“الجاستا الأميركية” ومقدمات كنس النظام السعودي
يبدو أن صانعي القرار الأميركي ، بدأوا يدقون ناقوس الإيذان باقتراب أوان انقشاع ” آل سعود ومملكتهم الوهابية المتحجرة ” ، بعد أن استنفدت واشنطن أغراضها من هذا الثنائي السيئ الصيت طيلة تحالف دام 71 عاما.
فبعد اللقاء الذي تم بين الرئيس الأميركي ” تيودور رزفلت ” ومؤسس مملكة آل سعود “عبد العزيز بن عبد الرحمن” ، على ظهر الباخرة الحربية الاميركية “الطراد كوينسي” يوم 14 فبراير ـ شباط 1945 في منطقة “البحيرات المرّة” بقناة السويس ، والذي اتفق فيه الرجلان على التمهيد لتأسيس دولة الكيان الصهيوني ” اسرائيل” وتسهيل الهجرات اليهودية من اوروبا الى فلسطين المحتلة ، اضافة الى تطوير اتفاقية شركة أرامكو الاميركية لإحتكار أعمال التنقيب واستخراج النفط في “مملكة التراب” ، وهي الشركة التي تعود فترة تأسيسها للعام 1933 .. أقول : بعد ذلك اللقاء ، اتخذت العلاقات الأميركية ـ السعودية طابع التواطؤ المناهض لكل التطلعات المشروعة الاسلامية والعربية والإقليمية ، عبر تخادم يلبي مآرب شركات النفط والاسلحة الأميركية أكثر مما تستفيد منه العائلة السعودية الحاكمة ، ناهيك عن الشعب المضطهد في انحاء ارض الحرمين الشريفين ونجد والإحساء.
منذ ذلك الوقت وحتى وقت قريب لم يدخر الحكام السعوديون وسعاً للبرهنة على أنهم الأكثر “حماسا ” في تنفيذ الأوامر والتعليمات الأميركية في ما يتصل بسياسات الشرق الأوسط والعالمين الاسلامي والعربي . وقد شهدت المنطقة الكثير من المواقف والسياسات السعودية التي جاءت متماهية ومنساقة تماما للاستراتيجيات التي تنتجها “مطابخ صناعة القرارات” في الولايات المتحدة ومنها البيت الأبيض والبنتاغون والكونغرس فضلا عن وكالة الاستخباراتالأميركية ألـ ” سي آي أيه” ..
فالثابت ان حكام الرياض تعاونوا مع واشنطن والصهيونية العالمية وخلافا للمصالح العربية والاسلامية ، خلال الحروب العدوانية التي شنتها ” اسرائيل” الغاصبة على العرب في الاعوام 1948 و 1956 و1967 .. وهم تطوعوا بكل رضوخ لتقويض الإنتصار السوري ـ المصري على الكيان الصهيوني في حرب 6 اكتوبر ـ تشرين عام 1973 ، في وقت كان فيه العالم الاسلامي في ذروة عنفوانه ابتهاجا بهذا التحول العظيم في مسار الصراع مع غاصبي فلسطين والأراضي العربية الأخرى.
لكنّ دورهم البغيض في معاداة الإنتصار الاسطوري اللبناني بقيادة العلامة السيد حسن نصر الله على العدو الصهيوني في حرب تموز 2006 ، يعد السلوك الأكثر عارا وفضيحة وشنارا ، على مستوى العلاقات العربية ـ العربية ، باعتبارها معاداة سخر فيها آل سعود فتاوى وهابيتهم الضالة وماكنتهم الإعلامية المغرضة للإساءة الى حزب الله والمقاومة الاسلامية الباسلة التي هزمت إسرائيل الغاصبة لفلسطين والقدس الشريف وهي في أوج غطرستها الفارغة.
على صعيد متصل دأب النظام السعودي على وضع ثروة البلاد والعباد من النفط والغاز في خدمة المشاريع الإستكبارية الصهيوأميركية ، بل وقام بإيداع مئات المليارات من أموال الشعب في البنوك الاميركية والغربية ، وهو ما أسال لعاب صناع القرار في الكونغرس لإستصدار ما سمي بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب “الجاستا” بهدف مقاضاة آل سعود على دورهم في التأهيل العقائدي للإرهابيين الذين هاجموا برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك في 11 سبتمبر 2001 وتسببوا في سقوط الكثير من الضحايا..
المثير للسخرية والدهشة في آن واحد هو ظهور الرئيس الأميركي باراك اوباما معترضا على “قانون جاستا” ، مع انه كان هو اول من فتح النارعلى حكام الرياض في تصريحات مدوية ادلى بها لمجلة (ذي اتلانتيك) في شهر مارس 2016 ـ اي حوالى قبل 6 شهور ـ واتهم فيها السعودية بتأجيج الصراعات في الشرق الأوسط !؟..
واضح ـ إذاً ـ أن ما تم اقراره بأتفاق اعضاء الكونغرس في مجلسي الشيوخ والنواب من الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة ، اي الحزبين الديمقراطي والجمهوري ، يدلّ بجلاء على ان ثمة سيناريو يصار الى تنفيذه من قبل صانعي القرار الأميركيين للإستغناء عن خدمات حكام دولة التكفير والتحجر والإستبداد ، ابتغاء الإلقاء بهم في مزبلة التاريخ لاحقا ، شأن سواهم ممن باع الأوطان والكرامة والشرف والدين والأخلاق ، نزولا عند طاعة السيد الغربي الصهيوني الذي لاينحاز إلا لمطامعه الإستغلالية ، ولايهمه تبديل العملاء او لفظهم حتى وإن تفانوا في خدمة مخططاته الجهنمية.
( يتبع )
بقلم : حميد حلمي زادة
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق