديكتاتورية، فحتى لو وجد مثل هذا الهيكل، فإن منطقة شمال أفريقيا تفتقر إلى البنية التحتية التشغيلية اللازمة لتحقيق الاستفادة التي تلزم منه.

ففي العراق وسوريا، قد تم تفعيل القدرات المحتملة للمقاومة الإسلامية من خلال محور المقاومة والذي تجلى في منظمات مختلفة، مثل الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان. ومع ذلك، فإن الوضع هو قصة مختلفة تماماً في شمال أفريقيا، فالدول في هذه المنطقة تفتقر إما بشكل كامل للبنية التحتية التي تعتبر بأن هناك حاجة للمقاومة، أو مثل مصر، مع بنية عسكرية وأمنية تقليدية جداً وكلاسيكية، وليس لديها القوة اللازمة للتعامل مع التهديدات الأمنية الحديثة مثل التهديدات التي يمثلها تنظيم “داعش” الارهابي، ففي الواقع، كان الجيش المصري قادراً على بسط الأمن الكامل في سيناء، وهذا يدل أيضا على دور وأهمية المقاومة في توفير الأمن.

لذا، ونظرا لعدم وجود المقاومة في شمال أفريقيا، تتعرض المناطق المحيطة بها مثل مناطق شرق ووسط أفريقيا، وحتى الشواطئ الجنوبية لأوروبا لتهديد تنظيم “داعش” الإرهابي، أيضا، فإن الوضع في هذه المناطق هو غامض للغاية، وستكون افريقيا في المستقبل من هذه المناطق تعتمد على قرار الدول الغربية وحلفائها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق