تصدير الإرهاب .. أداة آل سعود للنفوذ في الكرملين
كانت العلاقات الروسية السعودية طوال السنوات الماضية علاقات معقدة وشهدت تغييرات جمة، وهناك عوامل في هذه العلاقات يمكن ان تساعد على تعزيزها كما هناك ايضا عوامل تمنع تعزيزها، والان يعيش البلدان خلافات سياسية عديدة ومصالحهما الإستراتيجية تتعارض مع بعضها البعض في العديد من الحالات.
تشكل السعودية أهم مصادر الخطر الذي يهدد إستقرار ومصالح روسيا في المنطقة لأن الرياض تريد الهيمنة على العالم الإسلامي وتصدير التطرف وتدمير سوريا وشن حرب باردة ضد ايران وتأجيج المواجهة بين الشيعة والسنة وهذا يتعارض كليا مع أهداف موسكو الإستراتيجية ولذلك هناك أسباب عديدة تمنع تعزيز العلاقات بين روسيا والسعودية مثل علاقة الوهابية بالتطرف الديني والإنفصالية القومية في القوقاز الشمالية.
ان الروس قلقين بشدة من تأثر المسلمين الروس بالتيارات الوهابية والسلفية التي تدعمها السعودية لأنهم يعتقدون بأن هناك علاقة مباشرة بين التطرف الديني والنزعة الانفصالية القومية في القوقاز الشمالية وبين السياسات السعودية، وفي الحقيقة يخشى الروس من خطر انتشار الوهابية بين المسلمين الروس من القوقاز حتى سيبيريا الغربية ودعم السعودية لنشر هذا الفكر على يد عناصر دينية متطرفة تابعة للسعوديين.
والحقيقة هي ان هذه العلاقة المباشرة بين الجماعات المتطرفة في روسيا وبين المراكز السلفية الوهابية المدعومة سعوديا تهدد أمن روسيا لأن السلفيين الوهابيين السعوديين نجحوا في ايجاد موطئ قدم لهم في بعض المناطق الروسية وحصلوا على دعم بعض المسؤولين المحليين.
ان العلاقات الوشيجة بين بعض المؤسسات الحكومية الروسية مع الشبكات السلفية الوهابية يمكن مشاهدتها في شمال القوقاز وبعض مناطق ضفة نهر الفولغا ويبدو انه في حال زيادة ضخ الأموال فإن عدد هؤلاء الأشخاص في وسط روسيا سيزداد، وإضافة الى ذلك فإن معظم الإشخاص الذين ذهبوا الى السعودية لإستكمال دراساتهم الدينية لعبوا دور هاما في تطرف المسلمين الروس وتنفيذ العمليات الإرهابية في هذا البلد.
ان سيطرة السعودية على التيارات التكفيرية والوهابية الروسية ليس فقط تزيد من النفوذ السعودي في هذ البلد بل تؤثر أيضا على السياسة الخارجية الروسية، فالسعوديين على سبيل المثال يسعون الى فرض رؤيتهم على مسلمي روسيا لكي يجبروا من جهة الكرملين على وقف الدعم لدمشق ومن جهة أخرى يقوموا بتجميل صورة الإرهابيين والوهابيين في داخل روسيا وهم يروجون لهذه لفكرة بأن انتصار المتطرفين في سوريا ودعم موسكو لهم يمكن ان تؤمن مصالح روسيا السياسية واذا لم تقدم موسكو على دعم المعارضين في سوريا فإنها عدوة الإسلام.
لكن العمليات الإرهابية التي وقعت في بداية عام 2014 في مدينة فولغاغراد زادت التوتر بين موسكو والرياض فالروس يعتقدون ان هناك أدلة دامغة على تورط الرياض في هذه الهجمات الإرهابية وعندما التقى رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان بلرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو 2013 للبحث حول صفقة أسلحة روسية للسعودية بقيمة 15 مليار دولار إشترط بندر بن سلطان على الروس وقف دعمهم لسوريا، ورغم عدم اتمام الصفقة إقترح السعوديون على الروس ان يقوموا بشكل مشترك بإدارة أسواق النفط العالمية وحينما رفض بوتين هذا الإقتراح ايضا إقترح بندر ان تقوم السعودية بضمان أمن الألعاب الأولمبية في مدينة سوتشي الروسية وإبعاد خطر الجماعات الشيشانية التي تهدد أمن تلك الألعاب.
ان هذا الإقتراح بأن السعودية ستدافع عن أمن ألعاب سوتشي مقابل وقف موسكو دعمها لدمشق يدل على النفوذ السعودي على الإرهابيين والمتطرفين الدينيين في روسيا وهذا قد أثر سلبا حتى الآن على تعزيز العلاقات الرسمية بين البلدين.
المصدر / الوقت