العلاقات الهندية الأمريكية .. استراتيجية إقليمية و تداعيات عالمية
تشهد العلاقات الهندية الامريكة تحسنا متزايدا خلال السنوات الأخيرة خاصة مع مجيء حزب بهاراتيا جاناتا الى الحكم، فالحكومة الهندية الآن هي ذات نزعات قومية هندوسية وهي تمثل الأغنياء ولذلك تميل نحو الغرب وتنظر الى الصين كعدو لدود كما تعادي الدين الإسلامي وهذا كله يزيد من تقاربها من واشنطن. أما امريكا ايضا تريد تعزيز علاقاتها مع الهند لأسباب عدة أهمها مراقبة الصين وباكستان وأيضا الملف الأفغاني.
أهداف أمريكا والهند من تعزيز العلاقات
احتواء الصين
تعتبر الصين ثاني اكبر اقتصاد عالمي وهي راغبة في الدخول الى الملفات الأمنية وقد تدخلت في مفاوضات السلام في أفغانستان وقدمت الدعم العسكري والأمني لحكومة كابول وفي نفس الوقت مدت جسور العلاقات مع طالبان ودخلت بقوة أكبر في النزاع في بحر الصين الجنوبي وذلك بهدف الاستفادة من قدراتها الإقتصادية في بسط سيطرتها الأمنية.
والان تريد أمريكا استغلال النزاع الحدودي الموجود بين الصين والهند والتنافس الموجود بين البلدين واحتواء الصين عبر توسيع علاقاتها مع الهند وقد انتشرت أنباء عن عزم أمريكا والهند على ارسال اسطول بحري مشترك الى بحر الصين الجنوبي وهذا يستهدف الصين بالدرجة الأولى.
مجاراة السياسات الامريكية في افغانستان
تعتبر افغانستان بلدا تجري فيه حرب هندية بالوكالة ضد باكستان والان تصرف الهند اموالا طائلة في افغانستان وسط تورط أمريكي منذ 15 عاما في المستنقع الأفغاني بينما يحمل الأمريكيون مسؤولية ذلك على باكستان.
وتتلاقى المصالح الهندية والامريكية في أفغانستان ضد باكستان لكن الحقيقة المرة هي ان هذا الأمر سيدفع باكستان نحو المزيد من ممارسة الدور السلبي في أفغانستان وإشتداد الأزمة.
الدخول الى مناطق النفوذ الروسي
كان الروس في السابق الحلفاء التقليديين للهنود لكن أمريكا بدأت تدخل شيئا فشيئا على الخط وباتت تتعاون في مجال الطاقة النووية والاسلحة التقليدية مع الهند وسيؤدي إستمرار هذا التعاون الى تقويض العلاقات الهندية الروسية.
الإستعداد الهندي للتعاون مع الكيان الإسرائيلي
ان الهنود مستعدون فكريا وسياسيا للتعاون مع الكيان الإسرائيلي نظرا لوجود نزعة عنصرية لدى كلا الطرفين وهذا من ضمن الإستراتيجيات الأمريكية.
ان الهند فيها سوق يقدر بمليار و200 مليون شخص وهذا مهم بالنسبة للإقتصاد الامريكي الذي يعاني من صعوبات كما يمكن للهند ان تصبح أفضل شريكة لامريكا ليصبح ميزان القوى لصالح الأمريكيين في آسيا.
الهند قوة إقليمية وليست لها طموحات عالمية وان مطالبها الإقليمية لاتتعارض مع المصالح الأمريكية ولذلك تساعد نيودلهي النفوذ الامريكي بالمنطقة وتزيد من ثقلها الإقليمي.
ويعتقد الهنود انهم لن يتمتعوا بالدعم الروسي في مواجهتهم مع الصين لكنهم واثقون من الدعم الأمريكي لهم في مثل هذه المواجهة.
ومن جهة أخرى تحتاج الهند الى رأس المال والتكنولوجيا والتعليم من أجل التنمية المستدامة وهذا موجود لدى الامريكيين.
ماذا ستفعل باكستان؟
كانت باكستان دوما أداة بالنسبة للأمريكيين يستخدونها حين يشاؤون ويضعونها جانبا حينما يشاؤون أيضا وان السلوك الامريكي تجاه القدرات النووية الباكستانية خير دليل على ذلك.
ان الامريكان استفادوا من باكستان في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر لكن حينما أرادت اسلام آباد قطف ثمار هذا التعاون أدار الأمريكان لها الظهر وهكذا يمكن القول بالفم الملآن ان أمريكا تعتبر باكستان مجرد أداة وتركز على الهند في علاقاتها الإستراتيجية.
وفي المقابل يمكن للباكستانيين ان يقتربوا بشكل أكبر من الصين الآن ويزيدوا ترسانتهم النووية كما يمكنهم الإقتراب من روسيا أيضا والتقارب مع ايران او التلويح بذلك لإزعاج الامريكيين والضغط على الهند في قضية كشمير والضغط على حكومة كابول عبر حلفائهم الأفغان المناوئين للحكومة المركزية وهذا يدل بأن أفغانستان مقبلة على فترة صعبة وقد ظهرت بوادر ذلك في تزايد عدد العمليات المسلحة التي تشنها طالبان في أنحاء أفغانستان.
المصدر / الوقت