التحديات الأمنية التي تواجه تركيا في العراق
هناك جذور تاريخية للمشاكل والقضايا العالقة الحالية بين العراق وتركيا والتي تؤثر بأشكال مختلفة على العلاقات الثنائية بين البلدين وقد أثر الغزو الأمريكي للعراق على هذه العلاقات أيضا وخلق ظروفا ومناخا خاصا، وما يزيد من تعقيد الأوضاع هو النشاط الاسرائيلي المريب في شمالي العراق والتواجد الأمريكي ايضا في هذا البلد وضبابية المستقبل السياسي للعراق ونمو الجماعات المتطرفة التكفيرية في هذا البلد والتي وجدت بمعظمها بسبب الغزو الأمريكي.
التحديات الأمنية التي تواجه تركيا في العراق
1- ضعف الحكومة المركزية في العراق
ان ضعف الحكومة المركزية في العراق والمشاكل والقضايا العديدة التي تواجهها هذه الحكومة سلبت هذه الحكومة القدرة على ابداء الرد المناسب على إنعدام الأمن والإستقرار، ان الحكومة المركزية في العراق تصب حاليا كل جهدها على قضية توفير الأمن في مواجهة المسلحين والجماعات الإرهابية وقد أصبحت باقي القضايا قضايا ثانوية وهذا يشكل تهديدا كبيرا لأمن الحدود التركية.
2- فشل سياسة جعل المناطق التركمانية مناطق تابعة لتركيا
منذ منتصف التسعينيات إتخذ الساسة الأتراك سياسات جديدة حيال العراق وقد عمد هؤلاء الى استئناف التعامل الإقتصادي مع العراق في إطار خطة ” النفط مقابل الغذاء” وبموازاة ذلك دعموا التركمان العراقيين الذين يشكلون أقلية صغيرة جدا في هذا البلد ونفذوا سياسة جعل المدن المهمة مثل أربيل ودهوك مدنا تركية الإنتماء، وقد باشرت تركيا الى نشر الثقافة التركية وتغيير النسيج الديمغرافي للمناطق المحاذية لحدودها لكن هجوم تنظيم داعش على هذه المناطق والاشتباكات الجارية بين الحكومة العراقية والجماعات الإرهابية قد قضت على الإستثمارات التركية بعيدة الأمد في هذه المناطق.
3- استمرار التهديد الكردي
في التسعينيات من القرن الماضي وحتى بعد سقوط نظام صدام حسين كانت تركيا تحرص بكل يقظة على أن لا يؤدي فراغ السلطة الذي حصل بعد ايجاد مناطق آمنة في شمال العراق الى إستقلال الأكراد كما كانت أنقرة تسعى الى منع حصول علاقة مباشرة ومؤثرة بين أكراد العراق والأكراد الإنفصاليين في تركيا لكن ورغم ذلك نجد ان أكراد العراق يبحثون الآن عن تحقيق حلم تشكيل دولة مستقلة لهم.
ورغم أن الساسة الأتراك يلتزمون الصمت حيال هذا الأمر أو يسايرون أكراد العراق لكن الحقيقة هي أن هذا الموضوع لا يروق لتركيا على المدى الطويل لأن الإستراتيجية التركية بشكل عام تعتبر أوضاع الأكراد في زمن صدام أفضل لتركيا من أوضاعهم الراهنة، ولذلك يمكن القول ان أوضاع الأكراد ومستقبلهم السياسي يعتبر من أهم هواجس تركيا في شمال العراق وان الخوف من النزعة الإنفصالية الموجودة لدى أكراد العراق وتوحدهم مع أكراد تركيا يعتبر من أهم أسباب التدخل التركي.
ان تركيا تخشى ان تؤدي تحركات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق الى تشديد الإضطرابات في المناطق التي يقطنها الأكراد في تركيا أو ان يتحول أكراد العراق الى أنموذج لأكراد تركيا.
4- تزايد النشاط الإسرائيلي
رغم عدم وجود توتر جدي بين تركيا والكيان الإسرائيلي في الملفات المختلفة لكن يبدو ان هناك خلاف بين الجانبين حول الملف الكردي، فتركيا ينتابها قلق من النشاطات الإسرائيلية المريبة وعلاقات تل أبيب مع أكراد العراق لأن الكيان الإسرائيلي يدعم تشكيل حكومة كردية مستقلة في شمالي العراق لكي يخرج نفسه من العزلة الإقليمية ويشكل تحالفا مع دولة غير عربية ضد الدول العربية (حسب نظرية بن غوريون).
ان تواجد الكيان الإسرائيلي في شمالي العراق ودعم هذا الكيان لقيام دولة كردية يشكل هاجسا كبيرا تعاني منه تركيا على مدى الأعوام الماضية، فتركيا تخشى ان يقدم الكيان الإسرائيلي على ايجاد قاعدة في شمالي العراق بمساعدة الأكراد لمواجهة تهديدات دول الشرق الأوسط.
المصدر / الوقت